سعيد محمد سالمين
إذا نظرنا نظرة متعمقة إلى التقدم والتخلف وهما الوجهان المتناقضان للحياة في عصرنا الراهن، لوجدنا أن جوهر الفرق بينهما يكون في الإدارة، فالتقدم يعني بالضرورة بلوغ مجتمع من المجتمعات حالة من الكفاية الإدارية تمكنه من تعبئة موارده البشرية والمادية والعلمية في مختلف مجالات حياته أو بعضها أما التخلف فمعناه استمرار مسير المجتمع في تعبئة وتشغيل وتوجيه موارده بالمعدلات المرجوة وفق مستوى أهدافه وتطلعاته كذلك التربية في تقدمها وتخلفها تعبير عن حالة إدارية.
فالتربية والإدارة لا يستغنى أحدهما عن الآخر، فكل عمل إنساني بلا لمسات تربوية وعلاقات إنسانية هو عمل ناقص من خلال الناس ، وأخيراً فإنه ليس بالضرورة أن يغفل المديرون الأعمال والمهام بأنفسهم، بل أن مهماتهم الأولى تكمن في أن الآخرين ينفذون هذه الأعمال من أجل الوصول إلى الأهداف المنشودة سواء كان ذلك في مدرسة أو إدارة تعليمية أو غيرها، إذ أن مهمة مدير المدرسة هي للتأكد من أن المدرسين يقومون بالتدريس للطلبة على أكمل وجه وأفضل حال .إن استقراء التاريخ يدلنا على قاعدة ذهبية في العمل التربوي مفادها أن كل تطوير للتعليم يسبقه تطوير في إدارته من ثم تكون الإستراتيجية السامية لتطوير النظم التربوية هي تلك التي تأخذ في صلب حسابها تطوير إدارة هذه النظم وتحديدها وفي حالة بلدنا كدولة نامية يمكن القول أن الإستراتيجية المثلى لتطوير التنظيم التربوي هي إعطاء أولوية كبرى لتحديد وتجديد إدارتها التعليمية ولهذا مهما توازنت لدينا الموارد البشرية والمأوية ولم تستطع أن تديرها إدارة جيدة فإنها لم تحقق الثمرة المرجوة منها.
وإذا كانت قيادتنا التربوية قد أدركت هذه الحقيقة اعتبارها مسؤولة عن صناعة مستقبل أجيالنا لأنهم أساس مستقبل اليمن وتقدمه الاقتصادي والاجتماعي والحضاري، فقد حرصت على إعداد إستراتيجية سابقة وكل أبعادها وأهدافها ونياتها ومقوماتها في تطوير العمل التربوي والإداري على حد سواء حتى يمكننا مواجهة أخطار العولمة وتحدياتها ولا سبيل إلى مواجهتها إلا بالتربية على العقيدة الإسلامية البحتة وعلى أخلاق ديننا العظيم ومبادئه القديمة ومثله وقيمه التي حثت على العلم والعمل والتفوق.
ترى إلى أي مدى تكللت جهود تلك الإستراتيجية الوطنية بالنجاح في إصلاح النظام التربوي وهل أولت اهتماماً بجودة المدخلات التعليمية وتجديد الإدارة التعليمية حسب معايير الكفاءة التربوية والإدارية، حتى تكون مخرجاتها مثمرة. أسئلة تطرح نفسها على القيادة التربوية الموقرة للإجابة عنها..؟!