حين قلنا وتحدثنا بعدم جدوى حوار المتمردين ورموز الفتنة قيل إننا دعاة حرب وتصفية حسابات مع هؤلاء الجماعة الذين ضلوا وتمردوا وخرجوا على القانون والنظام وإرادة الشعب وجعلوا المذهبية عنواناً لبداية انطلاقهم فما الحقيقة التي تحرك هؤلاء، ليست المذهبية ولا العقيدة ولكنها العمالة ومحاور إقليمية ودولية التقت عليها هذه الزمرة ومعها راحت تقلق الأمن والسكينة وتعيث في الأرض خرابا .. وكان من الخطاء التحاور الندي مع هذه الزمرة الضالة وكان الأجدر بنا تطبيق القانون وردع هذه الجماعة من اللحظة الأولى ولم يكن الأمر عسيرا كما يزعم البعض لا على الدولة ولا على المؤسستين العسكرية والأمنية وهما من يملك القدرة على حسم المشكلة وحقن دماء الأبرياء التي تنزف بفعل إرهاب هذه الجماعة والتي يستحيل أن تحل ظاهرتها عبر الحوار والوساطات مهما كانت ومن أي طرف كانت بعد أن غدا الخلاف داخل هذه المجموعة الإجرامية التي لم يعد عبد الملك الحوثي مسيطراً عليها بل مجموعة قيادية هي من تبسط السيطرة وتتحكم في عمل الجماعة وتوجه جرائمها وتخطط لها ما يجب أن تقوم به من الجرائم، فيما آل الحوثي يدفعون اليوم ثمن جريمة كبيرهم المقبور رمز الفتنة الذي حشد في صفوفه القتلة والخارجين على القانون وتجار المخدرات والمهربين وعملاء ومرتزقة توافدوا إليه من مختلف مناطق الجمهورية وربما من خارجها وهؤلاء راحوا يتمترسون في الكهوف والجبال وفي أوساط المدنيين في بعض القرى جاعلين من المواطنين دروعاً بشرية للحيلولة دون تمكن السلطات من الوصول إليهم أو ضرب مواقعهم حرصاً على حياة المجاميع المدنية التي يحتجزها الإرهابيون ..
الظاهرة التي أجمع ولا يزال الجميع يجمع على إدانتها والتي اختلف الجميع على طريقة المعالجة للمشكلة وهذا الاختلاف أعطى هذه المجموعة فرصة للمناورة والتمدد وتشكيل العصابات العصبية في أكثر من منطقة بل وإليهم ذهب كل الحاقدين والمرضى والمطلوبين للسلطات , وهكذا تحولت هذه الجماعة إلى مظلة لكل المارقين والخارجين على القانون؛ في المقابل رأت فيها بعض المحاور الإقليمية ظاهرة محببة تستحق المساعدة حين راحت ومن خلالها تصفي حساباتها مع النظام السياسي الوطني ومع الوطن اليمني وتلعب أمريكا دوراً في القضية فيما _ طهران_ لم تكن يوما بمعزل عن الفتنة بصورة أو بأخرى ..!!
الظاهرة ومن خلال مسارها تبدو أبعد من كونها محصورة في استهداف النظام السياسي الوطني واليمن وتحولاتها ومنجزاتها وسلمها الأهلي وسكينتها , لكن للأزمة بعدا إقليميا وهدفها قد يتجاوز بلادنا وهذا ما تعبر عنه معطيات راهن الحال بما في ذالك دوافع الوساطة القطرية التي جاءت تلبية لرغبات محورية ودولية ولم تأتِ بدافع ذاتي من الأشقاء في قطر ..!!
