أقام المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل "منارات" محاضرة للأستاذ الدكتور/ علي هود باعباد الأمين المساعد لاتحاد الجامعات العربية تحت عنوان "الهوية العربية الإسلامية في ظل العولمة"، برعاية وزير الأوقاف الأستاذ/ حمود الهتار.
وفي المحاضرة التي حضرها وزير الزراعة والري ووزير الأوقاف وعدد كبير من المثقفين والأدباء والمحاضرين في جامعة صنعاء الذين أثروا المحاضرة بمداخلاتهم القيمة حول الهوية العربية وتأثيرات العولمة على هذه الهوية حتى وصفها البعض بالبلطجة العالمية ومنهم الدكتور/ حمود العودي.
ولأهمية المحاضرة تقوم "أخبار اليوم" بنشرهاعلى حلقات حرصاً منها على تقديم المضمون الذي تضمنته المحاضرة للقارئ الكريم.
تغطية/ إياد البحيري
تحديات داخلية تواجه النظام التعليمي العربي تتمثل في:
أداء المؤسسة التعليمية ذاتها بمداخلاتها وعملياتها ومخرجاتها.
طبيعة البيئة التي تعمل في إطارها المؤسسة التعليمية و التحولات العميقة في علاقة الفرد بالمجتمع وبالدولة وفي معنى المواطنة إلى المعنى الجديد للمجتمع المتعلم.
تحديات خارجية تتمثل في :
رهان حيازة القدرة التنافسية الذي فرضته عولمة الاقتصاد والذي بدأ يفرض على المؤسسات التعليمية تعديلات ضخمة من اجل إعداد متعلمين بمستوى عال من المهارات والاستعدادات عبر التخصصات والمعارف.
تعدد مصادر المعرفة الذي وفرته وسائط المعلومات و الاتصالات والتي ستحول أنماط التمدرس التقليدي وتعلم الصغار كيفية التعامل مع المعلومات
ج- تداخل العلم والثقافة والمعرفة في التأثير على الحياة اليومية و بروز مهارات وأنماط تفاعل و علاقات اجتماعية ومهنية جديدة بدأت تأثر على تعريف الفرد المتعلم وتدعو إلى ضرورة استجابة المؤسسة التعليمية لذلك وتحضير الطالب إلى مجتمع الغد القائم على المعرفة والعلوم المعقدة والتقنيات.
أما التحديات التي تواجه التعليم الجامعي في العالم العربي والإسلامي فقد لخصتها إستراتيجية التعليم الجامعي للعالم الإسلامي في الآتي : (3: 13)
تقدم مدهش في الفكر العلمي وبخاصة في الحقول العلمية مثل علوم الطبيعة والعلوم البيولوجية والهندسية الوراثية.
تطوير المعايير والنظريات والمناهج التعليمية مما يحسن القدرة التنافسية للتعليم العالي والجامعي ويؤهله للمساهمة في حل مشكلات سوق العمل المحلية والإقليمية.
تأهيل التعليم العالي والجامعي ليصبح أكثر قدرة على خدمة المجتمع والتأثير فيه وابتداع الأفكار الجديدة
تأهيله أيضا ليتحول من مستجيب للأحداث والتكيف معها إلى منتج لها.
العمل على الإسهام الفاعل في تحقيق استدامته للتنمية على المدى المتوسط والمدى الطويل.
إضافة إلى التحديات يواجه التعليم العالي الجامعي آفتين كبيرتين هما آفة التقليد والمحاكاة ، وذلك إن جل أنظمة التعليم في البلاد الإسلامية وفلسفاتها غريبة أجنبية عن ضمير الأمة وغاياتها الحضارية معتمدة على التقليد والمحاكاة ، لا تأخذ في الحسبان الطبيعة والسمات الشخصية الخاصة للحضارة الإسلامية ومنطلقاتها وقيمها ، والآفة الثانية تشوه الرؤية الكلية الإسلامية وما خالط ثقافة المسلمين من آفات وخرافات وشعوذات أوقفت تروس عجلة حضارتهم وشوهت عقليتهم وأفسدت معارفهم وممارسات حياتهم وأساليب تربيتهم وباعدت بينهم وبين ما كانوا عليه من قوة التوكل على الله والتزام نهج السنن الإلهية في كل شؤون سعيهم وحياتهم. (13: 6)
(( إن معظم تقارير اليونسكو الأخيرة تؤكد أن معركة البشرية في القرن الحادي والعشرين ستدور حول القيم والأخلاقيات وحماية إنسانية الإنسان وحماية البيئة ، وترى أن دور التربية هو ترسيخ قيم العدل والسلام وصناعة الحياة ذات المغزى والغاية ،وترسيخ القيم الروحية وقيم التعاون والإحساس بالمصير المشترك وتعليم قيم أن نعيش معا بدلا من أملك وحدي )).
