;

حروب الأديان وأفواه الحمقى 844

2008-03-05 11:28:23

د. رنا خالد

يبدو أن حادثة تطاول الصحف الدنماركية بنشر الرسوم المسيئة لشخص الرسول العظيم محمد صلى الله عليه وسلم هو في الواقع صار ظاهرة أو انه صار يتبلور بشكل ظاهرة فبعد إعادة الصحف الدنماركية التطاول على الإسلام ورموزه العظام أمام صمت وتبلد مقصود أو مزمن من قبل الشخصيات والحكومات الإسلامية ها نحن اليوم نصل إلى منحدر جديد في هذا الصراع المبهم الذي عنوانه العريض صراع الحضارات والأديان.

وأحداثه عبارة عن أقوال لحمقى لا يفقهون شيئا مما يتفوهون به أو أنهم قاصدون أعماهم الغرور ليعلنوا حربا من الممكن أن تحرق فان حريقها سيأكل أخضرهم قبل يابسنا. الواقع أن ظاهرة التطاول على الإسلام هو خطأ فادح أخذ بعض المفكرين والسياسيين الغربيين التمسك فيه وإعلانه عاكسين بذلك عقلياتهم العنصرية وحماقتهم الفكرية المدعية للحرية وحقوق الإنسان.

الرئيس الأميركي كان في مقدمة من افتتح مهرجان الأفواه الحمقاء بإعلان أن الولايات المتحدة تقود حربا صليبية ضد الإرهاب وهي كلمة مرادفة عند الرأي العام الأميركي لكلمة الإسلام. ومن الرئيس بوش وانتهاء بوزير الداخلية الألماني الذي دعا الصحف الأوروبية وليس الألمانية فحسب إلى نشر الرسوم المسيئة للرسول. وبين التصريحات الحمقى نجد تلك الظاهرة الإساءة للإسلام باتت تأخذ أشكالا متعددة من رسوم تمس شخص الرسول العظيم إلى أفلام تمس الإسلام والتقاليد الإسلامية. بالمقابل ما هو موقف الشعوب وقادة الرأي والسياسة والدين في أمتنا العربية أو الإسلامية وما هو ردنا ؟ ما هي الإجراءات التي اتخذناها لكي نفهم الطرف الآخر أن تلك التصرفات والتصريحات من الممكن أن تقود جميع الأديان إلى صراع دام وحرب مباشرة ضروس استنادا إلى مبدأ أن استباحة دين سماوي سيقود إلى أن تتبادل الأديان جميعها الاستباحة والقذف والشتم وصولا إلى الانتقام المتبادل. .

الواقع أننا تعاملنا مع هذه الظاهرة مثلما تعاملنا مع تاريخ طويل من تطاول الغرب على حرماتنا وأراضينا وثرواتنا المبدأ ذاته والطريقة ذاتها التي تقود إلى نهاية مغلقة تلك التي دائماً نصل إليها في قضايانا مع الغرب.

فعندما نشرت الصحيفة الدنماركية أول مرة الرسوم المسيئة لنبينا العظيم قامت الدنيا في الشارع العربي الذي خرج مستنكرا وناقما وكذا في العواصم الإسلامية بل وحتى مسلمي أوروبا وخرجت الصيحات لمقاطعة المنتجات الدنماركية بل وصببنا غضبنا على الجبنة والزبدة الدنماركية فحرقناها ودسنا عليها في الشوارع.

وتبارى الخطباء والدعاة ورجال الدين للرد على هذه الإساءة وهددوا وتوعدوا، علما أننا لم نسمع أو نقرأ عن تصريح أو رسالة تذكر من تلك التنظيمات الإسلامية قاعدية كانت أم حامضية. ثم توقف السجال عندما أعلنت الحكومة الدنماركية والجريدة اعتذارها عن تلك الحادثة التي اعتبرتها غير مقصودة وما كاد حبر الاعتذار أن يجف حتى خرج البابا بندكيت 16 ليتطاول على الإسلام ويصفه بأنه دين لا يستند على المنطق وان النبي محمد (عليه الصلاة والسلام ) استخدم العنف والقوة في نشر الإسلام وغيره من الهرطقيات. .

ومثلما فعلنا أول مرة كررنا الفعل ذاته (استنكار واستهجان). الواقع أننا صرنا وسط دائرة من الإساءة المتعمدة للإسلام وتحولت الأمور إلى ظاهرة ولم تعد مجرد أخطاء مطبعية أو لفظية أو كلام من أفواه الحمقى، إنها عملية متعمدة وتكتيك محكم يأتي في إطار استراتيجية كبرى تهدف إلى تحقيق مطلبين: الأول هو استباحة الدين الإسلامي واستسهال عملية التطاول عليه ليس فقط أمام الرأي العام العالمي بل وحتى الرأي العام الإسلامي ذاته.

الثاني: التمهيد لحرب بين الأديان حيث تترصد كل طائفة أو دين الأخرى بنفس الأسلوب ونفس الوتيرة في إطار فوضى وتلاش للحدود والمسلمات والمحرمات التي تتمسك بها الشعوب ويدور الجميع في دوامة من الانتقام الذي لن يحقق إلا مصالح الأقوى.

وعليه وبناء على ما سبق فان ما يبدو بأنه مجرد كلمات من أفواه الحمقى يتطاولون بها على الإسلام يجب أن يكون هناك موقف فكري إسلامي وموقف فعلي سياسي لوضع حدود وردود وعقوبات تحرم على العالم غربيا أو شرقيا أن يتطاول على الإسلام منطلقين ليس فقط من منطلق فردي بل من أساس أن جميع الأديان تمثل مناطق محرمة لا يجوز المساس بها وان حرية الفكر والنشر يجب أن تتوقف عند حدود الأديان.

حيث أن هناك فرقا كبيرا بين الحرية الفكرية البناءة وحرية الحمقى. لان الأولى تنطلق من مبدأ البحث والتساؤل والمنطق والتفكير الايجابي المحايد الذي لو فعله الغرب فعلا ولو تحقق فعلا لدى العلماء والأدباء والمفكرين الغربيين لصار الغرب كله مسلماً. أما الثاني فانه حرية الحمقى وهو لا يقود إلا للكوارث ولن ينفع أوروبا أو الغرب عموما بل انه يكرس ثقافة العنصرية ونزعة التطرف وفكر الصراع بين الأديان والحضارات.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد