;

في ذكرى غزو لم يكتمل ! 756

2008-03-23 12:42:42

زياد أبو شاويش

عندما شن المحافظون الجدد عدوانهم الوحشي على العراق قبل خمس سنوات كان في ظنهم أن تحقيق الحلم الامبراطوري يبدأ من العراق ، ويمكن لأي متابع أن يجد ألف سبب لهكذا بداية خاطئة على ضوء فهم بسيط لعقلية هؤلاء الحمقى ، فاسرائيل مصدر الحلم ومآله النهائي في قلب المعادلة كما النفط محركها ومعادلها الموضوعي أو مكافئها الكيميائي ، والشرق بكنوزه الثقافيه وتراثه الانساني يجذب ببريقه كل مغامر كما كل أفاق .

لقد تم تدمير صروح ثقافية أثناء الغزو الهمجي والقصف المدمر والنهب المنظم بغطاء أمريكي وفرته قوات الاحتلال ، وليس موضوع المتحف وحيداً في هذا المضمار ، ومن سمع ورأى كيف تقصف بغداد والمدن الأخرى وبأي سلاح لابد فهم أن أمريكا تجري بروفة على حرب عالمية ثالثة بذات الاسلحة والتكتيكات . ان أول ما يجب قوله هنا وبعده نواصل التحليل والتحليق حول المناسبة المؤلمة هو أن كل من ساهم في الغزو بالتسهيل له أو تبريره أو المشاركة المباشرة فيه يتحمل الآن وحتى يوم القيامة وزراً لن يستطيع التخلص منه مهما فعل ، وأخص هنا زعماء الدول العربية ممن قاموا بلعب دور رآه الناس وسمعوه وعرفوه ، ولم يتطوع ولا أي منهم بتقديم الاعتذار لشعبه أو لأمته عما ارتكبت يداه من جرم ضد أشقائه ، هؤلاء الذين قدموا عبر عقود طويلة يد العون والمساندة لكل شقيق احتاج للعراق مالاً ، وسلاحاً ، ونفطاً ، واستقبال عمالة واكرامهم وصون كراماتهم ، فسحقاً لكل هؤلاء ولن يذكرهم التاريخ الا باللعنات التي ما زال ابن العلقم يتلقاها على رأسه ، ولن يجدوا ما يبرروا وقوفهم مع العدوان على قطعة من لحمنا ودمنا مهما قدموا من أعذار أو مسوغات ، لانهم باختصار شديد لم يكونوا ولن يكونوا أكثر ديمقراطية من صدام حسين ولا أقل ديكتاتورية منه ، والنصيحة لكل هؤلاء أن يستفتوا شعوبهم ولا نقول ضمائرهم لأنها على الأرجح ماتت ، وعذراً من قارئنا الكريم فليس أمام الكاتب الا قول الحق في مقام العراق العربي الأبي ودمه النازف على يد وحوش القرن الواحد والعشرين .

الغزو لم يكتمل لأن الامبراطورية لم تتقدم على طريق البناء ، والعراقيل كثيرة وكبيرة وأكثرها وضوحاً في القسم الأول من رحلة المحافظين الذين يتساقطون تباعاً ، والعراق برغم كل جراحه النازفة لا زال يقاوم وينتصر ، اذن ماذا ستفعل الولايات المتحدة وحلفاؤها أمام واقع مأزوم لغزو وجد في وقته الكثير من الانصار والمصفقين والمبررين ؟

مشروع الشرق الجديد والفوضى الخلاقة تم تجريبها ومراقبتها عن كثب واكتشفت صاحبة المشروع أنها سياسة ستعجل بفشل المشروع الامبراطوري . والدعامة الرئيسية لسياسة الخداع وأقصد الديمقراطية والانفتاح والانتخابات هي سلاح ذو حدين وتم تجريبه فانتج كوارث على السياسة الاميركية في كل مكان جربت فيه ، والقبضة الحديدية عبر قواتها وعصا ربيبتها اسرائيل لم تمنع المقاومة ولا فتت في عضد الناس ولا أحبطتهم ، بل زادتهم قناعة بصوابية المقاومة لكل ما هو أمريكي حتى لو كان الثمن الجوع والحصار والقتل .

الدول التي رأت فيها أمريكا محور شر زاد رصيدها وتعززت مواقعها رغم حالة الحصار والتحريض المستمرة واضطرت أمريكا لمحاورتهم بخلاف استراتيجيتها القائلة بالنبذ والحصار وتأليب الرأي العام العالمي ضدهم . وفي الدولة الأخرى ملاذ ابن لادن وغيره من الارهابيين على حد تعبير أمريكا فان الامور تسوء وطالبان عادت لتسيطر على أجزاء واسعة من أفغانستان ومعدل الخسائر في قوات التحالف في ازدياد ، وللاختصار فان كل الحلم بات قاب قوسين وأدنى من التحول لكابوس سيطال رؤوس هؤلاء ومصالح أمريكا على سطح الكرة الأرضية .

