نبيل مصطفى مهدي
لماذا ينتفض الرأي العام في دول الغرب حين يقتل طفل ويعدونه جريمة ولا يتحرك الرأي العام في اليمن، حين تغتصب طفلة أو تقتل في وضح النهار؟ ولماذا تهتم العدالة بسرعة الفصل في ملف جريمة تهدد أمن الدولة ولا تهتم بأن تسرع بعجلة الحكم في ملف جريمة قتل بشعة لأسرة في وضح النهار.
لماذا توجد مشاعر لجريمة تستدعي سيارة الإسعاف للضحية ولا توجد نفس المشاعر لدى قاتل يرمي بجثث الضحية في الطريق أو في مكان غير إنساني؟
.. * دائماً ما تكون المقارنة بين الصور المتناقضة دليل الوصول إلى الحقيقة، فالثراء هو الذي يكشف الفقر والعلم هو الذي يفضح الجهل والعدل يشير إلى الظلم، والخيال هو الذي يؤكد الواقع.. وفي كل الأحوال فإن التضاد هو الذي يصل بنا إلى المفارقات التي لا يقبلها عقل أو منطق.
.. إن المقارنة بين ما يحدث في اليمن وما يحدث في الخارج هي التي توضح إلى أي مدى يمكن أن يعاني فيه فرد من الظلم في مجتمع، حين ينال فرد آخر المجتمع الموازي حقه.. وهذه المقارنة هي التي تكشف مدى صلاحية النظم والقواعد والأصول التي يحتكم إليها الناس في هذه المجتمعات.. هي التي تشير إلى طرق معالجة بالية وأخرى منصفة.. رغم أن الوقائع قد تبدو متشابهة.
.. المفروض أن للعدالة مقياساً واحداً في العالم.. فالحلال بيّن والحرام بيّن.. وكل الدنيا تتفق أن للقاتل عقوبة وللسارق عقوبة وللمغتصب عقوبة.. مع اختلاف نوع وشكل هذه العقوبة من بلد لآخر.. ولكن العدالة تختلف بين نقطة في العالم وبين نقطة أخرى.
وأياً كان نظام هذه العدالة، تظهر إلى أي مدى ممكن أن تتباين أوضاع المجتمعات وأحوال الناس ومقاييس الأحكام، ليس بين اليمن وغيرها ولكن أيضاً في داخل مجتمع المحافظات نفسها.