قال تعالى "والذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" [سورة الحشر /9.].
"يحبون من هاجر إليهم" ولم يقل الله تبارك وتعالى يحرقون من هاجر إليهم أي بمعنى أن بعض رجالات الضبط القضائي المحسوبون على الأمن السعودي قد خالف نص شرعي بارتكابه هذه الجريمة البشعة المنافية لكل القيم والمبادئ والأعراف الأخلاقية والإنسانية بأن قاموا بإحراق ثمانية عشر مواطناً يمنياً كانوا قد دخلوا إلى المملكة بطريقة غير شرعية طلباً للرزق وللبحث عن لقمة العيش وذلك بعد أن طاردتهم تلك العناصر وحاصرتهم حيث انتهت بهم الملاحقة داخل مخبئاً من القش والخشب، وهو ما مكنهم من إشعال النيران بعد أن صبوا مادة مشتعلة فيها بقصد إحراق من كانوا مختبئين فيها ومن ثم تم إسعافهم إلى المستشفى المدني وبعد أن قضوا أسبوعاً فيه ومن ثم تم إخراجهم بطريقة غير إنسانية وجراحهم لا تزال نادبة ومتقرحة وإجبارهم على التنازل على ما وقع بحقهم من جرم وظلم واضحين وأخيراً تم ترحيلهم وهم في حالة صحية مزرية فهل كل هذه الأفعال المشينة من الإسلام في شيء؟!! وهل تمت للإسلام بصلة؟!!.
وإذا كان الإسلام قد أمر بالرحمة وبالإخاء وبالأثرة في تعامله مع أخيه المسلم ووضع لكل جرم مخالف لنصوصه عقوبات رادعه بشرط أن يكون هذا الجرم منصوص عليه بنص شرعي كقاعدة عامة في العقاب بعد أن تكفل له محاكمة عادلة تهان فيها حرية الدفاع "وما كنا معنيين حتى نبعث رسولاً"..كما لا يجوز بحال تجاوز العقوبة التي قدرتها الشريعة للجريمة "تلك حدود الله فلا تعتدوها" أضف إلى ذلك لا يجوز تعذيب المجرم فضلاً عن التهم؟! قال عليه الصلاة والسلام: "إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا" رواه الخمسة.
ولأن دار الإسلام واحدة.. وهي وطن لكل مسلم ولا يجوز أن تقيد حركته فيها بحواجز جغرافية أو حدود سياسية وعلى كل بلد عربي وإسلامي أن يستقبل من يهاجر إليه أو يدخله من المسلمين استقبال الأخ لأخيه كما فعل الأنصار عندما أووا إليهم إخوانهم المهاجرين وما أبدوه من كرم وسخاوة وحفاوة وترحيب.. "يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة"
دعا الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم- الأنصار أن يقطع لهم البحرين قالوا: لا إلا أن تقطع لإخواننا من المهاجرين مثلما قال: "أمالا فاصبروا حتى تلقوني فإنه سيصيبكم أثره". رواه البخاري.
وفي حديث آخر "عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قالت الأنصار: أقسم بيننا وبين إخواننا النخيل قال: لا فقالوا: أكفونا المؤنة ونشرككم في الثمرة قالوا: سمعنا وأطعنا" رواه مسلم.
فهكذا كانت أخلاقهم رضوان الله عليهم وهو ما يجب أن يتحلى به المسلمون تجاه بعضهم البعض ابتغاء لمرضاة الله بسيرة رسوله الكريم وأصحابه الكرام وتعزيزاً لأواصر المحبة والإخاء.
ومن قبيل هذا أيضاً ما رواه الإمام أحمد حدثنا يزيد حدثنا حميد عن أنس قال: قال المهاجرون: يا رسول الله ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل ولا أحسن بذلاً في كثير لقد كفونا المؤونة وأشركونا في المحنة حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأمر كله قال: "لا ما أتيتم عليهم ودعوتم الله لهم".
هكذا ينبغي أن تكون أخلاق المسلم تجاه أخيه المسلم يحبون من هاجر إليهم، لا يبغضونهم ولا يحرقون أجسادهم كما حدث مؤخراً في خميس مشيط؟!!
نرجوا أن تلقى هذه الرسالة أذاناً صاغية من قبل السلطات السعودية وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لما عرف عنه من كرم أخلاقه وغيرته على الدين ونصرته للمظلوم وذلك بأن يتم فتح باب التحقيق مع بعض عناصر الأمن السعودي بخميس مشيط ممن ارتكبوا هذه الجريمة بحق ثمانية عشر مواطناً يمنياً لا بصفتهم من مواطني دولة شقيقة ولكن باعتبارهم أخوة لهم في الدين والعقيدة بأن يتم تقديم المتهمين للعدالة وتعويض للضحايا المجني عليهم وفقاً لأحكام الشريعة الغراء ونصوص القوانين النافذة المستمدة منها.