< عبد الجبار سعد
"المؤمنون يقوم بذمتهم أدناهم وهم يد على ما سواهم "
قاعدة شرعية وضع أسسها الذي أرسله الله بالرسالة الخاتمة وجعله رجمة للعالمين. . وبموجب هذه القاعدة فإن أي مؤمن بل أي مسلم في مجتمع إسلامي بغض النظر عن كونه عريقا في الإسلام أو جديدا عليه أو كونه رجلا أوامرأة أو غنيا أو فقيرا. . المهم أنه مسلم في مجتمع إسلامي وفي دولة مسلمة فإن من حقه أن يُدخِل في جواره وفي أمنه وفي عهدته والتزامه ورعايته وذمته أي إنسان غير مسلم. . ويقول للمسلمين أجمعين ولدولته المسلمة أنا قد أدخلت هذا الإنسان غير المسلم في جواري فيكون على جميع أهل الإسلام أن يحترموا هذا الجوار ويعظموه ويحفظوا ذمة أخيهم تجاه من أجاره من غير المسلمين ولا يخفرون هذه الذمة. .
هذه هي أبسط حقوق المواطنة في الإسلام. . وعمليا فإن من يدخل في جوار امرأة أو رجل مسلم يكون قد دخل في جوار أكثر من مليار ونصف مسلم على وجه الأرض لو فرض أن نظام دولتهم الإسلامية قائما كدولة واحدة كما كان في عهود الخلافة الإسلامية الزاهية. .
وعلى هذا القياس فإن الدولة المسلمة التي تمنح لأحد من رعايا الدول المسلمة أوغير المسلمة إذنا بالدخول إليها وفقا لأعراف ونظم متعارف عليها بين البشر في العصر الحاضر ووفقا لمبدأ المعاملة بالمثل إنما تؤكد مع ذلك التزامها تجاه هذه الحقيقة التي شرعها ديننا الإسلامي لها ولا تخالفه باعتبارها قد أدخلته في جوارها وفقا لشريعتها قبل أن يكون وفاء بالتزام عام تشارك فيه غير ها من الدول فحين تمنح الإذن بناء على ذلك فقدأصبح رعاياها أجمعون ملزمون بحفظ دم وعرض ومال هذا القادم من خارج دولتهم والممنوح إذنا بالدخول إلى بلادهم. . ويعتبر شرعا وقانونا بل وعرفا ومروءة فوق ذلك أن من تجرأ فاعتدى عليه فقد خفر كمسلم ذمة الله ورسوله وذمة المسلمين أجمعين بفعلته تلك. . فوق انه تجرد من عروبته ومروءته ورجولته كإنسان.
بناء على هذه الحقائق. . فإن ظهور مخالفات لهذه الحقيقة في الأحوال العادية في مجتمع مسلم. . لايمكن أن يكون صادرا عن مسلم يعرف إسلامه ويحترم دينه وقيمه. . تحت كل التبريرات و الظروف والملابسات. .
ويبقى بعد ذلك من يمكن أن يفعلها. . وما الذي يهدف إليه من يفعلها من بفعلته تلك. . ؟؟
إذا نظرنا إلى الحالة القائمة في العالم الإسلامي وفي العالم. . نلاحظ أن القوى المعادية للإسلام والمسلمين. . قد استيأست من الوصول إلى مراميها العدائية في مجتمعات المسلمين بدون إثارة الفتن والصراعات بين المسلمين أنفسهم هذا في جانب وفي جانب آخر فإن الغيرة الإيمانية من شباب المسلمين والمسلمين عموما هذه الغيرة التي تزداد قوة في مجتمعات المسلمين كرد فعل لما يعانيه المسلمون من قهر القوى الاستكبارية العظمى. . بقيادة أمريكا وإسرائيل وما يعانيه شعب فلسطين والعراق ولبنان وسوريا وتركيا وأفغانستان والصومال والسودان وباكستان ومصر واليمن وبقية شعوب المسلمين من تآمرهما و محاولة تدمير لوحدة هذه البلدان الاجتماعية واستقرارها العام وإثارة الفتن والصراعات بينها. .
أجل إن كل هذا يستفز حمية كل مؤمن. .
وهنا تبدأ محاولات تأطير وتأليب هذه المجاميع الثائرة لكرامتها ولدينها ولأمتها من شباب المسلمين داخل كل بلد. . فلا يكون التأليب كله موفقا ومشروعا بل تنهض قوى الكفر والضلال العالمي. . من خلال وسائل المكر والتآمر والنشاط الاستخباري وبواسطة من باعوا دينهم وضمائرهم من المسلمين. . فتجند الشباب وتمولهم وتغسل عقولهم تحت كل العناوين والمسميات الخادعة وباسم الإسلام والجهاد والمقاومة وتوجههم إلى أهداف توهمهم أنها تحقق لهم انتصارا على أعدائهم فيما هي في الحقيقة تعمق من خلالهم الفتنة وتفجر الفوضى وتذهب بالسلام الاجتماعي المتبقي في أجزاء العالم المسلم. .
و بعد كل هذا تعود القوى المعادية نفسها الراعية والمشجعة لهذه الأعمال العدائية ضد بلاد الإسلام ودولها وشعوبها وفي داخل كل قطر على حدة لتستغل هذه الحوادث وتشيع من خلالها الكراهية فيمابين أبناء المسلمين وبعضهم في جانب وتجاه كل المسلمين من غيرهم من البشر في جانب آخر مع وصمهم وتوصيفهم بكل وصف إجرامي بشع والنظر إليهم باعتبارهم قتله وإرهابيين فيصبح العالم في جانب والمسلمون في جانب آخر. . ويتضاعف العداء للإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. .
هكذا نستطيع أن نفهم مايدور في عالم اليوم وبلادنا فيها من أعمال عدائية غير منضبطة باسم الإسلام والمسلمين من جانب كثير ممن ينسب زورا للإسلام والمسلمين. . ولذا فإننا نقول لأنفسنا و للجميع في بلداننا المسلمة حكاما ومحكومين سلطة ومعارضة علماء ومصلحين. . وكتاب ومفكرين إن مسئولية الجميع الوقوف بحزم وقوة ضد هذه التوجهات العدائية تحت كل ذريعة. . وإن أعظم جرم يرتكبه أحدنا هو إشاعة ثقافة الكراهية والبغضاء فيمابين المسلمين أو لا وتجاه غيرهم من بني الإنسان بغير مشروعية ثابته ثانيا. . وبعيدا عن القيم الصالحة التي يأتلف ويتفق عليها الجميع فالحق حق والباطل باطل بمقاييس التشريع وباستنباط وتقدير وترجيح العلماء والحكماء من أبناء الملة عموما وذوي العقول فيها وليس بمقاييس القلة الجاهلة والمنفلتة والواقعة أسيرة حماسها وشعاراتها الفوضوية مهما ارتفع صوتها. . وعظمت شكواهابغير روية وبغير إحكام. .
فليقم كل بدوره في هذا السياق وليتذكر قول الحق جل وعلا. .
"واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة وأعلموا أن الله شديد العقاب "