;
علي راشد عليان
علي راشد عليان

"فگوا مظلاتگم - الشفره" 1249

2008-09-18 03:20:13


نحتاج في مجتمعنا اليمني أن نتعلم كيف نسمع من الآخر كما يحتاج المرء في أوقات أن ينفرد مع نفسه وينصت لصوت النفس ونبض القلب وسكون الروح، ونتدرب ان تسمع مني وأسمع منك، فنحن بشر نعيش في عالم صار فيه الحليم حيران يتخبط، كيف بالغبي والجاهل الذي فقد القدرة على أن يسمع لغة الاختلاف في البيئة والطبيعة، بل وفي عالم الاحياء من حولنا لقد جاء العصر الحديث بكل حداثته فأضاع علينا لغات كان يجيدها الإنسان البدوي في الصحراء، إلا أن مجيء عصر التكنولوجيا أورثنا الافتتان بالعقل، والخضوع لثقافة شاشات التلفزة، والانبهار والولع بالصور والبهر، والمظاهر حتى أعطينا الحق لغير أهله، ومنعنا الحق عن أهله، أنظر وتجول يا من يضيق صدرك عند إختلافك مع الآخر، تمتع في غابة تتساقط أوراقها وأخرى حديقة تنبت أزهارها، وأنصت وتأمل ستسمع الكون يتحدث عن وجود فصول أربعة مختلفة تزرع في فصل ما لا تزرعه في فصل آخر، ثم يا أخي اسأل من الله أن يوفقك لزيارة بيته الحرام مرة وستنظر لمن يتكلم بلسان لا تفهمه لبضع دقائق، وعندها ستكتشف أن المعنى الأعمق يتجلى لك: جهلك والاختلاف لكنك ستفك "مظلتك" بعد الخدارة وستفتح شفرة نظراتك وفهمك وعاطفتك ومشاعرك يستشعرها قلبك بأن هناك تمايزاً لدى الإنسانية والمرجو هو الله ورحمته وعفوه ومغفرته، هذا نداء الإنسان لخالقه، وتلك حكمة الله في التنوع، ألا تلاحظ اختلاف وتنوع بين سكان المدن وسكان البوادي بين سكان صنعاء وسكان الحديدة والغني والفقير والاختلاف في الدين والسياسة؟ وهناك ناس يوحدهم الهم والمصير الواحد، لكنها مأساة حين يرى بعضهم بأن جمعهم ليس إلا في اللحظة الحرجة، وكأنه ليس عهد الفطرة، وهناك ناس يجمعهم حزب ويصيرون في صراع مع الحزب الآخر، ونحن وهم الضحية والجلاد، فلا هو عدلاً ولا صلاحاً؛ لأننا جميعنا بشر، والعالمية في الإسلام أساسها الإنسانية الجامعة التي تمتزج بملامح الخصوصية لكل حضارة، بل لكل شعب ومجتمع ويظل للأمة روحها وللثقافة نكهتها، لا نجعل الحزبية وتفاصيل الحياة اليومية أن تفلح وتعبر إلى الخلافات الدينية داخل الوطن الواحد والمجتمع الواحد والبيت الواحد مثلما تفلح العقيدة في العبور بالرابطة الإيمانية فوق حدود وحواجز المكان والزمان بل وتنتج فقه المكان والزمان والموازنة، هل نستطيع أن ننجح في سماع تسبيح الطبيعة رغم كداحتنا؟ نسمع زقزقة العصافير وندى الفجر وابتسامة الأطفال، ومنظر الأشجار وسلام الصحراء وزرقة البحر؟ علينا أن نحتفي بالتنوع وندرك أن إكراه الشخص على الرأي أو العقيدة أو الضيق بالاختلاف في الخلاف مخالف لمقصود الخالق من الخلق؟ "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة" لكن حكمته، هل ممكن أن نستشعر إنسانيتنا ونطلق طاقة الرحمة من قلوبنا بدلاً من هذا الغل المعشعش في صدور بعض المؤمنين، اختلافنا في الرأي أو المذهب بل وفي الدين لا يجب أن ينسينا مكارم الأخلاق وأدب الكلمة الطيبة، وفن القول اللين ومهارات "التي هي أحسن" ونعطي ما حولنا ومن حولنا احتراماً أكبر ورعاية أكثر، بل ونحب الكون والجماد كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب مكة وأحد ونفهم منطق السنن في الأنفس والآفاق ويتفكر العقل ويتناغم الجسد، ويتحقق معنى الوجود، فعلاً مآسينا كثيرة ومشكلات أمتنا مزمنة، والأمر ليس مجرد داعية وهب نفسه في سبيل الله وهو لا يستطيع بكل بساطة القبول بالآخر وأن يسمع منه، بل لا يطيق أن يجلس ذاك المحسوب داعية مع من يخالفه في الرأي ولو بضع دقائق، فهو يرغب في محمدة الناس والثناء عليه، فهو مغرور .. إن التحدي الذي نواجهه كبشر يومياً هو كيف نحتفظ بإنسانيتنا رغم كل شيء، ونعيش الحياة بإيمان وعنفوان وعرفان؟

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد