محمد أمين الداهية
أطفال مشردون شباب تائهون وضائعون كبار.. عاجزون وعاطلون.. حياة مأساوية.. جريمة منتشرة، تسول، جهل، بطالة، شذوذ.. كل هذه الأشياء وغيرها لها أسباب ومسببات جعلتها تأخذ مكانها في المجتمعات وجعلت منها أيضاً قضية هامة وخطيرة لابد أن تدرس وتناقش، ويوضع لها الحلول التي تحد من انتشارها إن لم تستطع تلك الحلول أن تستأصلها ، ومن هذه الحلول ما يكون أمراً ملزماً مدعوماًَ بقوانين صارمة، وتكون الجهة المنفذة لهذه القوانين بالطبع الحكومة، ومهام الحكومة أو الدولة معروفة لدى الجميع فيما تختص به الدولة من القضايا أو الأمور التي لا تحل إلا عن طريقها، وهناك حلول لمشاكل وقضايا أخرى لا تستطيع الدولة أن تلزمك أو تفرض عليك هذه الحلول، مثل تحديد النسل، وهذا هو موضوعنا فتحديد النسل أمر اختياري في بلادنا وقرار ذلك متروك لصاحبه، ويا لها من نعمة جزيلة وعظيمة توفر الوسائل المناسبة لتأخير الحمل أو المفارقة بين الولادات، وبلادنا وبفضل جهود المخلصين كل في مجاله ومركزه نجحت في تقديم الوسائل المناسبة بمختلف أنواعها للمرأة اليمنية وبأسعار زهيدة جداً، قد ربما دون مقابل "مجاناً" وبهذا تعتبر نحن أصحاب القرار في موضوع تحديد النسل، فالإمكانات موجودة، والفرصة متاحة لمن أراد ذلك، أما أولئك الذين لا أدري كيف استطاعوا أن يقنعوا أنفسهم بأن تحديد النسل أو المفارقة والمباعدة بين الولادات حرام شرعاً، ويعتبرون ذلك تدخلاً في إرادة الخالق عز وجل، ويطلقون مبررات وأعذار ضعيفة وخاطئة كقولهم: رزقهم على الله، ما ينسى الله أحد وما إلى ذلك.
يا ناس يا أيها العقلاء يا أخي العزيز أنت لا تقتل أو تقضي على نفس أو جبين في طور التكوين حتى يكون ذلك حراماً، كل ما في الأمر أن هناك وسيله مناسبة تستخدمها المرأة لتقي نفسها من الولادة المتتابعة التي تؤثر على صحتها وأيضاً وسيلة مناسبة ونافعة لرب الأسرة بحيث يضمن لأبناءه حياة كريمة تساعد في تربيتهم وتعليمهم وأكلهم وشربهم وما إلى ذلك من الأشياء الأخرى المهمة كالصحة والاستقرار والترفيه.. نحن مؤمنون ومستيقنون بأن الله هو الرزاق وهو المتكفل بكل ما هو موجود، وهو أيضاً ارحم بنا من أمهاتنا لكن يبقى شيء واحد، وهو وجوب الأخذ بالأسباب، وأنت عندما تبذل السبب بنية المسؤولية، وواجبك نحو أبناءك بتوفير الحياة الكريمة التي هي من حقهم، هنا تكون قد أخليت مسؤوليتك تجاه رعيتك من أبناءك، وأما أولئك الذين يقاطعون ويفرضون على نسائهم مقاطعة تلك الوسائل المساعدة على تحديد النسل، فمن باب النصيحة عليها أن يلزموا أنفسهم ويلتزموا بالطريقة الشرعية التي علمنا إياها نبينا عليه وعلى آله أزكى الصلاة والسلام، وليتذكروا قوله - صلى الله عليه وسلم- كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" فأنت مسؤول تجاه رعيتك بضمانك وتوفيرك لهم حياة آمنة كريمة، فلا تكن أنت سبباً في تشردهم وضياعهم وتسليمهم للشارع الذي لا يرحم والمكتظ بالكثير من المنبوذين، والشواذ وأسياد الجريمة فكم نشاهد من مآسي وكم تمر علينا من قضايا لأطفال أبرياء لا ذنب لهم احتضنهم الشارع بعد أن عجز رب الأسرة عن توفير ما يلزمهم من الضروريات، التي لا يستطيعون العيش بدونها.
ولكي ننقذ أبناءنا من مستقبل خال من العواطف والرحمة، مستقبل يتعامل بواقعية تامة، فلنيقض مشاعرنا وعقولنا، ولنبنٍ جيلاً من العلماء والزعماء والساسة والمفكرين، جيلاً لا يعرف شيئاً اسمه الثالون القاتل.