;

ظهور نُذّر الحرب هل تعني إيذاناً بـ" لبننة " جديدة؟ 807

2008-05-10 11:51:08

علي صالح القادري

ثمّة اشتقاقات لغوية تفرزها الصراعات والحروب الأهلية والطائفية اشتقاقات مأخوذة من المكان"الوطن" منسوبة إليه، اشتقاقات تعكس طبيعة الصراع وأطرافه المنتمين إلى وطن واحد، وان اختلفت اهواؤهم وتضاربت مصالحهم، من تلك الاشتقاقات ما عُرف في ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن الماضي ب"اللبننة"، ذلك اللفظ الذي شاع إبان الحرب الأهلية اللبنانية، وظل يتردد على الألسن - بخاصة ألسنة السّاسة والكتّاب والصحفيين - بنبرة من التخوّف كلما برز خلاف وتصاعدت حدّته واختلطت الأوراق بين فرقاء سياسيين في بلد ما وتعالت لهجة التهديدات فيه، تخوُّف من أن يفضي ذلك الخلاف إلى مواجهات وحرب أهلية تتعدد أطرافها وتتضارب أهدافها فيصبح من الصعب السيطرة عليها وإيقافها على غرار ما حدث في لبنان التي شهدت حرباً أهلية دامت قرابة ال15عاماً، ولم تتوقف إلاَّ بعد أن أحرقت الأخضر واليابس وجعلت لبنان أطلالاً من الماضي وفي تلك الأثناء وبعد أن وضعت الحرب أوزارها وبدأ لبنان يلملم جراحه ويعيد بناء ما دمَّرته الحرب تفاءل محبُّو لبنان خيراً في أن يعم السلام كافة أرجائه في تلك الأثناء كان قد ظهر اشتقاق آخر مشابه ل"اللبننة" في قُطر عربي أفريقي آخر هو الصومال فيما عُرِف آنذاك ب"الصوملة" إثر اندلاع الحرب الأهلية القبلية فيه في مطلع التسعينيات بين أنصار كل من محمد فرح عيديد، وعلي مهدي محمد بعد تنحّي الرئيس محمد سياد بري عن الحكم عام 1991م ليستمر الصراع في هذا البلد حتّى يومنا هذا بما صاحبه من تحولات وتغيّر في أطراف الصراع إلى أن دخل في الأعوام القليلة الماضية مرحلة أخرى إثر دخول قوات المحاكم الصومالية حلبة الصراع والمواجهة مع القوات الحكومية هناك عام 2005م واستيلائها على العاصمة الصومالية مقديشو وإخراجها منها بعد بضعة أشهر بتدخُّل من القوات الأثيوبية الممنوحة الضوء الأخضر الأميركي للقضاء عليها في هذا البلد الذي سُحِِل فيه جنودها في شوارع مقديشو عام 93م الأمر الذي دفع برئسها - آنذاك - "بيل كلنتون" إلى سحب القوات الأميركية منه في فترة كان لفظ "الصوملة" في سنيّه الأولى يخلف لفظ "اللبننة" ثم ما لبث أن اختفى بعد أعوام، نظراً لتغيُّر أطراف الصراع هناك واستمرار الصراع قائماً حتى أيامنا هذه.

