;

تساؤلات حول أحوال الأمة 886

2008-04-16 15:14:59

قاسم سلطان

مؤخراً تلقيت عدداً من الرسائل عبر البريد الالكتروني يدور مجملها حول ما يجري في بلاد العرب والمسلمين وحول القتل والدمار اللذين لا يصيبان إلا الدول العربية والإسلامية، إضافة إلى الهجوم العنيف الذي تشنه بعض وسائل الإعلام الغربية على الإسلام منذ فترة.

ولأن التاريخ المعاصر لا يذكر لنا موقفاً موحداً رداً على مثل هذه الهجمات، تطاولوا أكثر وأكثر حتى وصلت الإهانة إلى شخص الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، مع ذلك عجز المسلمون والعرب خاصة عن توحيد كلمتهم وإصدار رد قوي على الأقل، ربما هم في انتظار أن يجتمعوا ويتشاوروا، ويعقدوا قمة، وبعدها سوف يردون كعادتهم بالاستنكار، أو الإدانة ليس إلا، وهذا إن حصل فهو أضعف الإيمان!

إحدى الرسائل تقول: إن المسلمين وعلى رأسهم العرب أصبحوا أمة مستباحة لدى الكل بسبب ضعف مواقف بعض الحكومات العربية وعدم قدرتها على معالجة مشاكلها الداخلية وتجاهلها لإرادة شعوبها التي طفح كيلها، وأصبح أكبر طموحها، توفير المأكل والملبس من أجل الحياة، حتى التعليم أصبح رفاهية لا يمكن الحصول عليه في بعض الدول بعد أن كان حقاً في حقوق المواطنين على الدولة توفيره للجميع.

لذا فالحكومات العربية هي السبب الرئيسي في الضعف الذي وصلنا إليه، بعد أن نجحت في كتم أصوات شعوبها بالقمع أو السجن، حتى أصبحت هذه الشعوب عاجزة حتى عن الخروج في مظاهرات كما كان يحصل في ما مضى. هذا كان مجمل ما جاء في إحدى الرسائل حول التحديات التي تواجه الأمة العربية كما جاء في عنوانها، وينهي صاحبها رسالته بالجزم بأن الحكومات العربية غير قادرة على مواجهة هذه التحديات ما دامت تتعامل معها بمنظور إقليمي، وليس في إطار رؤية عربية أو إسلامية مشتركة. وأنا أتساءل: هل بقي للمسلمين وفي مقدمتهم العرب مكانة بين شعوب العالم؟ هل بقي للعرب احترام بين الشعوب الإسلامية التي كانت في يوم من الأيام تفتخر بهم وتؤمن بقدراتهم، وتعتقد بأنهم في مقدمة الأمم، وأنهم خير أمة أخرجت للناس؟ ماذا بقي لهم، حكومات وشعوباً، بعد أن وصلوا إلى هذا الحد من الضعف والانكسار؟ ماذا يجري في أوطاننا وإلى أين نحن ذاهبون؟

ولماذا نحن دون غيرنا نتعرض لكل هذه الضغوطات والمآسي؟ من العراق إلى الصومال والسودان مروراً بلبنان ثم أفغانستان وباكستان، وعلى رأسهم فلسطين المحتلة التي كانت قضيتنا القومية العربية الإسلامية فأصبحت القضية الفلسطينية ومن يدري قد تتقلص وتصبح قضيتين، قضية الضفة، وقضية قطاع غزة، ولماذا الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة يتعاملون معنا بهذا الأسلوب؟

هل لضعفنا حكاماً وشعوباً أم لإدراكهم بأننا لا نرضخ إلا أمام الأمر الواقع أم طمعاً في ثرواتنا التي لا تعد ولا تحصى مع ذلك فإن الشعوب العربية والإسلامية من أكثر الشعوب معاناة وفقراً، لأن ثرواتنا مع الأسف بدونهم وبدون قدراتهم الفنية واستغلالها في أسواقهم لا تساوي شيئاً، وهذه هي الحقيقة التي لا نستطيع إنكارها، فأين المسلمون والعرب من الصناعة لاستغلال ثرواتهم الطبيعية.

هل هم أقل قدرة ونضجا من الشعوب الأخرى أم أن إمكانياتهم العلمية وقدراتهم الإبداعية أقل، لا أعتقد ذلك فهم أحفاد قادة كانوا في عصور الظلام مشعل الحرب والإبداع والتقدم العلمي، وحتى في عصرنا الحالي كثير من علماء الغرب وأميركا هم من أصول عربية وإسلامية، ويديرون مؤسسات علمية خارج أوطانهم في مجالات الطب والفلك والفضاء وغيرها، مع أن أوطانهم الأصلية تزخر بثروات طبيعية.

