د. نصر حميد القديمي
الحكم المحلي كواحدة من توجهات العمل الجاد الذي اهتم به البرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح من المقدر له أن يحقق في اليمن ثورة حقيقية ليس فقط في بناء القدرات وحشد الإمكانات المجتمعية صوب المشاركة الفعلية المباشرة في بناء الوطن وتنفيذ استحقاقات التنمية وخاصة في جوانبها المحلية التي تعتبر هي حجر الزاوية في هذا المنحى مباشرة.
ولم يعد مقبولاً في هذه المرحلة أن تبقى الفعاليات الاجتماعية ووجاهاتها الرئيسية والفرعية موقف المتفرج عن بعد وهم يرون الاحتياجات الأساسية، والمقدمات التنموية في المنطقة أو المديرية أو المحافظة، دون تحقيق ودون الشروع في إنجازها ووضعها في أولوياتهم وفي صدارة السياسات التنموية المطلوبة..
وهذه التفصيليات تظل مهمة جداً لأنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمصالح الناس، وبحراكات التنمية المحلية ولها أثرها الإيجابي والمثمر في حياتهم وفي طموحاتهم البسيطة والمرحلية والإستراتيجية.. وبالتالي فإن هذه المسؤولية هي وحدها التي ستكون المقياس أمام الاهتمام الشعبي، وهي التي سوف تعزز القوى الاجتماعية التي ستشمل المجتمعات المحلية، لأنه من خلال مرور دورة أو دورتين انتخابيتين مثلاً ستوضح من هو مرتبط قوله بفعله، ومن هو قريب من أوضاع الناس، ومن هي الوجاهات الاجتماعية والقوى السياسية التي ستكون على صلة مباشرة وفعلية بالمواطن وبمطالب الشعب، وبتحديات التنمية المحلية..
وعلى هذه المحددات والرؤى والممارسات نعتقد جازمين أننا سنرى بروز قوى جديدة سواء على المستوى السياسي أو على المستويات الاجتماعية والاقتصادية.. وهنا تكمن الميزة الإيجابية في الاتجاه نحو صلاحيات أوسع للمجالس المحلية والحكم المحلي التي تبنتها الرؤية العميقة والبرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح، وينبغي هنا أن نؤكد على قضية هامة وأساسية أسهمت في إخراج أسئلة، وأطروحات أخرى انساقت نحو اتجاهات مغايرة يمكن وصفها بالعدائية مما دفعها إلى اتخاذ مواقف ضدية من البرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس وتحديداً من الحكم المحلي واسع الصلاحيات الذي أكده هذا البرنامج، مع أن مطالبهم كانت تضغط وتتجه لهذا التوجه، ومثبت ذلك في وثائقهم وأدبياتهم وفي صحفهم وفي كتاباتهم، مما يدل على المماحكات هي الوسيلة والهدف معاً.. وأن لا قضية محددة أمام الكثير من أطروحاتهم وأقوالهم وآرائهم، وغالب الظن أن سلسلة المماحكات لا توصل إلا إلى ضرب آمال الناس وتطلعات المجتمعات المحلية التي تعبت من هول التضارب القائم بين العديد من القوى السياسية في البلاد، خاصة وأن لا احتكام يظهر إلى مرجعية معينة، أو إلى قواسم كان يجب أن تكون ذات سمة مشتركة، وهذا مكمن الخطورة لأن السواد الأعظم من البسطاء ومن الناس الذين يحلمون بأن يكون غدهم أفضل من حاضرهم، لا يجدون من يهتم بهم ومن يتولى تمثيلهم، وهذه المجتمعات المحلية تشعر أن الخلافات السياسية، والتمترسات الحزبية، قد أضرت كثيراً بما تحلم به وما تسعى إليه من ترسيخ وتأصيل تجربة الحكم المحلي واسع الصلاحيات ومن التحرك المنشود صوب هذا الحلم..
