سعيد محمد سالمين
تساءلت أميركا أكبر من مرة لماذا تبدو صورتها في العالم أسوأ مما تتوقع، رغم المليارات التي تنفقها في المعونات والمساعدات؟ ولقد حاول كاتب أميركي منذ سنوات أن يجيب على هذا التساؤل، فألف كتابه المشهور "الأميركي القبيح " مركزاً على النواحي السياسية، أي أن أمريكا فيها خير كثير، ولكنها ما تزال محتاجة إلى النصيحة المخلصة التي تبصرها بأن مشكلتها الكبرى ليست في جحود الغير، ولكن في نظرتها هي إلى بني الإنسان، وتعاملها معهم على مفهوم أن الناس صنفان غالٍ ورخيص، والناس الأغنياء والفقراء، والمتعلمون والجهلاء، والمتقدمون والمتخلفون، والأقوياء والضعفاء.
وهذا دليل اعتراف عملي بأن في عالمنا صنفين من البشر معاً ينتميان إلى الأسرة الإنسانية والأمم المتحدة التي أعلنت حقوق الإنسان، وتساوى الناس فيها.
ولكن الخطر كل الخطر في أن يجرنا ذلك كله إلى أن نتوهم هناك إنسانا غالياً وإنساناً رخيصاً. فالنفس الإنسانية "قيمة" وليست "سعراً" والقيمة متساوية في كل الناس ويوم يستقر ذلك في صميم السياسة أو التجارة أو الثقافة على حد سواء، ويوم تحل القيمة الإنسانية محل القيمة النفعية، فتسعد أمريكا ويسعد العالم.
ولست أريد أن أكون كمن يؤذن في مالطة ويترك قريته بلا آذان لذلك أقول حذار يا أخواني العرب أن تتعاملوا فيما بينكم بمنطق الغربي الغالي والعربي الرخيص حذاري أن تقعوا في محظور الاستقطاب إلى أغنياء وفقراء ثم تثبوا من ذلك إلى غال ورخيص.
إن العالم الواسع الأقدر على استيعاب تلك التناقضات قد أخذ ينوء بها وتنوء به وعامنا العربي المحدود لا يمكن أن يتماسك إزاءها دون أن تزلزله زلزالاً عنيفاً.. لا يبق ولا يذر..