إن العولمة في كل مجالاتها قد ألقت تبعات كثيرة وثقيلة على التعليم العالي والجامعي ومراكز البحث العلمي في البلاد العربية والإسلامية ، فقد بات الجميع يؤمنون بضرورة تعظيم دور العلم والتكنولوجيا في دعم القطاعات الاقتصادية المختلفة ، حيث أنها تواجه تحديات دولية خطيرة ومتزايدة ، ولا شك أن دور الجامعات يتجاوز مرحلة الدراسات الجامعية الأكاديمية إلى الدراسات التخصصية بهدف تأهيل الخريجين للمشاركة في حل المشكلات التي تواجه كافة القطاع العام والخاص بمؤسساته المختلفة.
إن مهمة التعليم الجامعي العالي هنا هي إنشاء علاقات ومشاعر ومصالح بين الشعوب العربية من الصعب التخلص منها ، إن العقيدة واللغة والتاريخ والجغرافيا والآمال في المستقبل لا تتوفر كثيرا أمام النظم التربوية في العالم كما تتوفر أمام التربية العربية ، ولذا على الجامعات العربية المساهمة في إنشاء التكامل العضوي لعملية التنمية العربية الشاملة.
((من المعاناة التي تشكل جزءا من الملامح الخاصة للازمة التربوية التي تعيشها الأنظمة التربوية،تسرب التلاميذ الصغار من المدارس، نزيف العقول العلمية،هدر الخريجين، وقلة توظيف الاستفادة من طاقاتهم العقلية والبشرية، وتضارب الآراء في ما يخص محتوى التعليم)). (21: 116)
ومن أهم المعاناة أيضاً مقاومة الدعوة إلى تعريب التعليم الجامعي والتقانة وتدريسها باللغة العربية مع ان هذا ليس بدعة أو ردة بل هي دعوة إلى تصحيح خطأ، فهي لغة القرآن ، ولغة الحضارة العربية الإسلامية ، فهي بإمكانها مواكبة الحضارة المعاصرة ، فتأخذ ما تطرحه من معارف واكتشافات ، فتصوغها بقالب واضح ووزن متقن لا لبس فيه ولا غموض.
ولعل أسباب هذه المعاناة التربوية تعود إلى قلة فهم الفلسفة الاجتماعية عند كثير من المسؤولية التي تعد الأساس لبناء فلسفه تربوية واقعية متماسكة،ولجوء بعض نظمنا التربوية لاستعارة واستيراد نظم تربوية جاهزة منتزعة من سياقها الاجتماعي.
((فالطريقة العولمية وقضية العولمية، تشكل إطارا لا يمكن تجاهله في عناصر التعامل العولمي بما يؤثر على الهوية حركة وتحريكا، مسارا وتسيرا،وبيئة العولمة،- شيئنا أو أبينا- تترك تأثيراتها على قضية الهوية ،وتشكل الجامعة ميدانا مهما لتدافع العولمة والهوية،ودور الجامعة هو صياغة علاقة سوية بينهما،أو غير سوية)). (12: 27)
((إن إصلاح التعليم العالي والجامعي وتفعيلة قضية أساسية لإصلاح الأمة الإسلامية وإنهاضها وإنجاح مشروعها الحضاري،ورسالتها العالمية، ولذلك يجب أن يمتد هذا الإصلاح إلى الجذور، ويزيل ما ألم بها من تشوهات،تبدأ "بإسلامية المعرفة" وأصالة منطلقاتها والتي تقتضي إصلاح منهج المعرفة وتوحيد مصادرها الإلهية الإنسانية، حيث يوفر الوحي البعد الكلي الروحي الأخلاقي لمجال الفعل الإنساني، وتوفر السنن الكونية والوسائل العلمية والتقنية لذلك الفعل،وتزول بذلك حواجز العجز والجمود، وتنطلق طاقات الفكر والدرس والبحث في الطبائع والوقائع، على أساس مبادئ العقل، وسنن الكون ومقتضي هدى الوحي)). (13: 6)
إن التربية قوة تكوين الهوية والثقافة قوة بلورتها وكلتاهما تنطلقان من قوة العقيدة أو ضعفها ، والتعليم هو أساس المعرفة ، والمعرفة أساس القوة ، لذلك جاء في تقرير " أمة في خطر " عام 1983 " انه إذا أردت أن تنتزع سلاح أمة ، فانتزع سلاح تعليمها وإذا أرادت أمة أن تتدخل في الشئون التعليمية لأمة أخرى ، فيجب أن يعتبر ذلك إعلان الحرب عليها " (92:15).
إن العولمة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 تركز تركيزاً كبيراً على اذابت الهويات في العالم ولاسيما الهوية العربية الإسلامية من خلال التربية والتعليم والثقافة ، فهي من أهم التحديات التي تواجه القيادات السياسية والتربوية والتعليمية والثقافية والشبابية في العالم العربي والإسلامي.
النتائج والتوصيات
توصل الباحث إلى النتائج والتوصيات الآتية :
إن الهوية العربية الإسلامية مربدة في حاجة ماسة إلى إعادة النظر في مؤثرات مكوناتها من قبل قيادات السياسة والتربية والتعليم والثقافة والإعلام في كل مجالات فلسفتها وتربيتها وثقافتها ولغتها وتاريخها وحياتها العامة، أي في حاجة إلى نقلة جادة من حالتها الراهنة إلى حالة النهضة والتقدم والحضارة العربية الإسلامية. ولذا نوصي بالآتي:
في مجال الفلسفة :
من هوية عربية تدين بالعلماينة منهج حياة وإطار الحضارة العربية ، إلى هوية عربية إسلامية ، تؤمن بالإسلام منهج حياة وإطار لمشروعها الحضاري الإسلامي المعاصر.
من هوية عربية فلسفتها الاجتماعية غير واضحة عند كثيرين من المسؤولين إلى هوية عربية إسلامية فلسفتها الاجتماعية وأهدافها العامة في الحياة واضحة عند كل المسؤولين.
من هوية عربية فلسفتها التربوية إطارها العلمانية إلى هوية عربية إسلامية فلسفتها التربوية إطارها الإسلام.
من هوية عربية فلسفتها التربوية في إدراج المسؤولين إلى هوية عربية إسلامية فلسفتها التربوية في المناهج والأنشطة والسلوك.
من هوية عربية غير واضحة الرؤى والمبادئ العامة والسلوك إلى هوية عربية إسلامية واضحة الرؤى والمبادئ العامة والسلوك لا شرقية ولا غربية.
من هوية عربية تخاف العولمة إلى هوية عربية إسلامية تستوعب العولمة في إطارها الإسلامي.
من هوية عربية لا تستوعب العولمة فقط إلى هوية عربية إسلامية تستوعب العولمة وتكون عالمية.
في مجال الفكر والتفكير :
من هوية عربية تفكر من خلال الابتداع إلى هوية عربية إسلامية تفكر من خلال الإبداع.
من هوية عربية تفكر بأسلوب الاجترار إلى هوية عربية إسلامية تفكر بأسلوب الابتكار.
من هوية عربية تفكر في حل مشكلاتها من خلال العلمانية والعولمة إلى هوية عربية إسلامية تفكر في حل مشكلاتها من خلال الإسلام والعالمية.
من هوية عربية تفكر في الاستيراد للاستهلاك إلى هوية عربية إسلامية تفكر في الاستيراد من أجل الابتكار والتصنيع والتصدير.
في مجال التربية :
من هوية عربية تتربى تربية وطنية قومية إلى هوية عربية إسلامية تتربى تربية عربية إسلامية إنسانية عالمية ومن المهد إلى اللحد.
من هوية عربية تتربى تربية فردية مشتتة إلى هوية عربية إسلامية تتربى تربية جماعية تكاملية من خلال كل المؤسسات التربوية والثقافية والشبابية والإعلامية.
من هوية عربية تتربى تربية جزئية إلى هوية عربية إسلامية تتربى تربية شاملة روحياً وفكرياً وجسمياً ووجدانياً.
من هوية عربية تتربى تربية على الكراهية والعنصرية إلى هوية عربية إسلامية تتربى تربية على الحب والإخاء للإنسانية.
من هوية عربية تتربى على الدكتاتورية والصراع الطبقي إلى هوية عربية إسلامية تتربى على الشورى والمساواة بين بني الإنسان.
من هوية عربية تتربى على العبودية للحزب أو الحاكم ، إلى هوية عربية إسلامية تتربى على العبودية لله والحرية الفكرية والعلمية في إطار الإسلام.
