صالح المقبلي
جميع الفرقاء في لبنان متفقون في مطالبهم المتمثلة في انتخاب رئيس توافقي لتشكيل حكومة جديدة والوصول إلى قانون انتخابات عادل.
الفرقاء مختلفون فقط في مسألة ترتيب تلك المتطلبات من حيث الأولويات ففي الوقت الذي ترى المعارضة أن انتخاب الرئيس التوافقي يأتي بعد الاتفاق على حكومة وحدة وطنية وقانون انتخابات عادل.
فإن الأكثرية الحاكمة ترى أن انتخاب الرئيس التوافقي يجب أن يسبق الاتفاق على طبيعة الحكومة المقبلة، وقانون الانتخابات المعدل.
خلاف قد يبدو بسيطاً جداً عند التعامل السطحي معه لكنه في الواقع خلاف معقد بمستوى تعقيدات الفسفساء الطائفي والعرقي والديني المكونة للبنان شعباً وسلطة..!!
وإذا ما أخذنا بطرح المعارضة فإن الاتفاق على حكومة الوحدة الوطنية لا بد أن يسبقه بالتأكيد استقالة الحكومة الحالية ليتولى مجلس النواب عملية تداول تشكيلة الحكومة المقبلة وإخراجها بالتزامن مع إخراج قانون الانتخابات العادل.
وبغض النظر عن المدة الزمنية اللازمة للوصول إلى هذه الحكومة وهذا القانون فإن المؤكد أن لبنان ستكون "بلا رئيس مسيحي" وبلا حكومة "سنية" وستكون مرهونة بمجلس نواب شيعي "يتحكم مفرداً بالقرار...!!!
والسؤال المخيف هنا: ماذا لو تعامل المجلس النيابي مع مسألة تشكيل الحكومة وقانون الانتخابات بمثابة ما تعامل به مع مسألة انتخاب الرئيس خلال فترة السنوات السابقة؟؟؟ وماذا لو عطل المجلس نفسه كما حدث خلال الفترة الماضية..؟؟
والجواب على الأرجح وفي حال هذا فإن الفراغ لن يستمر طويلاً لكنه بالتأكيد سيكون سيفاً مسلطاً على رقاب الشعب اللبناني للاختيار بينه وبين استلام "القوة للسلطة" والقوة هنا "حزب الله" والسلطة هنا.. سلطة الملالي في طهران.. كما تقول الأكثرية..!!
الشيء الآخر المهم ماذا لو انتخب الرئيس التوافقي قبل استقالة الحكومة كما تطالب بذلك الأكثرية الحاكمة..!!
والإجابة: لن يحدث شيء لكنه سيخلق مؤسسة رديفة لمجلس النواب لها أولوية سد أي فراغ في حال تعطل المجلس النيابي والحكومة.. وستقطع بذلك الطريق على القوى الطامحة للسلطة.. بجدار سياسي لا يقارن بتلك القوة لكنه على الرغم من ذلك اكبر من أن تسقطه دون الوقوع في مخاطر وعواقب تفوق مسألة السلطة في لبنان ذاتها..!!