محمد بن ناصر الحزمي *
تصادف هذه الأيام ذكرى النكبة وهي ذكرى اجتثاث شعب فلسطين من وطنه وإحلال شعب آخر بقرار التقسيم الأممي 181 وكل عام تمر هذه الذكرى الغير عزيزة على قلوبنا لكنها هذه المرة تتميز بالعدد الذهبي ستون عاما.
ونكبتنا الحقيقة لم تبدأ منذ ستين عاماً وان جعلتها عنواناً لمقالي وإلا فنكبتنا بدأت يوم سقطت الخلافة العثمانية... وبدأت يوم قدسنا الحدود الاستعمارية... وبدأت يوم أزحنا من الحكم الشريعة الإسلامية... وبدأت يوم حكمتنا القوى العلمانية... ونكبتنا يوم حولنا عقولنا من عقول إنتاجية إلى عقول استهلاكية... نكبتنا يوم شعرنا بالهزيمة النفسية ونقص الشخصية... فذهبنا نعوض ذلك باستشراب المفاهيم الغربية... وبدأت يوم قدسنا الديمقراطية وعشقنا الحزبية... فتفرقنا أشتاتاً وكيانات وهمية... وبدأت يوم اقتحمنا ميدان الأغنية... وصنعنا من الفساق نجوماً علوية... وتمتعنا بغثاء القنوات الفضائية وبدأت يوم قبلنا أبا جل ومنحناه قصائد شعرية.. نكبتنا أننا قذفنا بأنفسنا برغم عددنا إلى شاطئ الغثائية ونكبتنا يوم خضعنا للنعرات الجاهلية... فهذا حميري وهذا فرعوني وآخر كنعاني ونسينا أن الله وحدنا بقوله "وان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" نكبتنا يوم قزمنا قضية فلسطين من قضية إسلامية إلى عربية إلى فلسطينية إسرائيلية واليوم صارت قضية رام الله أو عباس مع إسرائيل فإذا اتفق الطرفان صفقت الأمة الإسلامية نكبتنا اليوم أننا بعد ستون عاماً أضفنا إلى نكبتنا نكبات، فالفلسطينيون ثلاثة، فلسطينيو غزة وفلسطينيو الضفة وفلسطينيو 48 والعراق والصومال وأفغانستان دخلت عالم النكبات بمساعدات دول عربية وإسلامية.
نكبتنا أننا نكبة على أنفسنا قال تعالى "أولما أصباتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم انا هذا قل هو من عند انفسكم" وتصديقاً لما ذكرت هذه هي الأرقام
60 عاماً أكلنا من "السكريم" ما يكفي لقيام مفاعلين نوويين.
60 عاماً ما انفق على المكياج والمساحيق ما يكفي لزراعة الربع الخالي قمحاً.
60 عاماً انفق على السيجارة يكفي لقيام العشرات من المصانع الثقيلة.
60 عاماً ما أنفق على الخمور والمخدرات يكفي لتأمين الغذاء العربي والإسلامي.
60 عاماً ما أنفق على الغناء يكفي لإقامة محطتي فضاء.
60 عاماً ما أنفق على كرة القدم يكفي لإنشاء 4 مصانع طائرات.
60 عاماً ما أنفق على كريم كرميلا والمحلبية ما يكفي لإنشاء العشرات من مزارع الأبقار والماشية.
60 عاماً ما أنفق على آخر صرعة وآخر موضة وآخر قصة يكفي لإنتاج 50 ألف ميجاوات من الطاقة.
60 عاماً والكيان الصهيوني دولة واحدة والمسلمون أكثر من 50 دولة.
60 عاماً والكيان الصهيوني محافظ على أساس بقائه وهو الدين الذي سمى دولته باسمه والمسلمون يصارعون دينهم بلا هواده.
60 عاماً وملايين الفلسطينيين يصيحون عائدون ولكن كما قال أحمد مطر:
هرم الناس وكانوا يرضعون، عندما قال المغني عائدون، يا فلسطين وما زال المغني يغني، وملايين اللحون، في فضاء الجرح تفنى، واليتامى من يتامى يولدون، يا فلسطين وأرباب النضال المدمنون، ساءهم ما يشهدون، فمضوا يستنكرون، ويخوضون النضالات على هز القناني وعلى هز البطون، عائدون، ولقد عاد الأسى للمرة الألف، فلا عدنا ولا هم يحزنون.
وإلى لقاء آخر إن شاء الله.
* عضو مجلس النواب