عبد الوارث النجري
أثناء مروري في إحدى شوارع مدينة إب لفت انتباهي إعلان على ورقة قماشية مضمونه (أنه في إطار الجهود التي تقوم بها اللجنة الشعبية لمتابعة تنفيذ برنامج فخامة رئيس الجمهورية الانتخابي يعلن معهد (........) للكمبيوتر واللغات إقامة العديد من الدورات في مجال اللغة والكمبيوتر، الأمر الذي دفعني للتساؤل حول علاقة البرنامج الانتخابي للأخ الرئيس باللجنة الشعبية وكذا علاقة اللجنة الشعبية بالمعهد ودوراته التدريبية؟! الأمر إن كان بسيطاً وأسلوب فني جديد في طريقة الإعلان وجذب انتباه القارئ، إلا أنه ينطوي في إطار سلوك سيء ظهر هذه الأيام بشكل غير عادي ويلجأ إليه مجموعة من الأشخاص لغرض تحقيق أطماع ومصالح شخصية بحته بطرق ملتوية وغير شرعية، ففي الوقت الذي نشاهد فيه الإعلانات والدعايات، والتفنن في جذب المشاهد والقارئ والمستهلك من خلال أسلوب صناعة تلك الإعلانات وسعي العديد من الشركات والمؤسسات المنتجة وغيرها لإظهار نجوم رياضة وفن عالميين في إعلاناتهم باتفاق مسبق ومدفوع ثمنه، نلاحظ أن طريقة الإعلان والتفنن في صناعته ببلادنا لا تحتاج إلى الموافقة المسبقة لأي شخص أو جهة قبل استغلاله لأي إعلان فالجميع يعمل بشعار (ما بدى بدينا عليه) سواء في رسم السياسات والخطط المستقبلية أو في مواكبة العولمة والتطور وكل ما هو جديد حتى ولو كان الشخص الذي وللأسف يسعى البعض لاستغلاله أبشع وأسوأ استغلال لتحقيق أهدافه ونواياه ومصالحه هو الرجل الأول في البلاد رئيس الجمهورية، وهو ليس من مخيلة كاتب هذا المقال فقط حاشا لله، بل يلمسه الجميع في الكثير من الأماكن واللقاءات والاجتماعات وعقد الصفقات...إلخ، فهناك تجده يحاول جاهداً وبشتى الطرق لمقابلة الشيخ فلان أو الوزير فلان أو المحافظ فلان وأخذ صورة فوتوغرافية معه ليس للذكر، بل لتأخذ الصورة حيزاً معيناً من جدار منزله وبالذات مقيله أو صالة الاستقبال كي يراها الزائر له ويتساءل عن تاريخ الصورة وعلاقة صديقه بهذا المسؤول أو الشيخ أو غيره، والذي بدوره يبدأ في تأليف القصص والمواقف والبطولات التي جمعته بصديقه المسؤول هذا أو الشيخ قبل أن تجمعهما الصورة، فهناك بعض الناس عند زيارتك له في مقيله تجد مجموعة من جيرانه أو أهالي منطقته وهو يأخذ تليفونه السيار ويبدأ بالتمثيل عليهم بالاتصال للوزير الفلاني أو الشيخ الفلاني، بل إن كثير منهم وبعد (أن يقرح الكيف للقات) يتجاوز الجميع ويبدأ بالاتصال برئيس الجمهورية من خلال تمثيلية مفضوحة يجهلها للأسف من حوله والهدف من ذلك كله هو المحاولة اليائسة لإقناع من يريد ابتزازهم أو استغلالهم بأهميته لدى البعض من هؤلاء تجده يلجأ على مثل تلك الأساليب والطرق السيئة جراء حالة نفسية يعاني منها كالشعور بالنقص وهكذا، فالبعض يمارس ذلك من خلال الصورة والبعض الآخر من خلال الحديث والاتصالات وغيرها، وثالث تراه يمارسها عبر المنصب الحكومي الذي يتربعه حتى لو كان مجرد مختص أو مدير إدارة والكل تجمعهم المصلحة الشخصية الضيقة والابتزاز وتضليل السذج من الناس، هناك مسؤولون فاسدون حتى النخاع يمارسون تلك الطرق والأساليب لمزيد من المخالفات والتجاوزات واستغلال ذلك المنصب الحكومي أبشع الاستغلال.
أيضاً هناك مسؤولون يسعون لاستغلال بعض كبار المسؤولين في الدولة، كون ذلك المسؤول من أبناء منطقته ويعمل جاهداً لتحقيق المزيد والمزيد من المصالح الشخصية عبر كل القنوات والطرق والأساليب سواء كانت مخالفة أو غير مخالفة باسم هذا المسؤول الكبير المحسوب على منطقته "كي يتم طرحه" وأنه مدعوم من قبله وهو من كان وراء تعيينه في موقعه الوظيفي، مثل هؤلاء بلا شك مصابون بهوس وحالات نفسية فالناس جميعهم سواء أمام الدستور والقانون وكل شخص مسؤول إن كان فاسد يمثل نفسه ويتحمل نتائج مخالفاته، بل على العكس فمن يسعى لمثل تلك الطرق يسيء بشكل مباشر أو غير مباشر بسمعة شخصية ذلك المسؤول أو الشخصية الاعتبارية.
