أحمد فايز القدوة
كثيرا ما يهاجم قادة الاحتلال "الصهيوني" بلهجة تصعيدية عمليات إطلاق "القاذفات الصاروخية" الفلسطينية، مهددين بإعلان الحرب على المسؤولين عنها، وبمحو أحياء فى "غزة" مقابل سلامة "إسديروت"، داعين إلى هجوم واسع يُنهى وجود سلطة "حماس" وهذا هو السيناريو المجهول الذى بدأت حقيقته تطفو فوق السطح منذ حسم "حماس" العسكرى قبل ثمانية أشهر.
وإثر صعود حركة "حماس" إلى بوابة الانتخابات التشريعية ودخولها عالم السلطة من أوسع أبوابه عبر فوزها الكبير نتيجة أصوات "الشعب" التى أيدت سابقاً برنامج "أبو مازن" الرئاسى الداعي إلى الحلول السلمية ولاحقاً أيدت برنامج "حماس" الانتخابى الداعي إلى المقاومة.
وبتشكيل حكومة"حماس" الأولى انطلق الإنذار الأول فى ناقوس الخطر بدءًا بالعجز الواضح فى إدارة الأزمات التى وصفها البعض بأنها "فوضى خلاقة" تريدها الولايات المتحدة الأمريكية فى المنطقة، فى حين يرى البعض الأخر أن المنطقة تدخل حالة غيبوبة لعدم وجود حالة توافقية بين الأفكار الحاكمة "صراع الرئاسة والحكومة" وقلة كانوا يرون أن الأجندات الخارجية هي المسيطرة على صنع القرار الداخلي!.
وبالنسبة لحركة "حماس" فإنها أصبحت تدرك الخطر الصهيوني الذى ينتظرها بعد تسلمها رئاسة الحكومة وبعد أن بدأت حكومة الاحتلال بممارسة الحصار واختطاف نواب المجلس التشريعى عن "كتلة الإصلاح والتغيير" والاغتيالات فى صفوف القادة الميدانيين لجناحها العسكرى كتائب عز الدين القسام.
وقد أظهرت هذه العوامل على السطح بوادر تنذر بقرب موعد الحسم بين "حماس" و"الكيان الصهيوني" لأن الأخير لم ينس مقاومة "غزة" التى أدت إلى "فك الارتباط".
وحالياً مع استغلال حكومة "أولمرت" لوجود "حماس" فى غزة، المنبع الرئيسى للمقاومة. وهو ما اعتبرته وزيرة خارجية الاحتلال "تسيبى ليفني" عائقاً أمام قيام الدولة الفلسطينية! فقد أصبح البحث عن وسيلة للتخلص من هذا العائق ضرورة يستغلها الصهاينة للترويج الى أنّ صاروخ "غزة" عبارة عن صاروخ ذو رأس نووي يهدّد المنطقة بأكملها.. ويذكر قبل حوالى عام من رحيل الرئيس "ياسر عرفات" كانت هناك خطّة من الاحتلال تهدف للقضاء على عسكرة "حماس" لارتفاع نسبة العمليات الاستشهادية حينها، إلا أن هذا الأمر باء بالفشل بعد تحويل الاهتمام إلى تشديد الحصار على الرئيس الشهيد فى المقاطعة.
وبعد حسم "حماس" كان مشروع المقاومة الفلسطينية الذى تتبناه قد دخل حالة ركود إثر تحول الأهميّات لدى قادتها لكثرة حاجيات السلطة الجديدة.
وجاءت تصريحات معلنة منهما تدعو إلى إعادة النظر فى استراتيجية "المقاومة" فتركز العمل على إطلاق الصواريخ "محلية الصنع" والدفاع عن الأرض التي تتوغل فيها دبابات العدو الصهيوني. إلا أن عملية "ديمونا" الأخيرة قد غيرت المعادلة بعد اشتداد حصار "غزة".
وبالنسبة للجدل القائم بين تخيير "حماس" لأولمرت أو العكس بين الحوار وإسقاط بعضهما وكسب المعركة الخطابية أولاً لصالح واحد منهما فهو يبقى رهين نجاح أو فشل الخطة الصهيونية الرامية إلى النيل من مقاومة "حماس" فى غزة.
فعملية إسقاط "حماس" تبقى رهينة بقوة مقاومة الشعب الفلسطينى المحاصر للاجتياح الواسع المؤقت أو طويل الأمد! فالحالة تشير إلى نية مبيتة لحكومة "أولمرت" الإطاحة بقادتها عبر اغتيالهم أو أسرهم أو نفيهم..