ولذا فإن آمالها وتوجهاتها ترى في قرارات القيادة الحكيمة للرئيس علي عبدالله صالح التي سوف تتجاوز بعقلانية وتوازن ولكن بحزم التفاوتات التي نشأت أمام نجاح الحكم المحلي محققة النجاح المنتظر والمطالب به ليبنى حكم محلي ناجح وواسع الصلاحيات، وتنتقل البلاد بكافة مكوناتها إلى مرحلة جديدة بالفعل، وواثق أن الحكماء يعرفون أنها تمثل ثورة حقيقية ليس فقط في منظومات الإدارة والحكم، وإنما في مفاهيم سائدة ظلت تفرض نفسها لأنها لم تقترب بالفعل من متغيرات الحياة واستحقاقاتها التنموية والخدمية التي ستكون هي المعيار أمام المجتمعات المحلية، بما يسهم في فرز القوى الاجتماعية ويظهر الإرادات الخيرة التي تهتم بأوضاع الناس والتي تمتلك هدى وتوجهاً ورؤية القيادة المثمرة التي تكتسب أهميتها ومكانتها وقيمتها السياسية والاعتيادية والوجاهاتية من خدمة الناس ومن تمثيلهم الفعلي على واقع معاش، وليس على وجاهات تبتعد كثيراً عن هذه المفاهيم الحياتية المعاشة..
نحن إذاً أمام استحقاق تاريخي يقوده قائد وطني بحجم وتاريخية علي عبدالله صالح، وثقتنا بمقدرته وبصدق توجهه كبيرة، في أن يتوجه غير عابئ أو مهتم بمتاهات الذين لا يرون لهم مصلحة في بناء وتجذير تجربة الحكم المحلي في اليمن، لأنهم سيجدون أنفسهم مكشوفين أمام مجتمعاتهم وغير قادرين على مواكبة التطورات الجارية أو التي ستشهدها المجتمعات المحلية لاحقاً، واستيعاب التجليات الحقيقية للبرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس بكل مشتملاته ومكوناته، ندعو الجميع إلى أن يتجهوا إلى مواقف اصطفاف سياسي واجتماعي واقتصادي، يحقق عوامل دعم ملموسة للبرنامج، وبإمكان حتى أولئك الذين يرون أنهم على طرفي نقيض مع الرئيس، أن يلتئموا بما يشكل تحالفاً زمنياً مرحلياً للالتقاء مع طموحات وتطلعات الشعب الذي يجد نفسه معنياً وقريباً من البرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس، والذي لأول مرة يرتبط بآلية عمل متابعة ، ويرتبط مباشرة بجدولة زمنية، بمعنى أن هناك جدية لتحقيق أهداف البرنامج، ولا نقول جديداً إن أشرنا إلى أن محددات البرنامج هي في الأساس مطالب مشروعة للشعب وللقوى السياسية ذاتها التي ضمنتها فيما سلف في برامجها الانتخابية، وفي أدبياتها ووثائقها.
فهل يوجد أحد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والإعلامية من هو ضد حكم محلي واسع الصلاحيات؟ وهل هناك من يقف موقف الضد من الارتقاء بمستوى معيشة الشعب؟، وهل هناك من هو ضد اتساع إنشاء البنى الأساسية في المحافظات والمناطق اليمنية؟..
إذاً طالما هناك عدم وجود من يعارض مثل هذه التوجهات فلماذا نرى كل هذه التوجسات، واختلاف التباينات حول الأساسيات المتفق عليها؟..
الشعب جرب وعاش طويلاً جرأة الخلاف الذي أبدته قواه السياسية، فلماذا لا يتم التجريب أو الاقتراب من إقامة اصطفاف يصب لمصلحة أوسع الفئات والشرائح الاجتماعية..؟
فهل كثير على الشعب أن يلتزم الساسة والشخصيات الاجتماعية والثقافية والإعلامية والاقتصادية بما يراه الشعب.