;
ممدوح طه
ممدوح طه

أكبر الحرائق من مستصغر الشرر 2043

2008-08-19 02:41:52


الحرب العسكرية المحدودة التي أشعلها رئيس جورجيا ضد روسيا، بالوكالة عن الإدارة الأميركية في إطار مواجهة أميركية روسية تكتيكية واستراتيجية سياسية واقتصادية وأمنية، قد تؤدي إلى تداعيات دولية غير محدودة.

تكتيكيا، لمحاولة إجهاض النمو الاقتصادي والحضور السياسي الروسي في السنوات الأخيرة والتأثير على موازين القوى في الصراعات الدولية الحالية بنوع من التوازن النسبي، خصوصا مع زيادة التكامل الروسي الصيني والتعاون الروسي الأوروبي بما يثير القلق الأميركي ويعطل انفراد القطب الواحد بتقرير مصير العالم.

وللرد على المواقف الروسية الأخيرة في مجلس الأمن الدولي، خصوصا بالفيتو الروسي الصيني المشترك ضد فرض العقوبات على زيمبابوي، وضد الاستهداف الأميركي للسودان وضد شن أي عمل عسكري ضد إيران، ورفضها لفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية الأممية عليها مؤخرا..

واستراتيجيا تأتي هذه الحرب المفتعلة الخاسرة، تنفيذا لمخطط لاستدراج روسيا لحرب استنزاف طويلة في القوقاز، يمكن بها حصارها أو تحجيم دورها في بقية القضايا والملفات الدولية الأخرى، لفتح الطريق أمام الخطط الأطلسية للتمدد الاستراتيجي في بقية مناطق العالم، كالخليج العربي والبحر المتوسط، بما يحقق خطة القرن الأميركية الاستراتيجية بتوظيف حلفائها الأوروبيين وغيرهم وتوريطهم أيضا في حروب بالوكالة للهيمنة على العالم.

كما جاءت لقلب الصورة ووضع موسكو في موضع الدفاع لإضعاف مواجهتها القوية للسياسات الأطلسية بقيادتها الأميركية، خاصة في ما يتعلق بمسألة التوسع الأطلسي شرقا نحو الحدود الروسية، ومسألة نشر قواعد عسكرية للدرع الأميركية الصاروخية في تشيكيا وبولندا في أوروبا الشرقية، ولمسألة فصل كوسوفا عن صربيا.

وأخيرا للوجود العسكري الأميركي والإسرائيلي في جورجيا وأوكرانيا، مع السعي الأميركي لضمهما إلى الحلف الأطلسي بما قد يخلق مواجهة استراتيجية خطيرة شبيهة بالمواجهة الأميركية الروسية في أزمة الصواريخ الكوبية في الستينات، بما يشكل تهديدا أمنيا غربيا مباشرا لروسيا لا يمكنها السماح به..

لقد سبقت هذه الحرب العسكرية مقدمات سياسية واقتصادية أيضا، عبرت عنها الحرب الكلامية التي اندلعت بينهما مؤخرا، وانتقال موسكو إلى مرحلة الهجوم المضاد الحازمة. يعكس ذلك ما نقلته صحيفة «إزفستيا» عن مصدر في الخارجية الروسية بأن الولايات المتحدة الأميركية في «طريقها نحو تغيرات مؤلمة، وأنها على حافة أزمة شاملة تمس وجودها بالذات»..

وأن الأميركيين لن يتجاوزوا هذه الأزمة إلا إذا تعلموا العيش حسب ما تسمح به مواردهم، مشيراً إلى سعي البشرية لمواجهة الأزمات الاقتصادية والبيئية بينما تزدري أميركا العالم بأسره، وتواصل استهلاكَ كمياتٍ قياسيةَ من الموارد، وتلويثَ البيئة بكميات هائلة من النفايات الضارة، مؤكدا أن موسكو مستعدة لتذكير العالم أجمع بأن واشنطن هي التي تتحمل مسؤولية ما يجري في العالم من أزمات.

كما يعكس هذه الحرب الكلامية ما ذكرته صحيفة «فريميا نوفوستي» بأن الرئيس الأميركي شبَّه حالة وول ستريت بالشخص الذي استيقظ بعد ليلة من السُكر ثم راح يتساءل متى تزول آلام الصداع!.. مشخصة أعراض أزمة الاقتصاد الأميركي بأزمة القروض العقارية، وإفلاس كبريات المؤسسات المالية، وحالة الذعر بين صغار المستثمرين، مما جعل الاقتصاد الأميركي في موقف لا يحسد عليه.

وقالت إن الأميركيين حاولوا دفع أخطار الأزمة بعيدا عنهم، لكنها ترتد باتجاههم بسرعة كبيرة. إنها حرب استراتيجية وتكتيكية، سياسية واقتصادية بمقدمات معلومة، وبتداعيات غير معلومة على موازين القوى العالمية.. حرب قد تبدو صغيرة، لكن من مستصغر الشرر قد تأتي أكبر الحرائق!

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد