نبيل مصطفى مهدي
صورتهم لم تفارق ذهني خلال الأيام الماضية ورغم المرارة التي تعصر قلبي كلما تذكرتهم إلا أنني فشلت في الكتابة عنهم إنها الأم الفلسطينية وأطفالها الأربعة الذين لم تتجاوز أعمارهم الثمان سنوات والذين قتلوا جراء هجمة بربرية وحشية صهيونية قامو بها الصهاينة وأطلقوا الصواريخ بأيديهم القذرة على بيوت الفلسطينيين الآمنين فكان قدر الأم وأطفالها الأربعة بين الضحايا الأبرياء فرقدوا في نعشهم مبتسمين رغم أن أحشائهم تبعثرت أمامنا وشاهدناها جميعاً على التلفاز.. ورغم صغر سنهم إلا أنهم أكبر من كل الكلمات التي يمكن أن نكتبها أو نقولها عنهم.
كانت البراءة تشع منهم فكانوا مبتسمين في رحلتهم الأخيرة فقد فارقوا دنيانا التي يتبرطع فيها الإسرائيليون السفلة.
بهدوء السفلة وبرود محترفي القتل تسير دباباتهم في الأحياء الفلسطينية وتصوب مدافعهم على البيوت الفلسطينية الآمنة.. فتهدم القذائف الإسرائيلية أسطح البيوت وجدرانها وتخترق شظايا قذائفهم بطون الأطفال ولا تفرق بين أعمارهم حتى من لا زال ملتف "بالحفاظ".
بهدوء السفلة وبرود محترفي القتل يعلنون أحياناً عن أسفهم على مقتل الأطفال الفلسطينيين الرضع التي ظلت أعينهم مفتوحة لتشهد على نذالة قتلة الأنبياء وقالوا أن المقاومة الفلسطينية هي التي قتلتهم لأنهم يطلقون النار من البيوت والحقيقة أن الذين يقتل الأطفال والنساء والشيوخ العزل هم السفلة وأعضاء عصاباتهم الذين لم يعرفوا السلام منذ بدء الخليقة.
الغريب أن صور الأطفال الضحايا أيقظت ضمير العالم النائم وسألت "بأي ذنب نقتل" وكأنه لا يعرف أن كل يوم يمر على الفلسطينيين منذ بدء الانتفاضة وحتى اليوم يشهد قتلاً وتعذيباً واستبعاداً لم يتعرض له شعب من قبل.
إن جرائم الاعتداء الصهيوني على الفلسطينيين يكتبها التاريخ وتسجل فضائع لا يحتمل مشاهدتها أي إنسان ما زال لديه ضمير حي، تسجل فضائع مغطاة بدماء تنزف في كل اتجاه.. جسد طفل بلا رأس.. صرخات أطفال تهدمت بيوتهم... شهقات شباب تكسرت عظامهم.. نعوش بها شهداء تحمل من كل شارع.. مأساة يومية يعيشها شعب بأكمله.
إنهم أناس مثلنا يحلمون ببيت آمن ومكان في مدرسة وفرصة عمل لأكل العيش وكوب شاي وكسرة خبز.
فمتى يستيقظ الضمير العالمي والعربي تحديداً ليشعر بالفعل بحجم معاناة هذا الشعب الفلسطيني الضحية والبطل وبأطفاله الأبرياء الضحايا ليقول بصوت عال "بأي ذنب قتلوا وعذبوا واستبعدوا"، أين العدل أين حقوقهم.. "صح النوم" أيها الضمير النائم..