وعودة إلى الشأن اللبناني الذي بدأت نُذُر الحرب الأهلية فيه تُطلّ بقرونها من جديد لتؤذن بدخول هذا البلد - ونسأل الله ألاَّ يكون ذلك - "لبننة" جديدة إثر تفاقم الأزمة الناجمة عن إقدام الحكومة اللبنانية على تغيير مدير أمن المطار المحسوب ولاءً على حزب الله ومحاولة الحكومة نزع أجهزة الاتصالات التابعة لحزب الله المنتشرة في المطار ونواحيه لتتصاعد إثر ذلك لهجة الاتهامات ولغة التهديدات، بخاصة بعد إطلاق حسن نصر الله (أمين عام حزب الله) خطابه الناري في المؤتمر الصحفي المنعقد يوم أمس الأول "الخميس" عقب قيام الحكومة بالإجراءات السالفة الذكر حيث اعتبر نزع أجهزة الاتصالات التابعة لحزبه "حزب الله" خطاً أحمر والاعتداء على أي فرد من كوادر الحزب اعتداء عليه شخصياً، مهدداً بقطع يد من يقدم على ذلك وهو ما عدّه الآخرون في الحكومة والموالين لها تهديداً بالاغتيالات، ممّّا دفع بالحكومة إلى نشر قواتها في أماكن متفرقة من العاصمة بيروت لتشهد تبادلاً لإطلاق النار بين أنصار حزب الله والموالين للحكومة وسقوط عدد من القتلى وحالة من التوجّس في أوساط المواطنين تخوفاً من عودة "اللبننة" التي وصلت إلى ما وصلت إليه بعد أن مرت البلاد بمرحلة من تبادل الاتّهامات والتصريحات التي رافقت الأزمة منذ انسحاب حزب الله من الحكومة وبدئه الاعتصام منذ عام ونيف با لاضافة إلى الفراغ الدستوري الناجم عن خلو منصب الرئيس إثر مغادرة الرئيس إميل لحود قصر بعبدا وبقاء هذا المنصب شاغراً وما نتج عن ذلك من خلاف بين الفُرقاء حول شخص الرئيس المرشح لخلافة لحود، وكلّما كان الصراع يتأجج كُنا نسمع في القنوات اللبنانية على السنة البعض لفظاً يوحي بالخوف من أن تفضي الأزمة إلى صراع واقتتال أشبه بالصراع الجاري في العراق - وإن لم يلق الذيوع الذي لقيه اشتقاق "اللبننة" و"الصوملة" ذلكم الاشتقاق هو "عرقنة" لبنان، في إشارة إلى الصراع الطائفي الجاري في العراق منذ دخول القوات الأميركية في ال9 من أبريل 2003م حتى يومنا الجاري.

والآن وقت وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه ودخول الفرقاء مرحلة الصدام والمواجهة في هذا البلد، بعد أن فشلت كل المساعي الهادفه إلى حل الأزمة وبعد أن حفيت قدما عمرو موسى "أمين عام جامعة الدول العربية" ذهاباً وإياباً خلال العامين (المنصرم والجاري) سعياً منه إلى حل الأزمة هناك ولكنه دون جدوى، هل يمكن أن نتفاءل ولو بمقدار بحلٍ يُسكت أصوات السلاح المرشحة للارتفاع صوتاً وعدداً وضحايا، حلٍ يعيد البلاد ولو إلى مرحلة الأزمة، التي هي رغم بُغضها أرحم بكثير ممّا ينذر به الوضع الراهن من شرّ مستطير ثم السعي إلى حل جذري لها ليحلّ الأمن والسلام والوفاق في هذا البلد محل الخوف والحرب والافتراق، حل يتّفق عليه الفرقاء، حل يغلّب فيه الفرقاء صوت العقل والحكمة وحبّ الوطن وأبنائه الذين يدفعون ثمن خلافات الساسة الفُرقاء، يدفعون ثمن خلافاتهم من دمائهم وأموالهم واقتصادهم،؟ فهل يفعلون ذلك ليفوّتوا على العدو الخارجي إسرائيل، وأميركا الفرصة التي يتحيّنها منذ إخفاقه في تحقيق أهدافه في حرب حزيران "يونيو" 2006م؟

وهل لنا أن نتفاءل أيضاً بأن يتّفق الفُرقاء على "أجندة" وطنية لبنانية محضة ويمزّق كل منهم "الأجندة" المملاة عليه من الخارج، "أجندة" تجعل مصلحة لبنان وشعبه هي الحرف الأبرز في صدارة صفحاتها لا في آخر سطرفي آخر صفحة من صفحاتها، تجنيباً للبنان من عودة "اللبننة" من جديد؟. . نأمل ذلك، وإنّ غداً لناظره قريب. .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد