;

الوحدة ليست صنماً يعبد ولا بقرة تحُلب .. قراءة في مبادرة حزب الرابطة (2-3) 897

2008-01-23 07:35:00

عبد الفتاح البتول

القضية الثانية التي أحب التوقف عندها في مبادرة حزب الرابطة الذي طرح رؤية سياسية متكاملة حسب قولهم، القضية أو الإشكالية وفق الرؤية الرابطية تتمثل في توفر الإفتاء والتشريع والقرار والتنفيذ في رجال الدين (علماء الدين) وليست الإشكالية في الأخذ بالتشريع إذا ثبتت صحته، وبالتالي يرى حزب رابطة أبناء اليمن- رأى- أن الفصل يكون بين سلطات الدولة وعلماء الدين، وليس الفصل بين الدولة والدين ذاته، وهذا كلام صحيح ورأى صائب ولا غبار عليه، بل لا مشكلة ولا إشكالية، أما الحديث عن استقلال الدين من قبل العلماء فهذا مرفوض وغير مقبول إسلامياً وأخلاقياً المطلوب، الحفاظ على الدين حتى خلال الحفاظ على الكليات الخمس التي تحدثنا عنها في عمود الأمس، المشكلة الحقيقية في الرؤية الرابطية أن المنطلقات الفكرية والأسس الإستراتيجية غير واضحة وظاهرة بصورة جلية ونقية، فالمبادرة في جزئها الأول تتحدث عن العداء والتقاطع بين مفهوم الدولة المدنية الحديثة ومفهوم الدين السمح المعتدل، حيث يعيد حزب الرابطة تناول وتداول قضية قديمة وإشكالية غير حقيقية وعداء وهمياً، فالدولة في التصور الإسلامي مدنية لا دينية، وعلماء الدين في المقام الأول مواطنون يمارسون مواطنتهم وفق حقوق وواجبات المواطنة المتساوية، ولا تعارض بين المرجعية الدينية، للعلماء وممارستهم للنشاط السياسي أو عدم المشاركة، ومن معالم الغموض وعدم الوضوح من رؤية الرابطة إنهم يتحدثون رجال الدين وبين قوسين علماء الدين، مع عدم وجود طبقة رجال دين في الإسلام، ومع أن الرؤية والمبادرة الرابطية تتحدث عن دولة مسلمة وينطلقون من ثقافة إسلامية يعلمون جيداً أنها لا تعترف بوجود رجال الدين وإنما علماء دين وشرع وفقه، وعلى كل حال فإن الرابطيين مشكورون على هذه الرؤية وهذا الطرح مهما اختلفنا أو اتفقنا ومن وجوه الاتفاق التأكيد على نبذ التطرف الديني والتعصب المذهبي، وإن أي محاولة لخلق وتنمية التعصب المذهبي من أي طرف هي محاولة مذمومة وتقود إلى التطرف حسب ما ورد في قيادة حزب الرابطة والتي تؤكد على أن رفض ومحاربة التطرف أياً كان وفي أي اتجاه وفي أي منهج وسيكون التطرف باسم الدين أو ضد الدين، وهذا أحق فالتطرف اللا ديني لا يقل خطورة عن التطرف الديني إن لم يكن أخطر، وكل تطرف يقابله تطرف مضاد وهذه مقولة صائبة وكلمة حق، أرادت بها الرابطة أشياء أخرى ومنها الحديث عن الدولة الموحدة المركبة، والدولة الموحدة البسيطة، حيث اعتبر حزب الرابطة أن عدم الأخذ بنظام الدولة المركبة في بلادنا هو شكل من أشكال التطرف، سيؤدي حتماً إلى تعاظم وتنامي التطرف المضاد الانقسامي؟!!

الذي ومهما تراءى لنا ضعفه الآن فإنه كالنار تحت الرماد، حسب ما ورد في رؤية حزب الرابطة وفيه تنزيل منهجي وفكري للواقع السياسي، وتبرير لأصحاب الدعوات الانفصالية والانقسامية، باعتبارها أعمال تطرف مضاد لتطرف الدولة المركزية، ويؤكد هذا التحليل والتفسير أن الرؤية بعد هذا مباشرة تتحدث عن أن عامل القوة العسكرية والأمنية والمالية والدعائية أو العاطفية لترسيخ وتجذير أي ثابت من الثوابت ومنها الوحدة يعتبر مخاطرة ومغامرة ومقامرة، ولا يمكن أن تقود إلا إلى الخسارة الكلية على كل المستويات وهذا في غاية من الخطورة والخلط والتطرف حيث يتم الحديث عن المستجدات التي تشهدها المحافظات الجنوبية بصورة فكرية ورؤية إستراتيجية الأصل إنها تتحدث عن قضايا إستراتيجية لا تكتيكية وفكرية لا جزئية، صحيح أن هناك تطرف وتصرف غير مسؤول على المستوى المركزي للدولة لكن هذا لا يبرز أي محاولات للانقسام والانفصال، فمواجهة ذلك يكون بالمطالبة باللامركزية وصلاحيات واسعة للسلطات المحلية، والحقيقة أن مثل هذه الرؤى المتناقضة لدى الرابطة فمن ناحية ترى طرحاً وخطاباً وطنياً وأفكاراً إصلاحية شاملة وحقيقية ومن جانب تظهر أطروحات غير وحدية وخطاب انقسامي واتجاه انفصالي ومن ذلك على سبيل المثال الحديث عن أن التقسيم الإداري الحالي يقسم اليمن إلى وحدات إدارية صغيرة أي المحافظات والمطلوب حسب طرح الرابطة أن يتم تقسيم الجمهورية إلى وحدات حكم محلي رئيسية تسمى مخاليف أو مناطق أو مقاطعات وكل منها يقسم إلى محافظات ثم مديريات..!! وذلك على النحو الذي سنبينه ونرد عليه في عمود غد بمشيئة الله عز وجل.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد