كروان عبد الهادي الشرجبي
"حكاية من الواقع"
عاشت معه سنوات في كفاح متواصل وتحملت الحياة بحُلوها ومُرها ووقفت بجانبه في كل ما مر عليه من أزمات حتى أنعم الله عليه ورزقه من أوسع أبوابه، وكانت مكافأته لها أن تزوج بفتاة من عمر بناته وبكل هدوء فضلت الانسحاب بالطلاق فكان ذاك!!
تركته وهي تشعر وكأنها لاجئة أخرجت من وطنها بالقوة ولكن بقى حب الوطن نابضاً في عروقها، وعاشت على أمل أن تتغير الظروف أو أنه سوف يصحو من أوهامه وستعود المياه إلى مجاريها، ولكن الأيام مرت ولا جديد واختارت أن تحيا في ركن النسيان حتى مضت أعوام وهي تحيا على ذكرياتها التي أمضتها معه وكانت تمنحها الشعور بالراحة والأمان.
فجأة جاء طالباً زيارتها وأحسنت استقباله فبدأ يحدثها عن قسوة تجربته ويشكو ويتذمر من المعاناة التي يعيشها مع زوجته وكانت دقات قلبها تعلو فوق صوته، فسمعته حتى النهاية وغادر المنزل، وبعدها بساعات زارها أولادها وعرضوا عليها ما قرره والدهم وهو أن تعود الحياة بينهم مرة أخرى!!.
فوافقت على الفور! لم لا وقد كان شريك عمرها وحب حياتها ووالد أبناءها، فالذي يحب لا يعرف الحقد والكره طريقاً إلى قلبه، فهي بالفعل تحبه ولا يمكنها أن تنكر أو تتجاهل مشاعرها، فحياتها لن تستعد إلا بوجوده إلى جانبها ولا تستطيع الاستغناء عنه أكثر من ذلك فالحياة جافة قاسية من دونه.
فما أحلى الرجوع إليه.
"الأفاعي البشرية"
هم ناعمو الحديث والهمس، صوتهم أقرب إلى الفحيح، فهم يظهرون ما لا يبطنون به وفي أعماقهم غابات ملوثة من السموم والأحقاد، فكل من يعترض طريقهم ضحية.
هؤلاء هوايتهم المفضلة الغيبة والنميمة والحديث عن أعراض الناس ويموتون غيضاً عندما يرون أناساً سعداء، بل يبلغ بهم الأمر إلى تأليف الحكايات الكاذبة عندما يشاهدون أفراداً متحابين ومتآخين ولا يكتفون بذلك، بل يوصل بهم الأمر إلى تشويه السمعة وخراب البيوت.
فهم يظنون أنهم سيعيشون إلى الأبد ويظنون واهمين أن لا أحد يرى ويدرك ويسمع أو يعلم عن أمر سمومهم شيئاً، ولا أعلم كيف تناسوا أن الله يرى ويسمع ويعلم!!.
إن هذا النوع من البشر ليس لديهم أي رادع يردعهم ويعيدهم إلى صوابهم، فهم بلا ضمير، وبلا قيم، وبدون وازع ديني.
وللأسف هم ينتشرون بيننا بكثرة مخيفة، وقد لا ننتبه إلى وجودهم إلا بعد أن تتسرب السموم في أجسادنا وتسري سمومهم بنا، عندها قد نتدارك الأمر فنقضي عليهم قبل أن يقضوا علينا، ولكن للأسف في معظم الأحيان لا ننتبه لوجودهم إلا بعد فوات الأوان.
هؤلاء لا يدركون، أو لا يريدون أن يدركوا أنهم يوماً ما سينفضحون وسيكشف أمر سمومهم، وأنهم يوماً ما سيغمضون أعينهم وسيحملون على الأكتاف فوق قطعة خشبية ليس معهم من الدنيا سوى قطعة قماش تسترهم وسيدخلون في حفرة ضيقة مظلمة، ولن يبقى معهم أحد سوى ملائكة الحساب، ولن يتبقى لهم شيء سوى عملهم فإما إلى الجنة وإما إلى النار!!.