سعيد محمد سالمين
كم يحز في نفس المرء أن يجد البلدان العربية من أقصاها إلى أقصاها تعتمد اعتماداً أساسياً في خبزها على الاستيراد الخارجي.. هذه هي الحقيقة المؤسفة والمحزنة، ذلك أنه لم يعد في العالم العربي بلد واحد مكتفياً ذاتياً من القمح، حتى باتت الدول العربية تستورده بنسب متفاوتة.
وقد ندرك تماماً أن الاكتفاء الذاتي في الإنتاج الزراعي والصناعي وإن ظل أملاً يراودنا، أصبح في الحقيقة أمراً متعذراً في العالم العربي في الظروف الراهنة لعصر العولمة الاقتصادية التي أصبحنا فيها أسواقاً مفتوحة لتصريف كل المنتجات الزراعية والصناعية للدول الصناعية المتقدمة؛ لكن ما يتعذر فهمه أن تتسع دائرة الاعتماد العربي على الخارج حتى تصل إلى لقمة العيش التي يتناولها المواطن العربي، بينما لدى الأمة العربية إمكانيات هائلة لمواجهة تلك الثغرة الخطيرة في توفير الأمن الغذائي لنفسها، فهي لا تنقصها الأراضي الزراعية ولا مياه الري ولا الأيادي العاملة فضلاً عن أنها تملك أموالاً وفيرة تستطيع أن تمول هذا الجهد، بل يمكنها أن تحدث انقلاباً زراعياً واقتصادياً في العالم العربي.
وثمة بعد آخر له أهمية في القضية، ذلك أن الاستيراد العربي للقمح وهو المادة الأساسية في خبزنا اليومي يتم استيراده من ثلاث دول هي الولايات المتحدة الأميركية وكندا واستراليا وهي أكثر الدول المصدرة له في العالم، وبذلك فإن مستقبل الخبز العربي يكاد يصبح في حقيقة الأمر مرهوناً برضاء تلك الدول الثلاث وهو أمر له خطورته البالغة في ظل العولمة الاقتصادية وهيمنتها على اقتصاديات العالم.
إننا بحاجة إلى إدراك المخاطر المحدقة بنا بعد أن لمسنا اليوم حدوث أزمة الغذاء في العالم تحت مبررات مختلفة لا نعرف كنه حقيقتها ولا صدقها من عدمها، لذلك يجب أن تتضافر الجهود العربية والتحرك بمسؤولية وطنية لإنقاذ رغيف الخبز العربي من أي نفوذ أجنبي، وإلا سيظل الاستقلال العربي عامة منقوصاً طالما بقيت هذه الثغرة قائمة.
أليس لدينا القدرة بمواردنا المتاحة وإرادتنا الكبيرة أن نحقق اكتفاءنا الذاتي من القمح ونحصن إرادتنا الوطنية من أي ضغط أجنبي؟ نرجو ذلك.