هل يصح التفريق بين ممارسة العمل العام والاستقامة الخلقية؟
هذا هو محور الجدل الذي انبعث خلال الأسبوع الماضي في الأوساط السياسية الانتخابية في الولايات المتحدة، الجدل تفجر بعد أن أعلن المرشح الرئاسي «الجمهوري» جون ماكين أن السيدة سارة بلين حاكمة ولاية ألاسكا هي مرشحة لمنصب نائب الرئيس. فقد اتضح أن هذه السيدة أم لفتاة في السابعة عشر من عمرها حامل سفاحاً. ربما لا يكون من الإنصاف أخذ الأم بجريرة ابنتها. لكن الموقف الذي اتخذته السيدة بلين يخرجها من دائرة البراءة. فهي لم تستنكر الإثم الذي وقعت فيه ابنتها. . بل إنها تبدو من خلال تصريحاتها الإعلامية وكأنها تفاخر بالحدث، ولو كانت السيدة بلين شخصية علمانية أو ملحدة لجاز السكوت على موقفها لكنها عرفت في المجتمع الأميركي بأنها مسيحية محافظة.
لقد قالت إن ابنتها سوف تتزوج لاحقاً والد الطفل المرتقب لكنها لم تذكر اسم «الوالد» (إن كان معلوماً حقاً) ولم تفسر لماذا لم يعقد الزواج قبل أن تحمل الفتاة سفاحاً. . بل ولماذا لم يتم الزواج فور شعور هذه الفتاة بارهاصات الحمل.
وفقاً للتعاليم الأخلاقية المسيحية فإن الفتاة ارتكبت جريمة الزنا، لكن الأم لا ترى في فعلة ابنتها جرماً أخلاقياً من المنظور الديني المسيحي. . بل إنها تسعى لتبرير هذا الجرم، فكيف يصح إذن أن تتولى امرأة بهذا المفهوم الانحرافي حتى بالمعايير المسيحية التي تعتنقها منصباً في السلطة العليا التي تحكم المجتمع؟ وهل يجوز فصل المنصب السلطوي العالي عن قيم الاستقامة الخلقية؟
التفرقة بين مناصب الحكم والاستقامة الخلقية تسببت في جرجرة المجتمع الأميركي إلى كوارث. فقد ارتكب الرئيس بوش الابن جريمة الكذب المنهجي لتبرير ضرب العراق. وقبله (في الستينات) ارتكب الرئيس ليندون جونسون نفس الخطيئة لتبرير إعلان الحرب على شعب فيتنام. واهتزت مؤسسة الحكم الأميركية خلال التسعينات حين انكشفت فضيحة مفادها أن الرئيس بيل كلينتون يمارس جريمة الزنا داخل مكتبه في البيت الأبيض مع موظفة صغيرة هي مونيكا لوينسكي.
وبعد هل يجوز تسليم أمانة الحكم إلى شخص (رجلاً كان أم امرأة) على استعداد للدوس على أي قيمة أخلاقية؟. <