محمد أمين الداهية
إن العلاقة الطيبة بيننا وبين الناس ثروة هائلة نكسبها بالتعامل الصحيح مع الناس والتعامل فن يعوزه التدريب الجيد للوصول إلى حد الإتقان... وهو بناء يتأسس على مشاعر المحبة الباذلة التي تنبع من قلوبنا الفياضة التي تتقبل الآخر بكل اختلافاته والذي يجعلنا نضع كل إنسان في منزلة القريب الذي يجب أن نحبه كأنفسنا. إن التعامل الصحيح مع الآخر يستلزم أن نفهم أنفسنا جيداً أولاً ثم نفهمه بعمق وأن نتفهم طبيعة البشرية، كذلك يجب أن نفهم أن هذا الآخر كيان مستقل مسؤول عن حياته الخاصة ويريد أن يشعر بأهميته وموقعه في الحياة، ويجب أن نقدر أن له دوافعه الخاصة ووجهات نظره الشخصية. لقد أصبحت العلاقات فيما بين البشر تعاني من أمراض عدة إما المصلحة أو التسلية أو التسلط... وأحياناً لمجرد الهروب من الواقع فيتم اللجوء إلى إقامة علاقة صداقة ولكنها تكون مؤقتة وسرعان ما تنتهي بزوال المشكلة أو الهم الذي كنا نعانيه، إن العلاقة السليمة والتعامل الصادق مع الآخرين لا يمكن أن تزول هذه العلاقة أو تضعف في يوم من الأيام، ولا يقصد بالعلاقة مع الآخرين أناسٌ معينون أو مقربون بل القصد هو التعامل مع الآخرين في كل مكان سواءً في الحي أو في السوق أو في الوظيفة.. أو في أي مكان نكون فيه إلا أن هناك حالة خاصة أو معاملة خاصة لمن نعزهم أو يحتلون مكانة مميزة في قلوبنا.
ومعاملتنا معهم أن نحاول قدر الإمكان أن نبقي على الود القائم بيننا وأن نحافظ على هذه العلاقة الحميمة مهما كان الأمر، إن التعامل فيما بيننا فن يتطلب منا المرونة والحكمة والصدر الرحب، وطول الأناة والوضوح والصراحة البناءة فبهذه العوامل نخرج رابحين بعلاقات طيبة وناجحة رغم اختلاف الطباع والمصالح، يجب أن نقدر هذه الحياة التي نعيشها ولكي نعيش حياة مطمئنة وسعيدة فالطريق الوحيد إلى ذلك بعد طاعتنا لله والتزامنا بديننا الحنيف المعاملة الصادقة فيما بيننا حتى على مستوى النصيحة فمن الواجب علينا قبل أن نغمر الآخرين بنصائحنا ونتسرع بإبداء آرائنا دون أن يطلب منا ذلك وننطق بعبارات النقد لكل تصرف يجب أولاً أن نراجع أنفسنا وأن نواجه دوافعنا بصراحة وبصدق هل دافعنا هو الحب، أم التعالي أم الغيرة وليس من العيب أن نقف مع أنفسنا ونراجعها قبل أن تصدر منا أمور تؤذي الآخرين وتجرح مشاعرهم يجب أن نتذكر أن لكل إنسان ظروفه المختلفة وردود أفعاله المختلفة فمن العيب والخطأ أن نفرض على أي شخص تجربتنا الشخصية ومن الأفضل ألا نقدم النصيحة إلا عندما يطلب منا ذلك فيكون لها قدرها ووزنها وثقلها فيؤخذ بها، ومما يزيد علاقتنا قوة وثباتاً إعترافنا بأخطائنا وإبداء ندمنا وتأسفنا الشديد، وكما هو معروف أن العيب ما هو إلا استمرارنا في الخطأ وإصرارنا عليه. إن من يحرص على حبه وعلاقته مع الآخرين لا يجد صعوبة أبداً في أن يقدم اعتذاره ويطلب الصفح ممن أخطأ في حقه. إن الشجاعة الأدبية التي تبدو في الاعتراف بالخطأ من الثقة بالنفس لمداواة الموقف وعلاج الخطأ وتزيد من احترام الآخرين وتقديرهم لك ولشجاعتك مما يحفظ العلاقة الطيبة التي تربطنا ببعض بل ويقويها، ومن أجل الحفاظ على علاقتنا علينا أيضاً أن نحاول مخلصين أن ننظر إلى الأمور من وجهة نظر من أساؤوا إلينا بالإضافة إلى وجهة نظرنا فلربما نجد لهم العذر ولربما نكون قد ظلمناهم. علاقاتنا الطيبة وتعاملنا الصادق طريق للسعادة وأسلوب للنجاح.