;

المؤسسات التعليمية - الواقع والحلول 984

2008-04-20 12:16:08

يونس الشجاع

تعددت وتنوعت بؤر الفساد في البلاد وعلى ضوء ذلك التعدد تعددت أيضاً الرؤى ووجهات النظر حولها، فقائل يقول لا بد من القضاء على الفساد المستشري في دهاليز السلطة القضائية وآخر يندد بالفساد المستفحل في أروقة السلطة التشريعية وهناك من يرى بأن السبب الرئيسي الذي جعل البلاد غارقة في وحل الفساد يكمن في السلطة التنفيذية كونها تمثل الجهة الرقابية على كافة مؤسسات الدولة.

وعندما يدقق أحدنا النظر أكثر ويغوص بعمق في هذا الداء العضال فإنه يصل إلى نتيجة حتمية مفادها أن الكل يدور في حلقة مفرغة لأن أصحابها يعيشون بأفكارهم في دائرة المطلوب وينسون أو يتناسون دائرة الممكن التي لو أن الكل استغلها لقضي على هذا الأخطبوط الجاثم فوق مؤسسات الدولة ومرافقها المختلفة.

لو أن الكل جعل وزارة التربية والتعليم نصب عينيه عندما يتكلم عن الفساد لنجحنا في استئصال جذوره المنتشرة في أرجاء مؤسسات ومرافق الدولة والتي تعج إلى الله يومياً بأفعال أولئك المفسدين المخربين الحقيقيين، المساعدين على تجذير ظاهرة الإرهاب بكافة أشكاله في هذا الوطن...هذه المؤسسة التعليمية التي تخرج القاضي والدكتور والوزير والمدير والمأمور.. ولسان حالها يقول وهي تنادي أولئك المفسدين المستمرئين لفسادهم والآنسين إليه الذين غلبوا مصالحهم الآنية على المصلحة العليا للبلاد لسان حالها يقول هم "مننا وفينا" أي أن وزارة التربية والتعليم كالقلب للجسد إذا صلحت صلح الوطن كله وإذا فسدت فسد الوطن كله.

كان الأجدر بمثقفي البلاد ومفكريها عندما يتناولون الفساد وأهله أن يجعلوا الفساد المستشري في المؤسسات التعليمية من أولويات تناولاتهم تلك لأنها كالحبل السري يغذي الوطن كله إما بالصالح وإما بالطالح، فهي التي تخرج منها كل الفاسدين الجاثمين على كافة مرافق الدولة ومؤسساتها التي تضج جدرانها من نتن فسادهم وروائحه الكريهة التي يتأذى منها الصغير قبل الكبير من غير رقيب أو قانون أو حتى كلمة "إحم" أو قليلاً من ضمير. ولو أن هؤلاء جميعهم تربوا في تلك المؤسسات التعليمية على الفضائل ومزجت في نفوسهم القيم النبيلة وترعرعوا عليها لما اشتكى أحد من فاسد ولما احتجنا إلى إنشاء هيئة لمكافحة الفساد حتى وإن كان إنشاؤها لا يجدي شيئاً عند استشراء الفساد لأن أعضاءها هم ممن تربوا في أزقة هذه المؤسسة التجهيلية عفواً التأليمية كما يصفها أصحاب تهامة عندما يقولون وزارة التربية والتأليم فيبدلون العين ألفاً.

يا عقلاء البلاد كيف سينهض بالوطن أناس تربوا على موائد الغش وانتهلوا من مناهل التزوير وتشربوا من مشارب الكذب والخداع ففاقد الشيء لا يعطيه والواقع خير شاهد على ذلك فلم يستطع الغش مفارقتهم ولم يستطيعوا مفارقته لطول تحككه بهم وتحككهم به وأنسهم إليه حتى امتزجت به دماؤهم وصار لا يفارقهم ليل نهار.

وكلما قلنا عساها تنجلي *** قالت الأيام هذا مبتداها

فإلى اليوم وهذه المؤسسات التعليمية تموج موج البحار ببراثن الغش والتزوير أثناء الامتحانات النصفية والنهائية - الانتقالية والمرحلية - وبدلاً من أن ترفد البلاد بالكوادر الصالحة تعمل على تغذية مواطن الفساد فيها وهذا ما هو حاصل فعلاً.

وأنا لا ألوم هؤلاء الخريجين منها الجاثمين على كاهل هذا الشعب المغلوب على أمره بقدر ما ألوم القائمين على هذه المؤسسات التعليمية الذي يبدوا من وقع الحال وكأنهم حلفاء رئيسيين للموساد الإسرائيلي واللوبي اليهودي عن قصد أو عن غير قصد فالجاهل يغفر الله له والمتعمد الشريك المقاسم تلزمه ضريبة التكفير عما سلف.

مع العلم أنه حتى لو استطاعت المعارضة الوصول إلى السلطة فلن يتغير شيء لأن الفساد قد انتشر في أرجاء البلاد وكافة مؤسسات الوطن إلا في حالة أن تولي المعارضة المؤسسات التعليمية جل اهتمامها وهذا مستبعد قليلاً لأن من سيجلسون على تلك الكراسي هم ممن تلطخت أياديهم بوحل هذا الفساد وإن كانوا يتشدقون بإصلاح ما أكل عليه الدهر وشرب إذ أن من شب على شيء شاب عليه.

يا سادة.. إن القضية خطيرة وخطيرة جداً ولو أجد من العبارات ما تسعفني لتأكيد هذه الخطورة لتكلمت بها نعم لتكلمت بها لأني لا أملك غير هذه السطور متنفساً أعبر من خلالها عن قضايا تهدد مصير أمة عن قدوم طوفان هائج سيأكل الأخضر واليابس ولن يفرق بين غني وفقير ولن يرحم صغيراً ولا كبيراً.

يا صناع القرار.. لو أنكم أوليتم المؤسسات التعليمية جل اهتمامكم أي ما نسبته 70% على الأقل لمدة عشر سنوات فقط لكان من السهولة بمكان اللحاق بركب الحضارة ولكانت بلادنا السباقة الأولى في رفع وتيرة التنمية نحو الأمام فهذا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم استمر 13 سنة يبني النفوس ويصنع الرجال ويعد القادة ثم بعد ذلك أسس المجتمع المدني.

وذاك عمر بن الخطاب يجتمع يوماً تحت سقف داره بأصحاب رسول الله صلى عليه وآله وسلم فيقول لهم ماذا تتمنوا؟ فقال الأول أتمنى أن تملأ هذه الدار مالاً فننفقه في سبيل الله وقال الآخر أما أنا فأتمنى أن تملأ هذه الدار خيلاً فنسيرها في سبيل الله فنظر إليهم عمر متعجباً وقال: أما أنا فأتمنى أن تملاً هذه الدار رجالاً كأبي عبيدة وخالد بن الوليد وسعد وزيد بن حارثه ووو.. فجعل يعدد اولئك الذين تربوا في المؤسسة المحمدية ثم قال فيمتلكون المال والخيل فيسيرونها في سبيل الله فيملؤون الأرض عدلاً ونوراً.

لأن العنصر البشري يعتبر الركيزة الأولى في الدفع بعجلة التنمية قدماً، إلا أننا نرى وللأسف الشديد من صناع القرار الاهتمام بالمؤسسات التعليمية في المهرجانات والاحتفاءات من خلال الكلمات الرنانة والعبارات الطنانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع والتي تخالف الواقع المأساوي المعاش تماماً.

يا عقلاء البلاد - إذا أردتم الدفع بعجلة التنمية والقضاء على بؤر الفساد من خلال الاهتمام بالمؤسسات التعليمية فعليكم بتحقيق النقاط التالية.

- أن يقوم بتدريس الصفوف الأولى من أول إلى ثالث الأشخاص الذين يملكون أعلى الكفاءات والتخصصات العلمية العالية ومن رابع إلى سادس من يلونهم مباشرة في الكفاءات والتخصصات العلمية وهكذا حتى نهاية الشهادة الثانوية.

- أن تجعلوا معدل الالتحاق بكلية التربية أكبر من معدل الالتحاق بكليتي الطب والهندسة.

- أن يكون أولئك المدرسون المذكورون في النقطة الأولى بدرجة وزير أو أكبر لأنهم هم الذين يصنعون الوزير الصالح والقاضي الصالح والمدير الصالح.. وو الخ..فكلما كان الاهتمام بالملقي أكثر كانت المخرجات أكثر بريقاً ولمعاناً . أرأيت أعظم أوأجل من الذي *** يبني وينشئ أنفساً وعقولاً

وقد تكون بعض النقاط سالفة الذكر ثقيلة على أصحاب النفوس الدنيئة ولكنها سهلة أمام أصحاب الهمم العالية والضمائر الحية

وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم *** وتأتي على قدر الكرام المكارم

وتعظم في عين الصغير صغارها *** وتصغر في عين العظيم العظائم

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد