كتب/ عبدالرحمن علي الزبيب *
يعتبر المحامي من الناحية القانونية قاضياً ليس المقصود أنه يفصل في القضايا بأحكام قضائية ملزمة لأطراف الخصومة بل إنه يقوم بالإطلاع على قضية موكله والإطلاع على المواد القانونية الذي تختص بالقضية وتطبيق القانون عليها ويصدر فيها دعوى أو رد على الدعوى المسبوقة بحيثيات وأسانيد قانونية للموضوع وغالباً ما تكون عريضة الدعوى عند معظم المحامين المتمرسين للمحاماة أفضل من بعض الأحكام من ناحية طرح الموضوع والاستشهاد القانوني.
ورغم أن المحامين يعتبرون كما ذكرت قضاة من ناحية أن القاضي يطبق القانون على القضية المنظورة لديه و المحامي يطبق القانون على القضية الموكل فيها إلا أنه وللأسف الشديد نجد أن أطراف الخصومة القضائية غالباً ما يتكون لديهم عداء لمحامي الطرف الآخر قد يتطور إلى اعتداءات برغم أن القانون رقم "31" لسنة 1999م بشأن تنظيم مهنة المحاماة ذكر في المادة "4" تعريف عمل المحامي وقال: تضطلع مهنة المحاماة بالأهداف الرئيسة التالية:-
1. العمل على تطبيق القوانين من خلال المساهمة مع أجهزة القضاء والنيابة العامة في إرساء وتثبيت سيادة القانون وعدالة التقاضي والدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان.
2. المساهمة مع أجهزة القضاء والنيابة العامة من أجل تيسير سبل العدالة وتبسيط إجراءات التقاضي وإزالة العراقيل والتعقيدات أمام المتقاضين. . فبحسب التعريف المذكور لعمل المحامي نجد أنه يتوافق مع عمل القاضي فالقاضي يطبق القانون على القضية المنظورة لديه والمحامي يطبق القانون على القضية الموكل فيها.
بل نجد غالباً أن طرفي الخصومة القضائية وأثناء نظر القضية يفوضون أحد محامي الخصمين أو محامي الطرفين في الفصل بالقضية دون حكم قضائي، وهذا لا يكون إلا إذا وجد محامون ملتزمون بالقانون وآداب وأخلاق مهنة المحاماة ورغم ذلك نجد وجود عداء واستعداء للمحامين، ويرجع سبب عداء أو اعتداء أطراف الخصومة على المحامين إلى جانب عدم وعي أفراد المجتمع بأن المحامي ليس طرفاً في خصومة يرجع إلى عدة أسباب وأهم هذه الأسباب هي عدم الوعي بعمل المحامي ويرجع هذا إلى عدة مسببات منها :
السبب الأول: يرجع إلى المحامي: فتجد مجموعة كبيرة من المحامين عندما تعرض عليه قضية يقبلها دون نقاش أو دراسة بحيث لا يطلع موكله على موقفه القانوني وما إذا كانت طلباته قانونية أم غير قانونية وبحياد تام، إلا أنه بوعوده بأنه سيمكنه من حقه القانوني وزيادة ثم يدرس الثغرات القانونية لنيل تلك الحقوق والطلبات دون النظر إلى مدى قانونيتها بل يعتبر أنه إذا رفض قضية لعدم توافق طلبات موكله مع القانون قصور في فهمه وسمعته في المجال القانوني.
بل إنه إذا خسر القضية لعدم قانونية الطلبات التي قدمها في دعواه فتجده يكابر ويصر على استئناف الأحكام القضائية، رغم أن الحكم كان وفقاً للقانون، إلا أنه يتصور بأن الرضوخ للقانون ورضائه بخسارته بالقضية يسقط سمعته في المحاماة بل تجد محامين يتفاخرون بأنهم لم يخسروا قضية طوال عمرهم، كما أنه يوجد بعض المحامين الذين للأسف الشديد كما يقال ملكيين أكثر من المالك فإذا ما اقتنع صاحب القضية بالتصالح والتنازل فيرفض المحامي ذلك ويحرضه على التشدد في عدم التصالح والتنازل، بل ويقوم المحامي باستفزاز خصوم موكله وإنكار أدلتهم وحقوقهم بشكل فج وباستخفاف يؤدي غالباً إلى أن يقوم الخصوم بالاعتداء على المحامي بل ويجعلونه خصمهم ويتركون خصمهم الحقيقي.
وكذلك ما يقوم به بعض المحامين من اتفاق مع الخصوم على نوعين من الأتعاب الأول إذا نجحت القضية يأخذ مبلغاً أكثر وإذا خسر القضية يأخذ مبلغاً أقل مما يجعل المحامين يقومون باستخدام جميع الوسائل لكسب القضية الموكلون فيها.
السبب الثاني: سبب قانوني: وهو عدم وجود نص قانوني في قانون المحاماة يمنع القاضي أو عضو النيابة من القيد في سجل المحامين الذي تم محاسبته وإقالته من مجلس القضاء الأعلى لاختلالات سلوكية أو مسلكية أو لإهماله أو لأي سبب تم استبعاده من عمله لأي خلل قام به، لأنه أصبحت مهنة المحاماة الملجأ الأخير لكل من يخالف عمله القضائي فكيف سيكون مؤتمناً في المحاماة، وهذا ما نتمنى من نقابة المحامين أن تورده في التعديل القادم لقانون المحاماة بحيث لا يدخل إلى مهنة المحاماة إلا من كان ناجحاً في عمله.
السبب الثالث سبب نقابي: السبب النقابي في استمرار بل وزيادة الاعتداء على المحامين هو أن نقابة المحامين لم تقم برصد كامل لكل انتهاك مهما كان صغير لأي محامي في الجمهورية اليمنية وتقوم بنشره في جميع وسائل الإعلام الوطنية والدولية لأن ذلك قد يحد من استمرار الاعتداءات النمطية للمحامين.
السبب الرابع: قضائي: وهنا يرجع هذا السبب إلى أن المحامي عند الاعتداء عليه كان يجب ما دمنا ذكرنا أنه يعتبر قاض بأن تكون المحكمة المختصة بنظر القضية في الاعتداء على المحامين هي نفس المحكمة التي تنظر قضايا الاعتداء على القضاة وبنفس إجراءات التقاضي ونفس العقوبة لأن الجميع يعمل على تطبيق القانون.
* باحث قانوني وناشط حقوقي