نبيل مصطفى مهدي
لقد مر الشعب اليمني بتجارب عديدة خلال مختلف المراحل التاريخية التي مر بها وهذه التجارب اكسبته خبرة على معرفة الكثير من الأمور فمنها الذي يدلنا على وجود نقيضين من صنوف البشر، احدهما بناء والآخر هدام، احدهما يمضي في ركاب غرائز الموت والتدمير والآخر يسعى في مواكبة الحياة ويكرس جهده لازدهارها وتقدمها، وبناء عليه يمكن القول أن الذي لم يكل من اشعال الحروب والغش والانتشاء بالموت - موت الآخرين بالطبع - لا يمكن ان يستوي مع الذي لم يكل من غرس الأرض الموات لتدب فيها الحياة والاخضرار لتزدهر بكل الحيوان التي تتداعى عطشاً إلى مناهل هذه الحياة.
ان ما يراه المرء في الوقت الراهن هو أنه عكساً حقيقياً لما رآه في الماضي وما سمعه عن أيام زمان أيام حياة الناس البسيطة والنقية في علاقاتهم الصادقة في كل شيء عقول لا تعرف الزيف والاجتهاد الخاطئ المبني على المصالح الخاصة، قلوب تعرف الرحمة تتقاسم الخير فيما بينها وتتحد ضد الشر أيام حياة الناس الهانئة القنوعة ذات المبادئ العالية وذو الأخلاق والحب والعفة للحياة الصافية.
حقيقة ان الإنسان يتمنى العودة إلى تلك الحقبة من الزمان رغم ظروفها الصعبة المختلفة والمتخلفة عن هذا العصر.
ان ما يراه المرء في الوقت الحاضر او الراهن من اساءة بعض شباب اليوم يثير التعجب والحيرة.. لقد أساؤوا لأنفسهم ولغيرهم.
فعندما حاولوا تقليد الزمان الطاهر، الشريف النقي في الزي واللباس والتفكير والسلوك فعجزوا عن تقليده في الشرح والاجتهاد فكان مثلهم كمثل الضفدع التي أرادت ان تقلد البقرة فماتت شر ميتة.
هؤلاء حقيقتهم سكين عليها الصدأ استعملوها لطعن التعاليم السماوية والتقاليد العربية التي رفعت شأن الآباء والأجداد حقيقتهم سوق سوءٍ ولا تقبل عدلاً ولا قرطاساً حقيقتهم بالاختصار هدم هذا الصرح الذي جاهد الأولون في بنائه آلاف السنين.
ان شجرة حقيقتهم رديئة لا تحمي حتى من رذاذ المطر فاسدة.. عروقها في ظلمة الأرض واغصانها تتعالى إلى ما وراء الغيوم.. أما ازهارها فمطامع وشرور وثمارها ويل وشقاء وهموم لقد فهمنا حقيقتهم التي ابتكروها من أجل الوصول إلى غاية غير محمودة..!
ان الإنسان حين يهتدي بنور عقله يساعده ذكاءه على تخطي العقبات والتخلص من الصعوبات التي تعترض طريقه، وعلى اكتشاف الدواء المناسب لكل داء، وفي هذه الحالة يسمى الذكاء سرعة الخاطر، وكم أعانت سرعة الخاطر صاحبها عن الخروج من مأزق حرج، وعن القيام بأعمال تلفت الأنظار وتشير إلى رأي صائب وبصيرة وقادة.. ان مثل هؤلاء الأذكياء موجودين في كل مكان وتشهد لهم نجاحاتهم ويراها ويسمع عنها الناس خاصة النجاحات التي ترتبط بالأعمال الخيرة والشريفة التي تعود على الناس بالنفع، هذا هو الفرق فهؤلاء لا يسعون إلى غاية محمودة وحقيقتهم معروفة ولم يبتكروها يسعون في مواكبة الحياة لازهارها وتقدمها عكس من يحملون معاول الهدم والساعون نحو ركاب غرائز الموت والتدمير والحروب والانتشاء بالموت.