;
حبيب إبراهيم
حبيب إبراهيم

غزوة مانهاتن .. غيرت العالم وأضرت بالعرب والمسلمين 1584

2008-09-11 03:13:40


ما يزال صدى الصيحات التي انطلقت من حناجر عابري سبيل فجعهم هول ما حصل في نيويورك، من أكثر ما يتردد في الذاكرة مع حلول موعد 11 سبتمبر السنوي. وإذا كانت الفرحة قد أخذت بالغرّة وربما بالإثم، بعض الذين لا يذكرون عن الولايات المتحدة غير ظلمها العابر للقارات، فإن أطرافا أخرى كانت تحبس أنفاسها خوفا مما تخفيه الأيام اللاحقة لهذا الهجوم الاستثنائي ضد دولة استثنائية.

في يوم الثلاثاء الموافق 11 سبتمبر 2001 تعرضت الولايات المتحدة لهجمات عنيفة، قام بتنفيذها 19 شخصا تم التأكيد على صلتهم بتنظيم القاعدة. لتخرج بذلك ماكينة الهدم والتخريب الأميركية من قمقمها مستلهمة أسسا ثقافية وإيديولوجية تقوم على "مبدأ السيطرة" فتعيث في المنطقة العربية الإسلامية خرابا.

وبعد أقل من 24 ساعة على الأحداث، أعلن حلف شمال الأطلسي أن الهجمة على أية دولة عضوة في الحلف هو بمثابة هجوم على كافة الدول التسع عشرة الأعضاء. وكان لهول العملية أثرا على حشد الدعم الحكومي لمعظم دول العالم للولايات المتحدة ونسى الحزبين الرئيسيين في الكونغرس ومجلس الشيوخ خلافاتهما الداخلية.

أما في الشارع العربي والإسلامي، فقد تباينت المواقف الرسمية الحكومية مع الرأي العام السائد في الشارع الذي كان إما لا مباليا أو على قناعة بأن الضربة كانت نتيجة ما وصفه البعض "بالتدخل الاميركى في شؤون العالم".

وعلى إيقاع سيل شحيح من المعطيات، وجهت الولايات المتحدة أصابع الاتهام إلى تنظيم "القاعدة" وزعيمه أسامة بن لادن. ويذكر أن القوات الأميركية قالت إنها عثرت فيما بعد على شريط في بيت مهدم جراء القصف في جلال آباد في نوفمبر 2001 يظهر بن لادن وهو يتحدث إلى خالد بن عودة بن محمد الحربى عن التخطيط للعملية.

وقد قوبل هذا الشريط بموجة من الشكوك حول مدى صحته، غير ان بن لادن- في عام 2004، وفي تسجيل مصور تم بثه قبيل الانتخابات الأميركية في 29 أكتوبر 2004، أعلن مسؤولية تنظيم القاعدة عن الهجوم.

ولم تفرط الولايات المتحدة المشحونة بهستيريا الغضب في فرصة يجمع الخبراء على أنها كانت تنتظرها بفارغ الصبر وأغلقت سمعها عن كل دعوة للهدوء بعد ان حشدت لحربها أشد أنواع الأسلحة فتكا.

ويقول محللون إن ردا على الهجمات، عقلانيا وبعيد الرؤية كان سيقدم للإنسانية نتائج إيجابية كثيرة وكان التعامل مع هذه الهجمات على أساس انها أمثلة مرعبة على العدوان الخارجي سيمكن الولايات المتحدة وغيرها من الدول الراغبة في بناء تحالف عالمي ضخم للتصدي للإرهاب ويساهم في احتواء الظاهرة بأقل المخاطر الممكنة.

وهم يضيفون ان مثل هذا الأمر كان يمكن أن يستمر سنوات عديدة ويكون عملية معقدة جدا ولكنها كانت ستنتهي بشل حركة القاعدة دوليا ومحليا وتجنب فضائع غوانتانامو وأبو غريب كذلك تجنب ازهاق أعداد مهولة من القتلى والشهداء في أفغانستان والعراق. غير ان الآلة الأميركية الجهنمية شرعت في حملتها القائمة على أوهام السيطرة على المنطقة وعلى العالم، فأغرقت المنطقة العربية الإسلامية في أتون حرب لن تهدأ في القريب، وسيكون الحديث أثناءها عن مستنقع وقعت فيه أميركا غير ذي معنى وغير مفرح بالتأكيد بعد ان اصبح مستنقعا للعرب والمسلمين ايضا بل لعله سيسفر لهم عن مستنقع أخطر باتت معالمه تتشكل شيئا فشيئا على ضوء فتنة تستشري وصراعات عرقية تتأجج وجهل وفوضى وحقد يلغى كل مقومات الاعتدال والتسامح في ثقافتنا.