في مجال التعليم :
من هوية عربية تتعلم تعليماً محدوداً الأمد إلى هوية عربية إسلامية تتعلم تعليماً مدى الحياة.
من هوية عربية أمية إلى هوية عربية إسلامية متعلمة من المهد إلى اللحد.
من هوية عربية تتعلم تعليماً جامعياً للوظيفة إلى هوية عربية إسلامية تتعلم تعليماً جامعياً تخصصياً.
من هوية عربية تتعلم الاعتماد على الآخر إلى هوية عربية إسلامية تتعلم الاعتماد على الذات.
من هوية عربية تتعلم لإعداد الكفايات إلى هوية عربية إسلامية تتعلم لإعداد الكفاءات.
من هوية عربية تتعلم الكسل والمرح والضحك إلى هوية عربية إسلامية تتعلم العمل والجد والابتسامة.
من هوية عربية تتعلم إضاعة الوقت في النوادي والمقاهي إلى هوية عربية إسلامية تتعلم كيف تستفيد من الوقت في المكتبات والمصانع فالوقت عندها هو الحياة.
من هوية عربية تتعلم من أجل الوظيفة فقط إلى هوية عربية إسلامية تتعلم من أجل الوظيفة والعلم والتعلم.
من هوية عربية ترفض تطوير التعليم مع إمكاناتها المالية إلى هوية عربية إسلامية تضع صيغاً جديدة لتطوير التعليم الجامعي والعالي عن طريق استخدام المعرفة والتكنولوجيا والتقنيات والرأسمال العام والخاص.
من هوية عربية تريد أن يكون التعليم سلعة تجارية دولية ، إلى هوية عربية إسلامية تريد أن يكون التعليم هوية وثقافة ونوعية وجودة وحضارة تخدم المواطن والوطن والأمة.
من هوية عربية تريد جامعة وظيفية إلى هوية عربية إسلامية تريد إقامة جامعة حضارية.
في مجال الثقافة :
من هوية عربية لديها ثقافة الاستهلاك إلى هوية عربية إسلامية لديها ثقافة الإنتاج.
من هوية عربية لديها ثقافة المباركة والتقليد إلى هوية عربية إسلامية لديها ثقافة المشاركة والإبداع.
من هوية عربية لديها ثقافة مغلقة إلى هوية عربية إسلامية لديها ثقافة الانفتاح على الآخر.
من هوية عربية لديها ثقافة التسليم إلى هوية عربية إسلامية لديها ثقافة التقويم.
من هوية عربية غير قادرة على التفاعل مع الآخر إلى هوية عربية إسلامية لديها القدرة على التفاعل مع الآخر والتأثير والتأثر.
من هوية عربية تريد اللغة العربية العامية وعاء الثقافة إلى هوية عربية إسلامية تريد أن تكون اللغة الفصحاء هي وعاء الثقافة وإطارها العام.
في مجال اللغة :
من هوية عربية لديها عقد نفسية من لغتها إلى هوية عربية إسلامية لديها العزة والفخر بلغتها.
من هوية عربية تلهث وراء تعليم أبنائها بلغة المستعمر إلى هوية عربية إسلامية تعتز بتعليم أبنائها بلغة القرآن
من هوية عربية ترى أن لغة العلم هي اللغة الأجنبية إلى هوية عربية إسلامية ترى أن لغة العلم هي اللغة العربية مع غيرها.
من هوية عربية ترى تعليم الطب والهندسة وغيرها بلغة المستعمرين واجب إلى هوية ترى أن تعريب التعليم في كل تخصصاته واجب مع الاهتمام بلغة العصر.
في المجالات الأخرى :
من هوية عربية تلعن وتدين وترفض ثورة التكنولوجيا والاتصالات والمعلومات إلى هوية عربية إسلامية تؤمن بأنها وسائط وأدوات لا يمكن إدانتها في ذاتها ولا يمكن الحكم عليها في ذاتها، وإنما يتوقف الحكم عليها في ضوء الهدف الذي استخدمت من أجله ، لذا لا بد من استخدامها ضمن رؤى إسلامية للخير لا للشر.
من هوية عربية تستهلك التكنولوجيا والتقنيات إلى هوية عربية إسلامية ترى أن صنع التكنولوجيا والتقنيات فرض عين وكفاية.
من هوية عربية تعتمد كلياً على الاستيراد الخارجي إلى هوية عربية إسلامية تعتمد كلياً على الإنتاج المحلي.
من هوية عربية غذاءها ولباسها من الخارج إلى هوية عربية إسلامية غذاءها مما تزرع ولباسها مما تصنع.