;

هذا هو ديننا الإسلامي الحنيف الذي يدعو إلى حب الوطن وصلاح المواطن .. (الحلقة الأخيرة) 893

2008-03-13 09:20:34

سراج الدين اليماني

قد قدمنا في الحلقة السابقة أن النبي عمد إلى الأمة العربية الضائعة، وإلى أناس من غيرها وما لبث العالم أن رأى من هذه الأمة العربية ومن الأحباش والفرس نوابغاً كانوا أعجوبة من عجائب الدهر وخلد لهم التاريخ أسمائهم وأعمالهم وذكرنا عمر بن الخطاب من بين هؤلاء.

وكذلك خالد بن الوليد - رضي الله عنهما- يلمع سيفاً إلهيا، لا يقوم له شيء إلا حصده، وينزل كصاعقة على الروم، ويترك له ذكراً خالداً في التاريخ! وهذا أبو عبيدة عامر بن الجراح -رضي الله عنه- يطرد هرقل عظيم الروم من ربوع الشام الحبيب التي بنى عليها النبي آمالاً وجعلها محط الأنظار ونقطة الرجوع بالناس إلى ربهم وهي أساس الأخلاق فإذا فسدت أخلاق ساكنيها فلا خير في الناس وإنها أرض الكرامة والمحشر ولا يغرنك ما يحصل فيها من إرهاصات وإنما هي تقدمه لنهاية المقدمة وعودة الناس إلى حيث بدأوا.

هذا عمر بن العاص - رضي الله عنه- يفتح مصر ويقوم الدين ويسود فيها العدل.

وهذا سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه- يتقلد مفاتيح المدائن، وينيط باسمه فتح العراق وإيران ولهذا تكفره الرافضة والإثنى عشرية من الشيعة الصفوية والفارسية وهذا هو سلمان سابق الفرس وخرج باحثاً عن الحقيقة فوفق للاهتداء إليها بعد قطع الفيافي والقفار ولأن الله أعطاه قوة وعزيمة وسكينة وعقلاً سليماً ينفي خبث الخرافات والخزعبلات في مناهج أسلافه من أهله وناسه فأصر على أن الذي يتلقاه ليس فيه بصيص أمل بالحق الذي تعلمه من الرهبان الذين عرفوه بالقول عن الدين الحق وعن النبي الذي سيأتي آخر الزمان فبعد ذلك اعتنقه عن رضى تام.

وهذا بلال الحبشي -رضي الله عنه- سابق الحبش حتى أصبح أميناً عاماً للنبي - عليه الصلاة والسلام- والذي وكل إليه مهمات لم يوكل بها إلى من هو أخير منه قدراً وأعظم منه نسباً وأصبح المؤذن الخاص في حياة النبي - وعند موت النبي انقطع عن التأذين وهاجر إلى الشام حتى لا يرى الأرض التي كانت تحمل على ترابها ذلك العظيم زعيم الإنسانية وقدوتها فلا يتمالك نفسه فيجهش بالبكاء حتى يرتمي على الأرض، وهذا صهيب الرومي - رضي الله عنه- سابق الروم وترك تلك الحضارة التي عرف صهيب أنها لا محالة زائلة وفانية وذهب إلى الذين رؤوسهم شعثه وثيابهم وسخة ومرقعة بعضها بالخيوط وبعضها بالشوك وأخلد إليهم وحل ترحاله بين أوساطهم فكان قدوة لأصحابه من الروم الذين بعد ذلك دخلوا في دين الله عز وجل، وهؤلاء صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الذين ورد فضلهم في الكتاب والسنة أبر قلوباً، وأعمق علماً، وأقله تكلفاً، يتكلمون فينصت الزمان، ويعملون فيسجل التاريخ، ويمتد بهم الوطن الإسلامي شرقاً وغرباً، وشمالاً وجنوباً!

لقد وضع الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مفتاح النبوة على قفل الطبيعة البشرية، فانفتح ما فيها من كنوز وعجائب، وقوى ومواهب، وأصاب الجاهلية والعنصرية والقبلية في مقتلها وصميمها فأحمى رميته، وأرغم العالم العنيد بحول الله على أن ينحوا نحواً جديداً، ويفتح عهداً سعيداً، ذلك هو العهد الإسلامي الذي لا يزال غرة في جبين التاريخ! وهنا نرى الدنيا قد هانت حين عزت العقيدة، ونرى الإنسانية العالمية المثالية حين كبر المقصد، ونرى الأخوة الوطنية المعتصمة بحبل الله، والوطن الذي يحتكم فيه المواطنون إلى شرع الله، حين سمت الغاية ، وأنه لا قيمة للوطن ولا للمواطن بدون الإيمان، فالحياة إذا خلت من الإيمان الحق ذل وصُغار، وبالتالي للوطن والمواطن كذلك ذل وصغار، وإن رسالة الإنسان فيها أن يزيل الزلل والعثار! ونرى في الوطن الإسلامي وحدة الإنسانية.. وتلك آية تحمل في طياتها آيات إنها لفتة موحية، تطوف في الأرض، وهي تذكر الألوان وتجمع بين الأحياء وغير الأحياء، وتدع القلب مأخوذاَ، وتسجل أن العلماء هم الذين يعرفون الله، ويخشونه جل شأنه! وهنا أذكر وحدة الإنسانية، حين اجتمع حول الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من خارج شبه الجزيرة كثيرون! منهم بلال الذي يعود بأصله إلى الحبشة.. إلى أفريقيا.. بلال الذي عذبه كفار قريش عند ما أعلن إسلامه وكانوا يرمونه على الصخور في وقت الحر الشديد، ويشتدون في تعذيبه فلا يزيد على أن ينطق بلسانه أحد أحد، قال فيه عمر - رضي الله عنهم أجمعين-: أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا! يعني: بلالاً.

أرأيت المجتمع المثالي الذي يضم من يعيشون فيه بغض النظر عن مكان ولادتهم وألوانهم، واجدين أو فاقدين! والشيء بالشيء يذكر أنبه إخواني من اليمنيين على أمر غدا متفشياً بينهم وهو يسيء لإخواننا الذين هاجروا من الحبشة إلينا تكبدوا عناء الطرق وتجشموا الصعاب حتى وصلوا إلينا فهل يصلح أن نجازيهم بالسخرية والامتهان وأن نذلهم وقد يقبل إخواننا هذا الوضع على مضض من العيش لأنهم لم يجدوا لقمة العيش ولا من كرمهم حتى صاروا في هذا الوضع المذل ويقبلون بالأعمال الممتهنة لكي يوفروا لقمة عيشهم فلا نكون عوناً للشيطان عليهم ولنأخذ بأيديهم إلى كل ما هو أفضل حتى يشعروا بكرم الضيافة وطيب الإقامة وبحسن التعامل ونتواضع لهم وننزل المنزل الذي نزلوه وإن الاستعلاء عليهم قد يعيدنا إلى ما كانوا هم فيه فإنهم كانوا ملوك الدنيا وجبابرتها ويوم أن استعلوا على الأمم واحتقروها صاروا إلى ما صاروا إليه، وكما قال الله تعالى في الآية التي هي ختام هذه الحلقة: (وتلك الأيام نداولها بين الناس).

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد