نبيل البكيري
لقاء دمشق الذي جمع رئيس مكتب حماس السياسي خالد مشعل والرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر عضو مجلس حكماء العالم, هو في حدّ ذاته نجاح لحماس؛ حيث استطاعت من خلال هذه اللقاء أن تكسر الإجماع الأمريكي الإسرائيلي على عُزْلتها الدولية ووضعها على قائمة المنظمات الإرهابية، خاصة وقد تزامن هذا اللقاء بعدد من العمليات العسكرية الناجحة للحركة التي شنتها ضد القوات الإسرائيلية على طول حدود غزة.. وعلى كلٍّ يذكرنا هذا اللقاء بأول لقاء تمّ بين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات مع القسّ الأمريكي جيسي جاكسون كأول لقاء من نوعه مع شخصية أمريكية تطور فيما بعد إلى لقاءات مع عدد من الوزراء والسفراء الأوربيين إلى درجة أن دُعِي عرفات بعدها إلى إلقاء كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974م.
وترتكز أهمية لقاء مشعل مع كارتر في أنه أتى بعد تحذيرات أمريكية عدة من قبل مسئولين أمريكيين له بعدم لقاء مشعل وهو ما يعني نجاح حماس في كسر حاجز العزلة، هذا في الجانب الأمريكي بعدما نجحت حماس في كسر حاجز العزلة الدولي من خلال لقاء مشغل مع المسئولين الروس في موسكو العام الماضي.
صحيح أن الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر لم يعد يحتل مكانًا تنفيذيًا في الإدارة الأمريكية إلا أنَّه مسموع الكلمة بحكم أنه يرأس مركز دراسات مرموقة ويتمتع بسمعة جيدة في الداخل الأمريكي والعالم ككل بحكم فترة حكمه التي قضاها في البيت الأبيض ما بين 1975-1981م والتي تعد من أفضل فترات السلام في العالم؛ إذ إنه تم خلالها توقيع العديد من الاتفاقيات كاتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، والتي كان كارتر هو عرّابها الوحيد.. فضلاً عن هذا يعدّ كارتر بحسب المراقبين بمثابة الوسيط غير المباشر للحكومة الأمريكية مع من يفترض أن الإدارة الأمريكية تقف ضدهم كحماس مثلاً التي تعد بحكم أمريكا منظمة إرهابية لا تستطيع أن تقف معها في نفس مائدة التفاوض، وتحاول أن تدخل بوسيط غير مباشر ككارتر صاحب السمعة الجيدة، وخاصة وقد تبيّن للإدارة الأمريكية فشل خطة الحصار السياسي والاقتصادي ضد حماس حيث تظهر الاستطلاعات أن شعبية حماس في تزايد مع اشتداد هذا الحصار.
أما حماس فنجاحها يكمن في أنها استطاعت أن تكسب رقمًا دوليًا آخر إلى صفها ممثلاً في الرئيس جيمي كارتر الذي ربما سيفتح المجال واسعًا أمام تحركات حماس الدبلوماسية، فضلاً عن أنه يعدّ اعترافًا رسميًا بهذه الحركة كحركة سياسية نضالية مقاومة وليس منظمة إرهابية محظورة، كما يروِّج له الإسرائيليون وحلفاؤهم الأمريكان، هذا من جهة.. من جهة أخرى, لقاء مشعل وكارتر الذي بحسب مسئولي حماس بحث مسألة الجندي الإسرائيلي الأسير وحصار غزة يُعدّ كونه اختراقًا في جدار الحصار الدبلوماسي المضروب حول حماس، وهو إجراء في حدّ ذاته يعدّ نجاحًا لحماس ستعمل من خلاله إلى اكتساب المزيد من التأييد والتضامن ولو من قبل منظمات المجتمع المدني الغربية.