ولأجل كل ذلك يقول محللون ان ما تلى ال11 من سبتمبر الرهيب، كان خسارة عربية بامتياز مثلت ضربة قاسية لكل محاولات التطوير وبناء الدولة الحديثة الديمقراطية التي تكفل الحقوق الأساسية للمواطن.

ولم يكن هذا الحدث بداية لمرحلة، فرغبة الولايات المتحدة في السيطرة نشأت مع نشأة هذه الدولة نفسها ولن يكون بالتأكيد آخر سبب ستواصل به أميركا امتهان الأرض والعرض في ديار العرب والمسلمين لكنه كان من أخطر الأسباب التي عمقت محنة العرب والمسلمين بطريقة لم يشهدوها في تاريخهم الطويل.

ووفق ما يراه بعض المحللين العرب فإن مسألة بقائنا لا يمكن ان تكون فرضية واحدة من فرضيتين فقط: مقاتلة العدو والتصادم معه في صراع عبثى يستدرجنا هو إليه بتوقيته وميدانه وأسلحته أو الاستسلام له والتهليل لأوامره ونواهيه وأفكاره التي انتجها ليتطور بها وفقا لشروط مكانية وزمانية تعنيه ولا معنى بالنسبة الينا من استيرادها معلبة في محاولة لاستدراك تخلفنا عن ركب التقدم.

إن الرغبة في البقاء لدينا تشترط حدا ادنى من الاستقلالية وشروطها، واحترام الذات انطلاقا من احترام الآخر والقدرة على التفاعل معه بإيجابية. وعلينا نحن العرب والمسلمين تجاوز الحساسية المفرطة من أننا المستهدفون وحدنا من عدوانية الشر الاميركى الذي ظل يسعى منذ نشأته إلى إزالة كل من يجتهد للاستقلال عن طريقه.

ويضيف هؤلاء المحللون ان هذه الأزمة الحضارية العميقة المستمرة منذ تصادم العرب والمسلمين مع اسئلة النهضة من قبيل هل تكون بالتزام التراث ام بالتعامل مع أسباب الحداثة الوافدة، قد زادت عمقا بعد هجمات 11 سبتمبر لتجعلنا في موقع أكثر الخاسرين بين شعوب الأرض جميعا.

لقد تم استبدال نظام طالبان في أفغانستان وصدام حسين في العراق، بالفوضى والاقتتال العبثي. وتأججت نار الفتنة المذهبية والصراعات العرقية وباتت تهدد بإشعال الصراع بين ابناء الدولة الواحدة وبين الدول الإسلامية خاصة تلك التي ارتكبت أخطاء إستراتيجية فادحة بتعاملها مع الغزو ومع نتائجه السياسية والاقتصادية على خلفية مذهبية.

وهكذا وجد العرب والمسلمون أنفسهم بعد حصيلة سنوات من الاستقلال والبناء، رغم بعض الشوائب، يخسرون الكثير من المال والمجهودات ويخسرون فرص الحاضر وربما المستقبل بعد ان حدقت بهم الأخطار من كل جانب. في وقت يرفض فيه كل طرف معنى بمستقبل الشعوب العربية الإسلامية التنازل بقدر ما يستطيع من اجل لملمة ما يمكن لملمته من الوضع المتردي المتسم بالضعف الشديد.

ويعتقد بعض المحللين أنه اذا كان من شيء "ايجابي" واحد لهذه الحرب فهو أنها خلصتنا من أوهام المقولات الإيديولوجية المحنطة التي تحنط الواقع وتحنط الخيال وتحنط الحلم وتحنط الرغبة في الوجود وتحنط التاريخ وتحنط مسيرة الزمن.

ويذهب هؤلاء المحللون إلى مثل هذا الاستنتاج للتأكيد على ان الهزيمة العربية الإسلامية الراهنة، ليست نتيجة مجرد مغامرة قام بها 19 شابا قرروا من منطلقاتهم الأيديولوجية مواجهة أميركا على طريقتهم وإنما هي نتيجة سياق حضاري واجتماعي ممتد منذ ما قبل ال11 من سبتمبر بكثير، وله مفهومه لمعنى احترام الآخر ورأيه، وله أنساقه في التربية التي تنمى في الفرد كل شيء إلا الاجتهاد والعقلنة والتطلع نحو الحياة، بالفكر المستنير الذي يخطط لمقارعة العدو المفترض بالوسائل الخاصة به في الزمان والمكان المناسبين وليس بطريقة تحطيم المعبد على من فيه.

 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد