عبدالباسط الشميري
abast66@maktoob. com
تسارع أحداث المشهد الإقليمي أربك النظام السياسي العربي بفعل التدخل الدولي الصريح والواضح في المسار والصورة التي بدا عليها الوضع في لبنان قبيل اتفاق الدوحة ذكرتنا بأحداث أغسطس 1990م عندما استخدم العرب سلاح الإعلام لنسف العلاقات العربية العربية وبدون وعي منهم بخطورة هذا السلاح الفتاك والذي لم تجرؤ المنظومة السياسية الغربية على استخدامه في منطقتنا إلا بعد أن أثبت نجاحا منقطع النضير بل لم يسبق في التاريخ الإنساني الحديث أوالقديم أن تم نقل بثٍ مباشر لحرب غير متكافئةٍ تقودها دولٌ عظمى تجاوز عددها ال(34). . وضد مَن؟! ضدّ دولة صغيرة من دول العالم الثالث وبعد أن فُرض عليها حصارٌ اقتصادي وتجاري قرابة سبعة أشهر فكانت قناة ال ( CNN ) الأمريكية تقوم ببث صور الضحايا من الأطفال والنساء وعلى الهواء مباشرة ولمن ؟ للمشاهد العربي فقط أما المشاهد الغربي و الأمريكي فالصورة كانت مغيَّبة، والأسباب ليست مجهولة لكن اللافت للانتباه اليوم ان سلاح الإعلام قد تطور وبلغ حداً يصعب التنبوء بتبعات أهدافه الآنية منها أو المرحلية، ولعله من المناسب والمناسب جداً أن نعود بالذاكرة قليلا إلى الخلف لنستعرض مانشتات الأخبار التي كانت توردها القنوات الفضائية وخاصة منها قناتي الجزيرة والعربية، وأنا لست بصدد الإساءة لهذه القناة أو تلك لكن لنقف على عنوان ظلت تردده قناة العربية لساعات إن لم يكن لأيام وهو كالتالي (انقلاب حزب الله ) في وقت أعتقد بأنه كانت هناك قنوات لبنانية تقف في الضدّ من حزب الله إلا أنها لم تُقدم على ذلك هذا بغض النظر عن مدى اتفاقنا أو اختلافنا معه ، في المقابل وبالامس القريب ونحن في اليمن نتابع أخبار الحرب في صعدة ومجموعة العناصر الحوثية التي حاولت لفت الانتباه لها فاتخذت من مديرية بني حشيش منطلقا لعملياتها التخريبية وقطع الطرق وإقلاق الأمن الخ 00 حيثُ فوجئنا بخبرٍ على قناة "الجزيرة" وإن كان ورد وعلى استحياء (في اليمن المعارك بين الجيش والحوثيين تدق أبواب صنعاء) يأتي هذا تأكيدا لما ذكرناه بأن أدوات الحرب قد تبدلت فلم يعد للمدفع والصاروخ والدبابة تلك الحسابات المعقدة فالحرب غدت عبر الفضاء ومن هنا صار للإعلام سطوته. .
المتغيرات الدولية والنجاحات المتحققة
في المجتمعات الغربية لايكون نجاح الفرد شاذا عن المجتمع بل انعكاسا له ودليلا عليه ومن ثَمَّ يأتي نجاح الفرد تتويجا لجهود من سبقوه وذروة لتفاعلات مكثفة تحت السطح تعلن عن نفسها بين الحين والآخر، أما في مجتمعاتنا فالمسافة شاسعة بين الفرد والمجتمع بل قد يكون عمل الفريق عائقا أمام تقدم الأفراد وتكون إحالة أي موضوع إلى لجان بحثية للدراسة والمتابعة معناه الموت البطيء والاندثار التدريجي فثمة أسباب عدة متنوعة ومتداخلة وراء تراجع القيم المجتمعية لصالح النزعات الفردية وانفصام عُرى المجتمع في مقدمتها. . إن دعوات الإصلاح والتغيير ظلت نخبوية لا تلامس القاعدة العريضة من الجماهير وقد يفسر هذا وبحسب مجلة "وجهات نظر" بأن الجماهير استسلمت لضغط الحياة الاقتصادي من ناحية وللقبضة الأمنية من ناحية أخرى فانشغلت بهمومها كأفراد لا ككتلة واحدة. .
في الجانب الآخر يرى البعضُ أن اتجاه الدولة العربية نحو الرأسمالية والسوق المفتوح قد انعكس بظلاله على القيم المجتمعية وتغافُل أوخفوت الحركة المؤسسية في المجتمع. .