ان انخفاض قيمة الدولار وان كان في قسم منه علاج لأزمة اقتصادية خانقة في الولايات المتحدة الا انه بشكله الحالي يعبر عن تفاقم الأزمة بدرجة خطيرة وغير مسبوقة منذ سنوات طويلة .

وربما لو قمنا بعمل احصاءات دقيقة حول خسائر الولايات المتحدة المباشرة وغير المباشرة كنتيجة لغزوها الهمجي للوطن العراقي وانفلات الأضغاث من عقالها لوجدنا أمراً معبراً بكل وضوح عن خطأ ما قامت به أمريكا وعن حجم الجريمة التي ارتكبت بحق الشعب العربي في العراق وفي كل مكان جربت فيه سياستها الحمقاء ، وكيف أن الخطوات المبنية على الوهم والوحي والاحلام لا تقدم للانسانية سوى الفقر والدمار وكل ما هو سيء وغير سوي .

ان حديث بوش الابن عن نجاح سياسته في العراق واستمرار تواجد قواته فوق أرضنا وفي أجوائنا ومياهنا يدل على اندفاع العاجز أو كمن تأخذه العزة بالاثم أو بأكثر وضوحاً هو هروب المهزوم للأمام لمداراة الهزيمة وخلق وهم ينبيء بجهل صاحبه وحمقه .

ان الغزو للعراق لم يكتمل رغم ذلك وهناك في جعبة أمريكا بعض الأفاعي ولا يعني سقوط الحلم أو تحوله باضطراد لكابوس أن الهزيمة أصبحت كاملة للمشروع ، وليس من الحكمة تبني حلماً وردياً غير موجود ولا واقعي كما يفعل الحافظون الجدد ، لكن ما جرى يمكن البناء عليه ، ولأننا نعلم قدرات الخصم وتصميمه وطريقة تفكيره فان الحكمة تقتضي البحث عن الطرق والوسائل الكفيلة بجعل ما أوردناه سابقاً حقائق راسخة لا تطالها يد أمريكا ولا تقدر على تغييرها ، وهذا يتطلب عدة أمور نوجزها في التالي :

أولاً : لابد من توحيد جهد المقاومة العراقية ووضع استراتيجية شاملة لها والاتفاق على تكتيكاتها وهو ما دعونا له مراراً ، وفي قلب ذلك افشال مخططات أمريكا لبعثرة القوى الوطنية عبر أشكال تبنيها هنا وهناك ، ولعل الصحوات واحدة منها .

ثانياً : الاستفادة من تهدئة الجو وتنقيته بين مكونات العراق من شيعة وسنة واكراد وترسيخ هذا عبر اشكال متعددة وانخراط الجميع في مشروع عراقي جديد أساسه خروج المحتل من أراضيه .

ثالثاً : تشديد الحصار على كل منفذ تستخدمه أمريكا لايصال الدعم لقواتها وعملائها وهو ما يعني تحرك عربي جماعي رسمي وشعبي في هذا الاتجاه ، رغم فهمنا للواقع المؤلم الذي نحياه .

رابعاً : التركيز في اعلامنا وخطابنا على فشل المشروع الامريكي من منظور آخر يحمل ملامح انسانية وعربية مقنعة للعالم وتوحيد هذا الخطاب ليحترمنا الآخرون ولعل القمة العربية في دمشق تمثل فرصة ذهبية لنتقدم للعالم بموقف جديد وموحد وبخطاب واضح وشجاع مستفيدين من تجربة الاعداد للغزو وكيف ساعدناه بقصد أو بغير قصد في خطابنا ومواقفنا .

خامساً : تعزيز المقاومة في كل أماكنها بفلسطين ولبنان والصومال والسودان ، كما قوى الممانعة في مصر على وجه الخصوص والسعودية والاردن ومناشدة زعماء هذه الدول الوقوف أمام مسؤولياتهم لمصلحة بلدانهم وشعوبهم وأمتهم العربية . ولن نتردد في طلب استخدام الاقتصاد وفي قلبه موضوع النفط من أجل تغيير المعادلة وقطع الطريق على استمرار العدوان والغزو .

ان ما تقدم لا يلغي أشكال واساليب أخرى يستخدمها ويبدعها المقاومون في كل مكان وقد علمتنا التجربة أن كل تطوير في اساليب العدوان يقابله تطوير وابداع في طرائق واساليب ردعه وافشاله ومن هنا ورغم قناعتنا بأن أمريكا ستقوم بتدوير الزوايا والتلاعب بتناقضاتنا من أجل استمرار حلمها الامبراطوري وبدايته أرضنا ومياهنا ونفطنا ، الا أننا قادرون بوحدتنا حول الهدف وتصميمنا على وقف العدوان ودحره على تحقيق النصر ، وفي الذكرى الخامسة للجرح العراقي الموغر عميقاً في قلوبنا وأرواحنا نبعث للشعب العراقي ومقاومته الباسلة وشهدائه الابرار كل المحبة ونقول له هذه أمتك معك ولن تخذلك حتى لو خذلك بعض الحكام والخائفون .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد