بداية أتوجه بخالص الشكر والاعتزاز والإكبار والإجلال للأخ والزميل العزيز الكاتب والصحفي القدير والمتألق دائما هاجع الجرافي الذي دأب في كل كتاباته ودراساته القيمة على الصراحة والجراءة النادرة دون خوف أو وجل أو لومة لائم من السفهاء الذين لا تتعدى نظرتهم إلى الوقائع وسطور الأحداث في مجتمعنا اليمني مسافة أنوفهم التي لا تشم عدا الروائح الكريهة.
لقد تابعت العديد من مقالاتك التحليلية والموضوعية في الوقت نفسه، وكيف كانت ردود الأفعال المتشنجة عليها التي تقتصر للمنطق، وقد تخصص أصحابها في السب والشتم ومفرداته وهي اللغة المحببة لمثل هؤلاء من أصحاب العقول الخاوية وقلة الذوق والأدب، ورغم كل ذلك كانت ردودك قد تميزت بالهدوء والذكاء والحكمة، فالأشجار المثمرة دائماً ما تكون هدفاً لرميها بالحجارة من قبل السفلة والحاقدين الذين لا يستطيعون أن يقدموا شيئاً لشعبهم ولوطنهم ما عدى الشتائم والمفردات اللغوية الهابطة لأنهم عجزة وسيبقون عاجزين حتى يهيل التراب على أجسادهم في اللحود بعد فراقهم لدنياهم والحياة الغانية.
إن أفضل رد على حماقات وتفاهات هؤلاء السفهاء والأنذال هو ما قاله الإمام الشافعي:
يخاطبني السفيه بكل قبح
فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلماً
كعود زاده الإحراق طيبا
وأضاف:
إذا نطق السفيه فلا تجبه
فخير من إجابته السكوت
فإن كلمته فرجت عنه
وإن خليته كمداً يموت
ولقد تعرضت شخصياً لنفس ما تعرض له عزيزي هاجع - تعرضت لأحقر وأقذر ألوان الشتائم والسباب في الماضي والحاضر وكان أبشعها ما جاء رداً على ما كتبته في صحيفة "أخبار اليوم" اليوم الأسبوع الماضي تحت عنوان "بالكذب والتضليل يربون الأجيال" والذي مس بشكل مباشر دعاة الحراك أو من نصبوا أنفسهم أوصياء على الجنوب باسم القضية الجنوبية خاصة أولئك ممن وجدوا أنفسهم وفي غفلة من الزمن حكاماً ومسؤولين وقادة عسكريين لا تتوفر لديهم أبسط الشروط والمقاييس كشفت الأيام والحقائق التاريخية طبيعتهم، جوهرهم، إمكانياتهم، وقدراتهم العملية والعلمية بأنها صفر من اليسار، خاصة بعد الذي حدث أثناء وبعد حرب وفتنة صيف 1994م، لقد أوجدوا من أنفسهم كذبة كبرى في الماضي يريدون تكرارها اليوم باسم القضية الجنوبية والحراك الجنوبي من قبل أناس أفقدوا القدرة على الحركة والاتزان وكأنهم قد أصيبوا بمرض جنون البقر الذي يؤدي إلى عدم التركيز والتوازن.
لقد أنهالوا علي كم هائل من الشتائم الغاضبة على شكل اتصالات مباشرة شفوياً عبر تلفوني الجوال أو رسائل تلفونية واحتفظ بها جميعها مع أرقام المتصلين، كانوا يعتقدون بأنهم سيثيرون ردود أفعالي وارد على اتصالاهم لكنني التزمت الصمت ولم أرد على أحد منهم، بل كنت منتظر الاستلام لمزيد من تلك الشتائم الغاضبة، ومن المؤسف أن من بين المتصلين البعض ممن أكن لهم الاحترام والتقدير ولم أكن أتوقع منهم بأن يكونوا مسيمعات أو أن يصلو إلى هذا المستوى، لكن الزمن غدار كما يقول الشاعر الفقيد المحضار بأن الحكمة تقول كل شيء ومعقول، سامحهم الله وأقول لهم ما قال الشاعي:
إذا حار أمرك في معنيين
ولم تدر حيث الخطأ والصواب
فخالف هواك فإن الهوى
يقود النفوس إلى ما يعاب