طارق القيزاني
من المؤكد أن أغلب سكان قطاع غزة قد سلكوا جميعا طريقا واحدة فى اليومين الماضيين باتجاه المعبر الحدودى مع مصر، وذلك بعد نجاح المقاومين فى فتح ثغرة من الجدار الفاصل ما مكن الآلاف من الفلسطينيين من التدفق على مدينتى رفح والعريش المصريتين بعد ثمانية أيام من الحصار.
صحيح أن صمود الفلسطينيين طوال هذه الفترة ضد الآلة العسكرية الصهيونية وضد الحصار الجائر وما رافقه من قطع متعمد لكل الامدادات الحيوية لا يعتبر أمرا جديدا أمام الرأى العام الدولى فقد اعتاد الفلسطينيون على تدبر امورهم ومواجهة مصيرهم بأنفسهم برغم التواطؤ الغربى والصمت العربي. ولكن الجديد هذه المرة أن رد الفعل الفلسطينى يمكن أن يخرج عن كل التوقعات والحسابات التى تخطر على بال الصهاينة والمتواطئين.
لقد أثبت الفلسطينى فى قطاع غزة بمختلف انتماءاته انه لا يساوم فى عقيدته وكرامته وحقه فى البقاء. فقد سبق أن أصيب العالم بالدهشة عندما حاول شارون سنة 2000 اقتحام المسجد الأقصى والنتيجة كانت انتفاضة الروح والدم من أجل العقيدة وحرمة المقدسات. واليوم تحاول اسرائيل أن تضرب حصار الجوع والحياة على الفلسطينيين فى تجربة منسوخة عن تكتيك الغزاة فى العصور الوسطى، ولكن عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن حق البقاء والوجود فان لا شيء يمكن ان يقف حائلا امام ارادة الحياة، والنتيجة التى أفرزها هذا الحصار على الشعب الفلسطينى كانت "انتفاضة الجوعى" التى لم يتوقعها العدو الصهيونى ليثبت مرة اخرى أن لاشيء يمكن ان يكسر ارادة الفلسطينيين.
بقى أن نشير الى أنه بقدر ما كان الأمن المصرى متسامحا ازاء تدفق الفلسطينيين الجياع لأسباب انسانية، فإن الخشية أن لا يتحول هذا الجوع القادم من قطاع غزة الى فرصة ذهبية للربح الفاحش فى الأسواق المصرية!