عدنان ابو زيد
سجل الأردن أول حالة طلاق من نوعها في العالم العربي، بسبب غيرة بعض الأزواج من نجوم الدراما التركية. والقضية التي شهدتها ساحات القضاء الاردني تتلخص في قيام الزوجة بوضع صورة "مهند" بطل
المسلسل التركي المدبلج "نور" على هاتفها النقال. . حيث فُوجئ الزوج بوجود صورة "مهند" على شاشة الهاتف، الأمر الذي استفزه، وأثار غضبه بشدة، ما دفعه إلى طلاقها على الفور.
ولعل هذا الامر رغم محدودية تأثيره فإنه يدفعنا الى متابعة ( الهوس ) العربي في الأسلوب التركي سياسة ومجتمعا ورياضة، واذا كان مسلسل ( نور ) أضحى اليوم مثالا في تداعياته وطريقة عيش أبطاله، حلما للشباب العربي، فان حمى التقدم الذي حققته كرة القدم التركية في السنوات الاخيرة، دفع بالكثيرين الى دراسة التجربة التركية في هذا المجال، ناهيك عن سياسيي ومثقفي العرب لاسيما الاسلاميين منهم الذين وجدوا ضالتهم في حزب العدالة والتنمية الإسلامي، مطالبين احزابهم الاسلامية بتقليد النموذج التركي وطريقته في الوصول الى السلطة.
تركيا. . بين آسيا وأوروبا
فتركيا التي يقع قسمها الأكبر في اسيا، وجزء صغير منها يقع في اوروبا،ربما كانت محظوظة في ان يلعب فريقها بين منتخبات القارة الاغنى والأكثر في العالم بدلا من منتخبات القارة الصفراء الاسيوية، وربما كانت محظوظة ايضا في ان تصبح مثالا لإسلاميين عرب لانها الدولة الأوروبية التي يحكمها اليوم حزب إسلامي. ان الانبهار العربي في النموذج التركي تجسده اليوم مطالبة اسلاميين في الجزائر ومصر والعراق ودول خليجية بدراسة عميقة لتجربة حزب العدالة، واقتفاء اثر خطاه في الوصول الى سدة الحكم. وفي هذا المجال يرى الشيخ راشد الغنوشي وهو مفكر إسلامي ورئيس حركة النهضة في تونس ان الفكرة الأساسية لحزب «العدالة والتنمية»، تحمل جملة من التعديلات على السياسات المعهودة حيث تعرضت الحركة الإسلامية لمخطط إقصاء واستئصال وكسر عظم، على يد صاحب السلطة العليا الجيش. ويضيف متناولا التجربة التركية. . لقد كان من أهم الدروس التي استقاها الحزب الجديد تجنب كل ما يفضي إلى تجدد الصدام مع صاحب السلطة، بل العمل على كسب ثقته، وكذا تجنب الصدام مع العسكر ومعبدهم العلماني، وهو ما لا يمكن تحقيقه مع استمرار زعامة أربكان، الطرف المباشر في ذلك الصدام. وكذا إعطاء الأولوية للعلاقة مع أوروبا وللاقتصاد، والابتعاد عن إثارة المعارك حول بعض القضايا الحساسة، مثل الحجاب، باعتباره من أسخن ساحات الصراع بين التيار الإسلامي والتيار العلماني، الذي لم يتردد في طرد نائبة من البرلمان، وشطبها، رغم أنها منتخبة. . .
انبهار سياسي
من جانبه يرى الكاتب محمد سليمان متناولا التجربة السياسية التركية انه منذ تأسيس حزب العدالة والتنمية قبل سنين معدودة أثارت تجربته الجدل الكبير بين السياسيين والمثقفين، ونالت النصيب الوافر من الاهتمام الإعلامي ليس على صعيد الحياة السياسية التركية فحسب، بل على مستوى العالم العربي والغربي على السواء. ويعود هذا الاهتمام الكبير بتجربة الحزب لجملة من الأسباب الرئيسة أبرزها أن الحزب أعاد هيكلة شعاراته وأفكاره بشكل بنيوي متخليا عن اللافتة الإسلامية، إذ صنّف قادة الحزب هويته الفكرية والسياسية بأنه من تيار يمين الوسط على غرار الأحزاب الأوروبية المحافظة.
وبعيدا من السياسة فان الولع العربي بالنموذج التركي شمل الدراما ايضا كما اسلفنا. فقد تردد أن الأردن شهد مؤخرًا العديد من حالات الطلاق نتيجة غضب الأزواج مما وصف ب"ولع" بعض الزوجات بأبطال المسلسلات التركية، إلا أن حالة الطلاق السابقة هي الأولى التي يتم الاعتراف بها علنًا.
طلاق بسبب النجوم والمشاهير
ويقول المحامي أسامة البيطار إنها ليست المرة الأولى التى يشهد فيها الأردن حالات طلاق بسبب النجوم والمشاهير، مشيرًا إلى أنه سبق أن وقعت حالات طلاق بسبب مطربين ومطربات عرب مثل: هيفاء وهبي وإليسا وتامر حسني وغيرهم!.
وتجتاح المجتمعات العربية اليوم موجة من تقليد الدراما التركية واسلوبها الحياتي الداعي الى الانفتاح الأخلاقي الذي يستعرض الترف والعلاقات الاجتماعية البعيدة من الواقع في احايين كثيرة، وهي تنهج المنهج الاستهلاكي الذي يدافع عن المادة والعاطفة المبنية على المصالح. الجدير بالذكر ان تركيا نجحت عبر تسويق الدراما والاستفادة من نجاحاتها
السياسية واستقرارها الامني، وانفتاحها على الغرب في زيادة مدخولاتها من السياحة حيث قالت وزارة السياحة إن عدد الاجانب الذين زاروا تركيا ارتفع بنسبة 20. 15 في المئة في مايو ايار الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي ليصل إلى 2. 75 مليون دولار. وتمثل السياحة مصدرا رئيسا للنقد الاجنبي في تركيا التي تعاني عجزا كبيرا في ميزان المعاملات الجارية. وفي نيسان الماضي زاد عدد السائحين الاجانب بنسبة 8. 35 في المئة مقارنة بما كان عليه قبل عام.
الممثل التركي الأشقر
ويتعدى الانبهار بالنموذج التركي الى كرة القدم حيث كتب هيثم زرطيط من الجزائر أن التجربة التركية ستكون واحدة من أبرز الوصفات المميزة في عالم الساحرة المستديرة، عطفًا على ما قدمه المنتخب التركي حيث نجح الأتراك في ترك بصمتهم بهذه التجربة. وترى الكاتبة السعودية مها فهد الحجيلان انه على خلاف ما يردده البعض من أن وسامة نجوم المسلسلات التركية المدبلجة إلى اللغة العربية هي السبب الوحيد لإعجاب النساء العربيات لاسيما السعوديات بهم، تبين أن الرومنسية التي تفيض بها مشاعر الأبطال خاصة "مهند" و"يحيى" تمثل المحرك الأهم لعواطف هؤلاء النساء نحو التعلق بهم، في ظل افتقادهن لدفء تلك المشاعر مع أزواجهن.
وفي مقال نشر في صحيفة "الوطن" السعودية ترى الحجيلان أنه من الظواهر الاجتماعية والسلوكية الجديدة التي برزت في مجتمعنا ما يمكن ملاحظته من تأثير بعض المسلسلات التي صارت تعرض في الفضائيات على المتلقين السعوديين، وازدياد جماهيريتها، لاسيما بين النساء. وقالت الحجيلان إنه يمكن القول إنه قد أصبح الممثل التركي بصورته الشقراء ممثلا بشخصية "مهند" في مسلسل "نور" ملهما نابضا ومؤججا لمشاعر العديد من النساء، حتى بدأ بعضهن بالتصريح بحسرتهن، والإعلان عن بؤسهن من حالهن، ومن الوضع الذي رماهن مع شخص في نظرهن يماري بالقبح القبحَ ذاته.
وأشارت الكاتبة إلى أن "مهند" -بطل مسلسل"نور"- ليس وحده الذي يتغنى به كثير من النساء؛ بل هناك شخصية أخرى هي "يحيى" في المسلسل التركي الآخر بعنوان "سنوات الضياع".
الكاتبة السعودية رفضت إرجاع ولع السعوديات بنجوم الدراما التركية إلى الوسامة وحدها، وقالت في مقالها "في الحقيقة قد يعتقد بعض الرجال أن تعلق المرأة بشخصية الممثل التركي هو بالفعل من أجل ما يظهره من أناقة خارجية و"وسامة" قياسا على مظهر "مهند"، لكن واقع الحال ليس كذلك، إذ لو كان المظهر الأمر الوحيد الذي تملك عقول النساء لما وجدنا جمهورا عريضا ل"يحيى" صاحب الشارب الكث الطويل، والذي يظهر لنا في حركاته وتصرفاته الحسية صورة مألوفة جدا.
