;

عندما يموت الضمير 887

2008-04-14 11:51:31

محمد أمين الداهية

كان القمر في تلك الليلة لا يزال وليداً ربما بلغ من العمر يومه الثاني فالقمر في مثل هذا السن لا يستطيع أن يقضي حاجتنا ويمتعنا ببهاء نوره.. كانت تلك الليلة تشكو من ظلام دامس وبرد قارص.. كل شيء كان ساكناً المنازل، الشوارع والطرقات حتى تلك الأرصفة التي لم تكن تخلوا من المتسكعين، افتقدت إلى ساكنيها من أبطال "الدمنة والكيرم والبطة" وما إلى ذلك من رياضة اللهو، وكأن الصقيع قد أرغمهم على مغادرة ذلك السكن الموسمي، حيث ولم يبق على تلك الأرصفة سوى بعض المجانين وبعض المعدمين الذين حالفهم الحظ وسمحت لهم الظروف بتأسيس وبناء منازلهم الكرتونية دون أي عوائق... لم يكن يريد الاستيقاظ في ذلك الوقت المتأخر من الليل، ولكن ماذا يفعل فقد سمع ارتطام شديد بمنزله أفسد عليه نومه، هرع مهرولاً نحو الخارج فتح الباب الرئيسي للمنزل وقبل أن يخرج قدمه أخرج رأسه لم يكن أمامه شيء التفت نحو يمينه فإذا به يرى إحدى السيارات الفاخرة قد ارتطمت بشدة في ركن منزله الشمالي، اقترب من السيارة تفقد بنظره داخل السيارة فإذا به يرى شاباً صدره على المقعد قد غطى الدم ملامحه ..خرج بعض سكان الحي.. اجتمعوا حول السيارة لكن الخوف قد منعهم أن يتقدموا نحو ذلك الشاب ارتفعت أصواتهم "نتصل بالشرطة" نبحث عن رقم في جواله أو محفظته، كلا لا نستطيع أن نورط أنفسنا ونقوم بإسعافه، نظر إليهم بدهشة، فلم يستطع تحمل الموقف فما كان منه إلا أن صرخ غاضباً أنا سأقوم بنقله إلى المستشفى من سيأتي معي، ساعده بعض الموجودين بنقل ذلك الشاب إلى سيارته، غير أنهم بعد ذلك تفرقوا ولم يبق إلى جانبه غير رجل واحد فقط تركه قبل الوصول إلى المستشفى.. أدخل الشاب قسم الطوارئ أجريت له الإسعافات الأولية وبعض الفحوصات الكشفية، وحسب توضيح الأطباء للرجل المسعف الذي تكفل بجميع متطلبات المستشفى لحين النظر في الأمر لأن حالة الشاب خطره ولابد أن يدخل غرفة الإنعاش، أدخل الشاب غرفة الإنعاش بينما احتجز الرجل المسعف الذي لم يأبه لشيء وكان همه الوحيد إنقاذ حياة الشاب.. تواصل الأطباء مع الطبيب المختص الذي سيجري عملية الإنقاذ، وبلا مبالاة وبضمير هزيل، بل ميت اعتذر الطبيب المختص قائلاً: اتصل بي الآن سعادة الوزير يبدو أنه مرمق حاولوا نقله إلى مستشفى خاص، أرجوا المعذرة لا أستطيع... لم يكن هذا الموقف من الطبيب إلا تعبيراً عن صورة سيئة لطبيب قتل ضميره بيده ورمى بكلام خالقه وراء ظهره وتجاهل قوله تعالى: "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً"... ما هي إلا ساعات معدودة وتحديداً الساعة السادسة صباحاً وبينما هذا الطبيب غارقاً في نومه إذا بهاتفه المحمول يرن، كانت مكالمة سيئة جداً بالنسبة إليه فقد أخبره أحد زملاءه الأطباء أن ابنه الوحيد في المستشفى وتحديداً في غرفة الإنعاش وحالته سيئة للغاية، وفي بضع دقائق يصل الطبيب المختص، ارتفع صوته أمام غرفة الإنعاش أين ابني، وكيف هو، ماذا صار به، أين ابني، كان مذعوراً وظل يردد هذه الكلمات وكأنه رجل جديد على ذلك المستشفى الذي يعمل فيه.. خرج أحد الأطباء من غرفة الإنعاش.. مشى باتجاه زميله الطبيب المختص الذي قد أغمي عليه وحوله بعض زملاءه الأطباء الذين قاموا بواجبهم نحوه بطمئنته وأن هناك أملاًُ في نجاة أبنه الوحيد، ما هي إلا خطوات معدودة حتى وصل إليه زميله الطبيب وبصوت غير مبشر، عذراً يا سيدي لم نكن نعلم أنه ابنك ولكن للأسف عرفنا متأخراً من خلال أوراق السيارة التي وافانا بها مندوب البحث وقد حصل عليها من إدارة المرور حسب طلبه لعدم وجود أي هوية لدى ابنك للتعرف عليه.

أتمنى من الله أن يرزقك الصبر ويعوضك خيراً يا سيدي.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد