علي الخديري
في العصر الحديث اتفق الساسة العرب على ألا يتفقوا في كل مشاريعهم العربية التي بصموا ووقعوا عليها في ميثاق الجامعة العربية منذ إنشائها في مارس 1945م والتي فرضتها في تلك الفترة الظروف التي أحيطت بعدد من الدول العربية وتلت ذلك بقية الدول العربية التي منحت حريتها من الاستعمار الذي كان جاثماً على العرب لقرون من الزمن، وعندما توسعت الجامعة العربية في فترة العقد السابع من القرن الميلادي العشرين الماضي وأصبحت بيت العرب الكبير الذي يتواجدون فيه ليجدوا خلافاتهم ويخرجون متفقين على ألاَّ يتفقوا في حسم القضايا العربية المصيرية المؤجلة والمرحلة، واليوم يتابع الشارع العربي مجريات الأحداث التي تشهدها مختلف المناطق العربية في غزة الفلسطينية.. في العراق.. في لبنان.. في المغرب.. في مصر.. في الأردن.. في السودان وغيرها من المناطق العربية التي تشهد توترات لخبطت حسابات الساسة العرب الذين جميعهم في الدول العربية دون استثناء يوجهون جبهات داخلية يخوضون فيها حروباً يومية كمصر مع الإخوان المسلمين وكذا الحال في الأردن والسعودية وما تواجه السودان في دار فور والتمزق الملحوظ للبنان وأشلاء الأطفال التي تشهدها ساحات غزة والمواجهة بين المغرب وجبهة البوليساريو والانفلات والتسبب في استعمار العراق وصراع المذاهب والتيارات السياسية والفكرية التي تشهدها قطر والبحرين و التخلخل السياسي والإسلامي الذي تشهده الكويت الذي من شدة الصراع أدى إلى تقديم الحكومة استقالتها ما أدى إلى إحالة المجلس النيابي إلى التقاعد بأمر أميري، أما في اليمن فيلاحظ أنه يواجه جبهات متعددة تستهدف النيل من وحدة اليمن وإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، بينما سوريا تواجه الخلايا السرية من الداخل دون أن تعرف أوكارها ولكنها تتفاجأ ما بين الحين والآخر ببروز عدد من ناشطيها ما يعني ذلك أن المنطقة العربية تشهد توترات متواصلة وأحداثها ساخنة وعلى مدار الساعة، إن ما تشهده دول الوطن العربي من أحداث مؤسفة نجد أن الريموت كنترول الذي يوجهها ويدعمها هي حكومات أجنبية ودوائر استخباراتية وشخصيات دبلوماسية وعسكرية أجنبية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية العدو الأول للشعوب التي أصبحت الحاكم الفعلي الغير معلن عنه في الوطن العربي.إن الساسة العرب وخاصة الذين على خلافات مع سوريا وافقوا على حضور القمة العربية التي ستبدأ أعمالها في 29 مارس الجاري في دمشق العاصمة السورية وجاءت موافقتهم من باب الخجل لما يجري في غزة الفلسطينية وفي لبنان بالذات ولهذا ألا يستبعد أن ترسل عدد من الدول العربية وفوداً رمزية للمشاركة في أعمال القمة وذلك للآتي:-
- خلافات عدد من الدول العربية مع سوريا بسبب المواقف القومية لسوريا.
- سبق لسوريا أنها رفضت توجيه دعوات لغير العرب من أجل المشاركة في أعمال القمة.
- يخاف عدد من الزعماء العرب من التورط في المصادقة على قرارات تدين وتشجب إسرائيل فيما تقوم به من أعمال وحشية في غزة وخوفهم من مناقشة القضية العراقية وما يتعرض له الشعب العراقي من الاستعمار الأميركي، ويحرص الزعماء العرب على ألا يكونوا طرفاً في الخلافات اللبنانية وبتوجيه أميركي وفرنسي.
- يحرص الزعماء العرب الذين يحتكمون إلى القبضة الأميركية خدمة اللوبي الصهيوني الدموي من خلال عدم حضورهم حتى لا يساندون حماس وحزب الله في نضالهم الشرعي ضد إسرائيل، وحتى لا يتم الحكم على تواطؤ سلطة فتح وأبو مازن مع الأعداء.
إن قمة العرب في سوريا فشلت قبل انعقادها بعد تحركات دبلوماسية عربية- عربية وأميركية خصت عدداً من الدول العربية التي شكلت كتلة لإفشال القمة قبل وصول الوفود إلى دمشق ورغم أن الشعب العربي من المحيط إلى الخليج يترقب موعد القمة ليس أملاً وتفاؤلاً بالزعماء العرب أو ممثليهم الذين سيرأسون وفودهم ولا تفاؤلاً في قراراتهم وإنما الشعب العربي يترقب موعد القمة من أجل أن يرى استجداء الساسة العرب وغاية الرجاء والرضا.
هوامش:
* مازالت السعودية ومصر يصران على إنهما مفتاح حل للقضايا العربية بينما هما دولتان لم تستطيعا التغلب على مشاكلهما الداخلية.
* اليمن وسوريا مستقبل الوطن العربي لمواقفهم القومية.
* الأردن ومصر ودول الخليج باستثناء.
* تونس والمغرب والجزائر صمت من ذهب وكله تمام يا سيدي.