نبيل مصطفى مهدي
قبل أول مواجهة لنا مع الحياة نكون قد تعلمنا وآمنا بالمبادئ السامية والمثل العليا وتعرفنا من خلال مدارسنا كيف يتحجج ويحتال القوي ليقضي على الضعيف، وعند المواجهة الأولى والاختلاط بالناس اختلاطاً فعلياً نرى أن العالم مليءً بالسوء وأن الحياة ليست مليئة بالورود والحب كما قيل لنا ونحن صغار السن بل تغص بالسوء، لقد طغت الوحشية على الكثير من الناس وفي مختلف مناحي الحياة ولكي لا يقع الإنسان فريسة سهله للذئاب البشرية صار الإنسان البريء والشريف يبالغ في الحيطة والحذر لحماية نفسه.
هذه ليست نظرة سوء إلى الحياة ولكنه الواقع الذي تجرد فيه بعض الناس من المبادئ السامية والعادات والتقاليد العريقة والطيبة والأخلاق العالية والنظيفة، والأمثال على ذلك كثيرة منها:-
- موظف في إحدى الهيئات الحكومية منضبط في عمله، يؤدي واجباته على أكمل وجه لا يحمل الحقد على أحد.. الجميع في نظره سواء.. أصدقاء.. رغم هذا لم يسلم من الوشايات الكاذبة والحقد ومحاولات النيل من استقامته في العمل.
- مسن "عجوز" توفى وترك ثروة لا بأس بها، وفي الساعة التي تجري له فيها مراسيم الدفن تفتحت عيون الأهل والأقارب على ما خلف من ثروة فكثر الكلام عن كيفية التقسيم هل يتم على شرع الله أو على شرع البشر ومن المستحق النصيب الأكبر وهكذا دون مراعاة لأي احترام أو عرف أو تقليد لمراسيم الدفن.
- إذا اتفقت مع صاحب مهنة أو عامل ليؤدي لك مهمة، قام بعمله وهو مكشر الأنياب يفكر في الغلاء وكيف سيربح منك أكبر قدر من المال، فيختلق لك مهمة أخرى إلى جانب ما كلفته بها لتدفع له أجراً أكبر مما اتفقت معه عليه.
- بيوت أناسها من أخير الناس متجاورة لأكثر من عشرات السنين يتشاجر الأطفال فيخرجون كبار السن كلاً يدافع عن طفله ويصل الشجار إلى سفك الدماء في لحظة تناسوا فيها كل شيء سنين الجيرة والعشرة والإخاء فضاع الحب بينهم في لحظة زمن.
ماذا أقول وأزيد من الأمثال التي لا أريد أن أتطرق لها وإنما بذكرها يمكن لشعر الرأس أن يشيب "أسعار المواد الغذائية، فاتورة الكهرباء والماء والتلفون والمواصلات..إلخ. فهناك الكثير ولكن اكتفي بالقول أن الواقع في هذه الدنيا أصبح حافلاً بالتعب والمنغصات حتى أصبح الإنسان غير قادر على التحمل وقد ساعدت عدد من الأسباب للوصول إلى تلك العلاقات الوحشية واللاإنسانية بين الناس إذ صعبت أمور تدبير المعيشة ومطالب الحياة فوقف الكثيرون أمام نيلها عاجزين واستفحلت هذه الظاهرة حتى صار من الصعب التعامل بين الناس بعضهم بعضاً.
