صالح عوض
لم ينم اهل مدينة رفح الحدودية ..فلقد كان دوي الانفجارات بعد منتصف الليل يعصف بالحدود بين مصر وفلسطين..ولم ينبلج صبح هذا اليوم الا وعشرات الاف الفلسطينيين المحاصرين ييممون وجوههم شطر مصر ..لقد انهارت الحدود ..الناس يكبرون ويهللون كانه يوم عيد النحر..الوجوه متهللة فرحة والناس يهنئون بعضهم ..فهاهم يدخلون الحليب لأبنائهم واكياس الدقيق الذي شهد ثمنه في الايام الاخيرة اررتفاعا جنونيا حيث بلغ ثمن الخمسين كيلو دقيق ستين دولارا..فيما بلغت انبوبة الغاز المتوسطة عشرين دولارا..ادخل الناس منذ ساعات الصباح المواشي حيث انقطعت اللحوم بعد عيد الاضحى وادخلوا الاسمنت الذي انقطع منذ اشهر عديدة..ادخل السائقون بترولا لسياراتهم يكفيهم اياما طويلة..مدينة رفح الحدودية غصت باهل القطاع الذين زحفوا اليها منذ الصباح الباكر..
وقف الجنود المصريون امام ارادة الحياة التي دفعت بالفلسطينيين الى تفجير الحدود وقفوا رافضين اطلاق النار حتى ولو في الهواء لارعاب الفلسطينيين..قال احد الضباط لجندي : اضرب رصاص..فرد عليه الجندي: اضرب على مين يابيه!! لن اضرب..اجل ان العقيدة العسكرية والشرف العسكري لجيش مصر كنانة الله لايمكن ان يلتاث بدم المساكين المحاصرين المظلومين من اخوانهم اهل غزة..فلقد طال غضب النسوة الفلسطينيات المحتجات على المعبر بعض الجنود بان اعتدى بعضهن عليهم الا انهم كانوا يناون بأنفسهم عن الحاق أي اذى بهن.
فكرة واحدة منذ الفجر السعيد حتى الان تنتصب امامي..انها الوحدة ورفض التجزئة..وان كل ماصنعه الاستعمار من تقسيم ديار العرب والمسلمين لاقيمة له في حس الشعوب والأمة..فعند الملمات لاتبقى حدود ولا تبقى اعتبارات الا اعتبار الاخوة والنصرة..
بلاشك كان الغضب و الضغط العربي الشامل في بلاد العرب والاسلام هو الذي صنع المناخ لمثل هذه الوثبة الروحية الهائلة ومن هنا بالضبط ينبغي ان يدرك المثقفون والمفكرون والساسة كم لديهم من قوة لو احسنوا مخاطبة شعوبهم والاعتماد على قوتها..
اننا ننتظر الان وقفة عربية رسمية تقف مع مصر باسناد حقيقي لكسر الحصار عن اهل غزة وفتح المعابر وامداد اهل غزة باحتياجاتهم التي تبقيهم على قيد الحياة مرابطين..ان الذي حدث هو لغة الشعوب والآن نريد اجراءات المسئولين..نريد موقفاً عربياً يتصدى للضغط الامريكي على مصر نريد موقفاً عربياً معنوياً ومادياً يقول للجميع ان قرار الغاء الحاجز الحديدي بين فلسطين ومصر انما هو قرار عربي مشترك.
كم من السعادة تغمر القلب ونحن هنا في قلب الحصار تصلنا صرخات اهلنا في وطننا العربي وعالمنا الاسلامي..كم نبكي من فرح لهذه النخوة وهذه الأصالة ونحس هنا اننا اكبر من السجن والسجان فالشكر لله ثم للأمة.