سعيد محمد سالمين.
ينظر إلى المجتمع العربي بالذات بأنه مجتمع المستهلكين وليس مجتمع المنتجين، فكل شيء يستورده من الخارج من الإبرة حتى الصاروخ كما يقال، أما إنتاجية الإنسان العربي لا تزال توضع في مؤخرة الجداول الإحصائية التي تصدر عن المنظمات الدولية والاقتصادية والاجتماعية.
نقول ذلك في حين أن العالم يستعد حالياً للاحتفال في أول مايو بعيد العمال، بينما تتزايد حاجتنا إلى التنويه بأن قيمة العمل تتضاءل دورها في مجتمعاتنا العربية بصورة تثير القلق، بعد أن تم خصخصة معظم مؤسسات القطاع العام، وتخفيض حجم القوى العاملة، والتوجه نحو أساليب وآليات الاقتصاد الحرفي عصر العولمة الاقتصادية، ونحن نعلم أن لهذه المظاهر أسباباً هي ذاتها المسؤولة عن سيادة قيم أخرى بديلة، مازالت تنخر كالسوس في الأبنية الأساسية لمجتمعاتنا هذه، حتى قيل بحق أن عالمنا العربي يعيش إضراباً صامتاً عن العمل، ويتسابق ملهوفاً نحو الثقافة الاستهلاكية وقيم الترف والبذخ والدعة والهروب من الواقع، ذلك أنه بعد هذا الترف يصبح المواطن بغير حاجة إلى أن يسهر ويجهد نفسه في البحث العلمي والتحصيل وجودة الإنتاج.
نقول إن كل ما نتعلق به ونستسلم له الآن بديلاً عن العمل إما أن يكون عارضاً أو سراباً خادعاً، وإننا بغير سواعدنا هذه، وبغير كدنا وكدحنا نحن إن لن تخطوا خطوة إلى الأمام.. هذا إذا لم نتعرض في المستقبل للصدمة والانتكاسة.
ختاماً نقول إنه قبل عيد العمال وبعده، صوت القرآن الكريم لا يزال ينادينا ويذكرنا منذ 14 قرناً قال تعالى: "وقل اعملوا"، والأحاديث الشريفة التي تمجد العمل والعاملين بغير ولا حصر.
فمتى نولي أهمية وقيمة للعمل، ونخطط لقيام مشاريع استثمارية إستراتيجية لصناعات إنتاجية متعددة الأغراض بين القطاع الخاص وقطاع الدولة، حتى نمتص ونستوعب الأيدي العاطلة عن العمل لتجد فرصتها في تحقيق ذاتها وتكتسب المهارات الصناعية المفيدة وتهنأ بالعيش الكريم في وطنها.
ليتنا نسمع عن ذلك في القريب العاجل.