أعياد عيدروس
في هذا الزمان أصبحنا نستمع يوماً بعد يوم إلى مصطلحات قديمة متجددة ولأقوال غريبة كانت متواجدة ولكنها كانت بتسميات أخرى وتمارس على خجل وخوف، أما اليوم فما من مكان نلجأ إليه إلا ونسمع هذه الكلمة تتردد أكثر من مرة وفي أكثر من وضع "على كيف؟"
فالمدير في أي إدارة ولو كان هناك أحد المدراء لا يستخدمها فإن ذلك يعتبر حالة من الحالات النادرة ولكن أكثر من نصادفهم يقومون باستخدامها، كذلك الموظفين الحكوميين بجميع فئاتهم وتخصصاتهم نجد بينهم من يستخدمها حتى الأطفال الصغار تربوا عليها فنجدهم لا يقومون بعمل ما إلا وهم يشترطون عليك ماذا سيكون المقابل و"على كيف؟" هذا المصطلح الجديد القديم الذي هاجم مرافقنا وبيوتنا وأصبح عادة في حياتنا وكأن ما يقوم به المرء ليس واجباً حتمياً لابد القيام به بل من باب الخدمة التي تشمل المقابل، فالممرض في المستشفى مقابل أن يعتني بالمريض ويهتم به يقول لك "وعلى كيف"، والمدرس يقول للطالب "على كيف؟" ومدير الإدارة يقول للمواطن "على كيف؟" والمرور في الشارع يقول للمواطن "على كيف؟".
كل هذا وإن كان غريباً عنا، إلا أن الأغرب من ذلك هو الصراحة والبوح باستخدامه على مرأى ومسمع من الناس، كما يقول المثل الشعبي "قل الحياء وافعل ما تشاء".
والحياء ليس فريضة ولكنه من الإيمان وانعدامه في البشر انعدام للإيمان في صدروهم، فما صادفته يا عزيزي ذات يوم حين ذهبت أعامل على موضوع في أحد المرافق الحكومية ولشدة احتياجي لإنجازه وأريد أن أنجزه وبأقل وقت ممكن حينها لجأت للشخص المختص للمعاملة فوجدته جالساً وبيده صحيفة يطالع فيها الكلمات المتقاطعة فطلبت منه أن يعامل لي الإجراءات المطلوبة فإذا به يفتح درج المكتب ويقول لي "على كيف؟".
ولأن الحاضرين من الموظفين متواجدون أُحرجت وقلت له بأن يتبعني إلى الخارج وسوف أعطيه ما يريد فصرخ في وجهي يا أخي أطرح النقود "بلا خجل" فالكل يعرف والكل يأخذ وخليك الخوف، الموظفين حقي عارفين كل حاجة، فقلت له خذ بس "على كيف؟"
وأمام ذلك أقدم اعتذاري وأسفي لكل موظف محترم وشريف وهم كثيرون.