ربما يدفعنا العمل الإجرامي الذي قامت به عصابات الحوثي خلال الأيام الماضية إلى التعاطي بقدر من الشفافية والوضوح مع المشكلة وتسمية الأشياء بأسمائها ,إذ لم يعد ما يمكن أن يحول بيننا والصراحة في الطرح بعد أن غدت المساجد هدفا للعصابة المارقة وهذا يعني أن تجربة المشهد العراقي الدامي تُنقَلُ إلينا بالتدرج من خلال هذه المجموعة الإرهابية ..؟؟
والواضح أن الطرق التي برزت مؤخرا وأتبعها المجرمون في تنفيذ جرائمهم طرقاً تجعلنا نستشعر الخطر المترتب على الوطن والمواطن إن نحن ظللنا في تمادينا عن حسم هذه القضية وبقوة القانون والدستور ونمنح بموجب هذا الصلاحية المطلقة للمؤسسة العسكرية والأمنية ونمكنهما من القيام بواجبهما في الحفاظ على السيادة الوطنية والأمن والاستقرار وبدون هذا فإن هذه العصابة ومن يقف خلفها يتجهون إلى إيصالنا إلى أعماق الأنفاق المظلمة والمعتمة والطرق المسدودة والتي ستكون عصية لاحقا عن أي معالجات يمكن أن نلجأ إليها لحسم هذه التمرد الذي
لا يزال بالإمكان السيطرة عليه وحسم القضية نهائيا إن أردنا فعل هذا وتجاوزنا السلوك الراهن والتساهل والتسامح إلى إعمال القانون والدستور وتمكين أجهزة الضبط من القيام بدورها وواجبها دون تدخل ومساومة..إن المدى في الخطاب الذي وصله المتمردون يمكن أن يكون له بعد أخطر من الجرائم الإرهابية التي تمارس بحق الوطن والمواطن من قبل هذه العصابة التي تتحدث بخطابها وكأنها في حالة من الندية مع الوطن والدولة، وحتى نجنب أنفسنا والوطن تبعات مثل هذه الظواهر فإن المطلوب حسم القضية وسحق رموزها وتقديمهم للعدالة وتجريدهم من أسلحتهم وبسط سلطة الدولة داخل المناطق التي كانت مسرحاً لعبث هؤلاء وبسط هيبة الدولة في ذاكرة ووجدان المواطن وحتى لا تفرز لنا هذه القضية قضايا أخرى مماثلة فيظل تنامي ثقافة الخيانة والارتهان وتنامي دوافع الاستهداف للوطن من قبل أكثر من طرف داخلي كان أو خارجي ..!!
إن وصول طابور الإجرام إلى المساجد واستهداف ضيوف بيت الله وقطع الطرق الآمنةِ واستهداف مستخدميها من المواطنين له فعل لم يعد معه السكوت حكمة ولا التساهل حصافة ولا التحاور مع هؤلاء غدا مجديا بل وبالا علينا والوطن والتحولات والمنجزات الوطنية التي غدت محل عبث الصبيان والمراهقين وحثالة من العملاء والمرتزقة والمارقين والمرتدين الذين لم يفكروا يوما بوطن ولا بمصالح شعب .. فالدولة ليست معنية بتقديم أكثر مما قدمت من التنازلات والتسهيلات وقبلت أن تضع نفسها في حالة من ندية مع زمرة من القتلة والخارجين على القانون ولكن التمادي في هذا يجب أن يقف ويجب أن يدرك الإرهابيون والقتلة أنهم ليسوا ندا للدولة والوطن والشعب , وأن التسامح الذي قدم لهم وتنكروا له يجب أن يتوقف ومن ثم على مؤسسات الدولة أن تحسم القضية بكل الوسائل المتاحة ..فمن يريد السكينة والحوار والتصالح لا يرفض الحلول ولا يعقدها ولا يضع الشروط وليس هناك في كل الدنيا مواطنون يضعون شروطا على دولتهم ووطنهم وشعبهم .. ونحن لسنا في وطن محتل ولا يحكم بواسطة الاحتلال، بمعنى لسنا في فلسطين ولسنا في العراق أو أفغانستان ولسنا نعاني من مشاكل طائفية ومذهبية , وبالتالي فإن الدولة قدمت مشكورة كل ما عليها من أجل حقن الدماء ولم يعد أمامها سوى التوجه نحو حسم القضية وردع رموزها ومحاكمتهم محاكمة عادلة يشهد عليها العالم بأسره ..!!
إذ لو كان هؤلاء صادقين فيما يقولونه عبر الفضائيات ووسائل الإعلام لعملوا على احترام الوساطات والمبادرات وكل مساعي السلام التي شهدناها منذ فجروا الفتنة والأزمة ولعملوا على تسليم سلاحهم والنزول من المواقع التي يتحصنون فيها وترك الرهائن من المواطنين الذين جعلوا منهم دروعا بشرية .. لكن يتحدثون بلغة ويعملون ويمارسون بما يناقض ما يتحدثون به , ثم وفي أي دولة في كل الدنيا يتمسك مواطنون بحقهم في الحفاظ على أسلحتهم التي واجهوا بها الدولة والوطن والشعب , إن بقاء السلاح في يد هؤلاء يعني أنهم من خارج هذا الشعب والوطن والدولة ولا ينتمون بالتالي لا للوطن ولا للشعب ولا يعترفون بشرعية الدولة وولاياتها عليهم بل ولا يعتبرون أنفسهم مواطنين كعامة أبناء الشعب اليمني ولهذا لم يعد ثمة مجال أو متسع في الأفق لمجاراة هؤلاء فيما يعبثون ولا بد من حسم المشكلة ولتكن القوة خياراً لا ضير فالله ينزع بالسلطان ما لم ينزع بالقران , والبتر طريق الصحة غالبا ما يلجأ إليه الأطباء لعلاج الإنسان , والردع عنوان حكمة، والقصاص عدل وحياة، وفي سحق التمرد ورموزه حياة وعدالة وصحة وردع وسكينة وبدون سحق هذه الفئة لن نعرف الاستقرار والسكينة ولن نعرف معنى الأمن والتنمية ..