نبيل مصطفى مهدي
كثيراً ما نسمع بأن بعض أشكال التلويث ليست بالضرورة مضرة بصحة الإنسان جسمانياً، ولكن التلويث بحد ذاته من شأنه أن يشكل ضغطاً كافياً لتهديد صحة الإنسان بالخطر من الناحية النفسانية، هذا هو رأي أحد الخبراء البريطانيين في الموضوع، لقد كانت قضية التلويث تؤخذ بعين الاعتبار من وجهتي نظر اثنتين، الأولى وجهة نظر الباحث الطبي الذي يعني بالأخطار الصحية المحتملة والثانية وجهة نظر الشخص العادي الذي يجد في تلويث البيئة مصدراً لإزعاجه، وذلك قبل أن يبلغ التلويث ذاته مستوى يشكل خطراً على صحته الجسمانية، ويقول بروفيسور "باث لوثر" من وحدة تلويث الهواء التابعة لمجلس الأبحاث الطبية في بريطانيا في واحدة من أبحاثه المقدمة أنه تقدم بمقترحات في هذا الصدد مفادها أنه يتوجب على الأطباء أن يعنوا بقضية التلويث بمجرد أنها مصدر للإزعاج وأعرب البروفيسور عن قلقه إزاء ما يتولد في المرء من ضغط وتوتر نتيجة لأشكال مختلفة من التلويث مثل الضجيج، و الغبار، وغازات المحورقات. . . إلخ، وأوضح أن ما يعنيه هو أنه بالرغم من أن أغلب الناس قادرون على تحمل ذلك النوع من الضغط إلا أن الأشخاص المصابين فعلاً بمرض نفساني مثل انقباض النفس أو بمرض جسماني مثل مرض القلب قد لا يقدون على تحمل الإزعاج الناجم عن التلويث، الأمر الذي قد يسبب لهم انهياراً عصبياً أو نوبة قلبية مميتة. . ويضرب البروفيسور البريطاني مثلاً على ذلك فيقول: لنأخذ الأم التي أصيبت بانقباض نفساني على إثر الولادة حيث تجد صعوبة في السهر على شؤون عائلتها. . وإذا كانت هذه المضطربة نفسانياً لتخرج من بيتها لتجد الأوساخ والأغبرة وأشكالاً أخرى من التلويث تفسد بيئتها وتعكر صفوها بسبب قيام مصنع أو معمل كبير بالقرب من بيتها فإن ذلك الوضع من شأنه أنه يدفع بسرعة بتلك الأم إلى هوة الانهيار العصبي، ويستشهد البروفيسور بما قاله في القرن الثامن عشر طبيب بريطاني كان يدعى "جون هانتر" وكان هذا الطبيب يعاني من مرض القلب بصورة خطرة، قال ذلك الطبيب: إن حياتي بين يدي أي شخص لئيم يريد إزعاجي"، الواقع أن هذا الموضوع بالذات كان من المواضيع التي بحثت في مؤتمر علمي عقد في السويد أواخر القرن الماضي وقد أكدوا ذلك وأثره على الإنسان نفسياً وصحياً. والآن بعد أن أدرك العلماء أن الإزعاج الذي يسببه التلويث يمكن أن يولد الضغط ويسبب أضراراً نفسانياً وصحياً فهل من سبيل إلى حل هذه المعضلة في بلادنا بالمعالجة واتخاذ الإجراءات القانونية لحماية حق المواطن بالعيش بسلام وبيئة خالية من هذه المنعطفات.
من أشهر الأقوال في شكوى الزمان:
يا زماناً ألبس الأحرار ذلا ومهانة
لست عندي بزمان إنما أنت بزمانه.
كيف نرجوا منك خيراً والعلاء فيك مهانة
أجنون ما نراه منك يبدو أم مجانه.