ممدوح طه
مسؤولية الدول والحكومات كما هي واجب الشعوب والمنظمات تجاه القضايا السياسية، ليست سياسية فقط بل إنسانية أيضا، والقيمة والقوة الحقيقية للدول كما للجيوش، ليست في القدرة العسكرية على اغتصاب أرض الغير ولا بتدمير بنيته الأساسية لقطع الماء والكهرباء، أو بارتكاب جرائم العقاب الجماعي بمنع الغذاء والدواء عن المدنيين، ولا بارتكاب الجرائم اللاإنسانية بقتل الأطفال والنساء والشيوخ.
ولا بالقدرة الجوية على نسف المنازل على سكانها الأبرياء الآمنين، ولا في القدرة الإعلامية، بغياب الضمير الإنساني والالتزام الأخلاقي، على تضليل الناس وقلب الحقائق وترويج المبررات العدوانية، وتسويغ التخاذل عن التصدي للظالمين ونصرة المظلومين، ولوم الضحايا ومكافأة أو مهادنة قتلة الشعوب.. بل تبقى القيمة الحقيقية والمسؤولية الأساسية لأي معركة سياسية أو إعلامية أو عسكرية، هي القيمة الإنسانية والمسؤولية الأخلاقية التي هي أساس المشروعية السياسية والعسكرية والإعلامية.
حضور الضمير الإنساني لدى الطبقة السياسية الحاكمة في العالم قبل حضور القانون الدولي، هو مصدر الإلزام الأخلاقي لدى الدول والحكومات، ومنبع سلامة العقل والقلب معا وبالتالي مبعث المسؤولية السياسية، والمشروعية العسكرية، والمصداقية الإعلامية، وغياب الضمير الإنساني لدى بعض المسؤولين السياسيين والعسكريين والإعلاميين، هو الذي يقف وراء معظم الشرور، سواء بالقرار السياسي المدان بشن الحروب العدوانية غير المشروعة، أو بالأداء العسكري الإجرامي للمعتدين ضد المدنيين، أو بالتبرير الإعلامي للعدوان، وتبرئة المعتدين وتحميل الضحايا المعتدى عليهم مسؤولية القتلة، وإعطاء حق الرد والدفاع عن النفس للمعتدين فقط وليس للمعتدى عليهم أيضا، وأخيرا وقوع كل هؤلاء في مخالفة المواثيق والقوانين الدولية التي تجرم الاحتلال وتؤكد الاستقلال، بتجريم المقاومة الوطنية المشروعة للشعوب ضد الاحتلال العدواني.
فإلى أي مدى حضر الضمير الإنساني لدى الطبقة السياسية الحاكمة بأدواتها الإعلامية، إزاء المحرقة الصهيونية الإجرامية والعمليات العسكرية العدوانية على غزة الفلسطينية في العالم العربي وفي العالم الغربي؟ ضمير الآنسة رايس المعبرة عن ضمير السيد بوش، والتي قبل وزراء خارجية 17 دولة عربية بها رئيسة لمؤتمرهم في آنابوليس الأميركية، وسياسة الإدارة المتصهينة المتحكمة في واشنطن تجاه القضايا العربية والإسلامية، واضحة على الوجه السياسي الأميركي بشكل كالح، استمرارا لسجل أميركي أسود في فلسطين والعراق والصومال وأفغانستان ولبنان ضد «الحرية» التي تدعيها، و«الديمقراطية» التي تناقضها، و«حقوق الإنسان» التي تغطى بها حروبها العدوانية ضد حقوق الشعوب الإنسانية في الحرية والديمقراطية، ومنعكسة على السلوك اللاأخلاقي واللاإنساني للعسكرية الأميركية في أبو غريب أو غوانتانامو أو في باجرام الأفغانية،
أوفي السجون السرية الأوروبية للدور السياسي الأميركي، سواء في دعم العدوان الصهيوني وتبريره وحمايته من الإدانة في مجلس الأمن، أو تحميل الشعب الفلسطيني المقاوم للاحتلال الصهيوني في شهادة زور على القيم الأميركية وعلى ضمير الشعب الأميركي.
وقد أوضح تقرير للجزيرة من جنيف صورة لمواقف الضمير الإنساني والعربي والغربي، إزاء الأوضاع اللاإنسانية بسبب العدوان الإسرائيلي الجاري في غزة تحت شعار صهيوني يهدد بمحرقة في غزة، مما ألقى بظلاله على مناقشات الجلسة الافتتاحية للدورة السنوية