د. فضل بن عبد الله مراد*
لماذا الرضى ركن من أركان الإيمان وهو ما يطلق عليه الإيمان بالقضاء والقدر لأنه في الحقيقة تسليم مطلق لمن بيده الأمر بلا معصية وإنما قلنا بلا معصية لأن من الناس من يرضى عن وضعه بل مجابهة ومواجهة الأسباب واتخاذها التي أمر الله بها فصار حينئذ من هذه الجهة عاصياً مذموماً لأنه لم يتخذ ما أمره الله به الأسباب للعمل فصار رضاه إذا رضي عن مقدوره رضى مقروناً بالمعصية.
إن الرضى الحق رضى الأنبياء والرسل ومن تبعهم هو تسليم لله تعالى بعد اتخاذ كل سبب أمر الله به، وهذا المعنى يخطئ فيه البعض أو الكثيرون فيكون تعبدهم لله بهذا الرضى المجرد عن العمل بالسبب هو نوع معصية من جهة لنقص ومخالفته ما أمر الله به من جهة العمل بالأسباب لقد تنوع الخطاب في الكتاب العزيز والسنة النبوية في تأكيد ذلك المعنى.
هذه امرأة في ربوة في حالت ولادة يدفعها المخاض إلى جذع نخلة "فأجاءها المخاض" يعنى دفعها وألجأها.
هي تحتاج إلى غذاء. . الوضع، لم يرسل لها جبريل ليهز لها النخلة أو يعطيها رزقاً من الجنة كما كان وهي في المحراب وهي الآن في نظرنا أحوج إلى ذلك من ذي قبل إلا أن الأمر الإلهي كلمها ولدها من تحتها وهو عيسى بن مريم المولود اللحظة "لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا" أي جدول ماء"وهزي إليك بجذع النخلة" مع أن جذع النخلة لا يهزه الرجل الفتي مفتول العضلات كيف بامرأة في حالة ولادة. . إلا عن اتخاذ سبب والنتائج من عند الله تعالى.
إنه تعليم لنا أن نهز جذع الحياة ولو حتى تساقط علينا رطباً ولو كان ذلك لا يؤثر لضعفه إلا أن الله هو من يتولى البسط ويتولى العطاء.
هذه دعوة إلى العمل أمام أكبر الصعوبات في أقسى المتغيرات دعوة لنا جميعاً لا نحبط أو نيأس ألا نرى شيئاً بعيد المنال، لأنه يجب علينا العمل السببي فحسب.
إن الوضع الاقتصادي في بلادنا بلغ درجة التعذر وجاعت بطون كثيرة. . وفي ظل هذا الإزراء يولد الإحباط في نفوسنا إلا أن هذا ليس هو ما شرعه الله للإنقاذ.
إن المحبط سيهلك نفسه، ويدمرها ومستقبله ومستقبل ولده، قد يكون من النوابغ فيفقد الوطن ذلك النبوغ والإبداع ، لأنه لم يصمد أمام هذه الظروف الحالكة.
فإياك أن تحطم أحلامك وآمالك لصعوبات قد تكون قاسية فعلاً إنك مأمور معلم أن تتسبب ولو أمام أعتى وأقسى ما قد تواجه.
أسألك سؤالاً ماذا تعمل عصا موسى، وكفه البيضاء لقد غيرت الفرعون، نعم والله غيرت أسطورة تاريخ وحولت مجرى الأحداث سلاح لا يحمي موسى من بطش فرعون وفتكه ولا يحمي بني إسرائيل لكنه هو المتوفر هو الذي أمره الله به.
كان يمكن أن تكون يد موسى برقاً نارياً يذهب بفرعون وجنده، إلا أن الله جعلها مثلاً بالنور فحسب لأن إيمان فرعون كان يكفي ذلك لو أراد أن يؤمن.
إذاً لم يقتنع بهذا لم يجد معه ذلك، إذاً فليتجه موسى إلى الشعب بهذه العصا كذلك.
إن الحجة أمام طاعون هي نفسها أمام غيره وصاحب الحق فارس الرهان، لو أحبط موسى من أول وهلة لما جرى ذلك التحدي في ميدان العرض العسكري أمام الشعب بأكمله.
لقد استعمل موسى نفس الدليل على رسالته "العصا" أمام عشرات أو مئات السحرة المختصين فكسب الجولة وتبعه الناس وبدأ انتصار الدعوة.
لقد قال أهل التفسير أن موسى ظل يطلب موعداً من فرعون على باب القصر مدة عامين، وهو مرسل من عند الله لم ييأس ولم يستعجل ربه أن يحمله إلى فرعون لم تكن عزيمته أبداً لذلك كان من أولى العزم من الرسل.
*أستاذ مقاصد الشريعة وأصول الفقه وقواعده بجامعة الإيمان