العاصفة السياسية التي تضرب إسرائيل الآن بعد اضطرار رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت أخيرا إلى إعلان قراره المؤجل بالتنحي، والذي جاء متأخرا عامين على الأقل، هي إحدى توابع الزلزال العسكري والسياسي الذي أعقب فشل العدوان الصهيو أميركي ضد لبنان، وفقدان قوة الردع لجيش العدو الذي «لا يقهر» بعد قهره على يد المقاومة الإسلامية اللبنانية بقيادة حزب الله، لتجبر أولمرت على تسديد فاتورة الفشل ودفع ثمن العدوان. . ولكن متأخرا.
لقد أطاحت هذه الحرب الفاشلة برؤوس الجنرالات العسكريين مثل بيريتز وزير الحرب، وحالوتس رئيس الأركان وغيرهما في مسلسل مثير، وكان لا بد لها بعد تقرير فينوغراد الذي أكد الفشل العسكري والسياسي أن تطيح أيضا برؤوس السياسيين الذين أمروا بشن هذه الحرب بسوء تقدير سياسي وسوء تخطيط عسكري وبلغت نتائجها حد الكارثة، دون مبرر كاف ودون استعداد كاف، ودون حساب لقوة المقاومة وقدرتها ليس على الصمود فقط، ولكن على الرد والردع في العمق الإسرائيلي أيضا.
وعندما جاءت الفضيحة المالية بعد العسكرية كعاصفة جديدة من آثار الزلزال لتحاصر أولمرت، وتضيق حلقاتها عليه تدريجيا لتقترب من توجيه الاتهام، وتكبر مثل كرة الثلج في الطريق للإطاحة به جبرا لا اختيارا، إما بالتنحي أو بالتنحية، وإما بالاستقالة المبكرة أو بالانتخابات المبكرة، فقد أفشلت خطط أولمرت بالهروب إلى الأمام بمفاوضات عبثية مع الفلسطينيين والسوريين، وبصفقة الأسرى المذلة مع اللبنانيين لشراء الوقت
وللبقاء في الحكم، وكشفت الصراع على السلطة سواء داخل الائتلاف أو خارجه.
فالفضيحة الحالية التي تعصف بالمؤسسة السياسية الصهيونية، كشفت أن الصراع على السلطة بين الأحزاب الصهيونية لم يعد بين الخصمين التقليديين الليكود برئاسة «نتنياهو» وكاديما برئاسة «أولمرت»، ولا بين الشريكين الكبيرين في الحكومة الحالية الآيلة للسقوط، حزب العمل برئاسة باراك وزير الحرب و«كاديما» برئاسة رئيس الوزراء فقط، بل أيضا بين قيادات الحزب الواحد نفسه والذي تجلى في الصراع داخل كاديما بين وزيرة الخارجية ليفني والجنرال موفاز، ورئيس الحزب «أولمرت»!
وبينما تشير استطلاعات الرأي الإسرائيلية إلى تفوق زعيم الليكود نتنياهو كما تقول صحيفة «روسكايا جازيتا»، تشير أيضا إلى أن حزب «كاديما» سيتفوق على الليكود إذا ما تزعمته ليفني خلفا لأولمرت. . وفيما يبدو أولمرت منحازا لأن يخلفه الجنرال اليميني موفاز، فإن تزايد شعبية نائبته في الحزب وزيرة خارجيته تثير حنقه، إذ وصفها ب «الكذابة والغدارة»، وبقوله إنه يصاب بالرعب حين يتخيل سياسيا ضعيف الشخصية مثلها قد يمسك بزمام السلطة. .