وإمكانيات مادية تحلم بها شعوب أخرى لكن قدرهم أن تكون إنجازاتهم فردية وتنسب إلى دول أخرى بعد أن عجزت أوطانهم عن احتضانهم. وحتى لو سلمنا بأن هناك دولا لا تريد لنا التقدم والازدهار ولها أهداف ومصالح إلا أنها لا تتحرك إلا لأن الطريق أمامها ممهد من قبل الحكومات التي أغلبها لا ينبثق من الشعب ولا يعبر عن رغبته، فهم في وادٍ والشعوب في وادٍ آخر.

وهذا التناقض بين مواقف الشعوب والحكومات هو الذي شجع ويشجع أميركا وغيرها على فرض السيطرة والهيمنة على الدول العربية والإسلامية، وهو الذي جعل مثل هذه الدول لا تنعم بالاستقرار وشعوبها لم تحقق إنجازاً يذكر. فلنأخذ مثلاً باكستان الدولة الإسلامية مقارنة بدولة جارة لها وهي الهند، واللتين كانتا جزءاً واحداً، فالهند وصلت إلى مكانة تنافس فيها الأقوياء بالعلم في كثير من المجالات، ورغم أن الهندوس يمثلون أغلبية السكان إلا أن رئيس وزرائها الحالي من السيخ وهم الأقلية حيث لا تتعدى نسبتهم حوالي 2%، ولم يتجرأ أحد على فرض أي قرار عليها أو تهديدها، لأن نظام حكمها يدار بإرادة الشعب، فهو الذي يختار من يناسبه ويحقق طموحاته، أما باكستان فمنذ استقلالها لم يستقر نظام حكمها، ولم ينعم شعبها يوماً بالاستقرار والأمان، لماذا؟!

ولنأخذ مثالاً آخر، اندونيسيا أغنى الدول الإسلامية في شرق آسيا بثرواتها البترولية مع ذلك فشعبها من أفقر الشعوب بسبب الديكتاتورية والفساد وحكم الفرد الواحد، مقارنة بجارتها ماليزيا، فتلك شعبها آسيوي مسلم، وهذه شعبها آسيوي مسلم، فلماذا التقدم هنا والتخلف هناك؟ لأن القادة في ماليزيا يؤمنون بقدرات شعبهم ويتركون له حرية اختيار من يمثله ويدافع عن مصالحه، وها هي مرة أخرى تجري انتخابات حرة نزيهة تجسدت من خلالها الديمقراطية بفوز المعارضة بنسبة 40% من مقاعد البرلمان.

يقول أحد الأصدقاء، وهو خبير اقتصادي إنه زار ماليزيا عام 1978، وكان وضعها الاقتصادي آنذاك سيئاً، وبناء عليه قدمت لها دولة الإمارات قرضاً للنهوض باقتصادها، أما الآن فمن وجهة نظره هي من أقوى الدول اقتصادياً في شرق آسيا مع أنها لا تمتلك ثروات طبيعية سوى زيت النخيل، لكنها استثمرت هذه الإمكانيات للنهوض بالقدرات البشرية التي تم تعليمها وتأهيلها لقيادة البلاد.

والأمر لا يقتصر على ماليزيا بين الدول الإسلامية، فها هي تركيا يحكمها اليوم حزب إسلامي معتدل بعد أن ترك العسكر الحكم وسلم الأمر للشعب الذي اختار بإرادته الحزب الأقدر على حكم البلاد وتحقيق تطلعاته، حزب حقق في فترة وجيزة نمواً اقتصادياً بشهادة الخبراء، بعد أن كان الفساد منتشراً والاقتصاد منهاراً.

حزب يؤمن بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية رغم كل الضغوط التي يواجهها والتصرفات غير المنطقية من قبل أحزاب المعارضة التي تزعم أنها تتصرف باسم العلمانية لكن تصرفاتها ليست إلا للتقرب من أوروبا ومع أنه لديه القوة القانونية الكافية لوقفهم عند حدهم إلا أنه يتعامل معهم بالعقلانية والمنطق السليم، فبالحكمة واحترام الرأي الآخر تتعامل الحكومة التركية مع أحزاب المعارضة المخالفة لتوجهاتها عكس ما يحدث في بعض الدول العربية التي تتعامل مع المعارضة بأسلوب يدمر الدولة والشعب معاً.

وأخيراً أنهي الموضوع بسؤال طرح في برنامج في إحدى القنوات الفضائية العربية يقول: هل تفضل الديمقراطية أم الأمن والاستقرار؟ وكأن الديمقراطية نقيض الأمن والاستقرار أو يستحيل تحقيقهما معاً، مع ذلك فهذا السؤال يجب طرحه على الشعوب الغربية التي تعيش الديمقراطية وعرفت الأمن والاستقرار. أما الشعوب العربية فهي غير معنية بالأمر لا من قريب ولا من بعيد، فأغلبها ما زال يحلم بالديمقراطية، ويتمنى الأمن والاستقرار.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد