الرابطة والشيوعيين
يقول النعمان وعلى لسان الأحرار "وما أن بدأت الحركة تشتد وتقوى حتى انبرت لها صحيفة "الجنوب العربي لسان رابطة أ [ناء الجنوب تهاجمها وتشوش عليها وتعمل من أجل توسيع الخلافات التي لا تخلو هيئة منها.
وكانت الرابطة آنذاك متحالفة مع طلائع الشيوعيين في بلادنا والذين يرأسهم عبدالله باذيب الذي ما توقف في يوم من الأيام عن مهاجمة حركة الأحرار الذين يقودهم الزبيري ونعمان.
قالت صحيفة الرابطة "الجنوب والفجر" اننا عملاء للأمراء وأننا انتهازيون وباركت ادعاءات الخونة الذين انشفوا على الاتحاد اليمني بالقاهرة وفي مقدمتهم ابن الوزير، وضخمت الدعايات لهؤلاء وتعاونت مع الطلاب الشيوعيين في القاهرة أيضاً عن طريق عبدالله باذيب على مهاجمة الاتحاد اليمني وظل هذا موقفاً ثابتاً للرابطة وللشيوعيين ضاعف منه أن الاتحاد اليمني كان من مؤسسي الجبهة المتحدة عام 1955م فقد دعا الاتحاد اليمني الهيئات القروية يومها لاجتماع عام في مقر الاتحاد اليمني لدراسة موقف الهيئات الشمالية من الانتخابات وكان أن أجمع الكل على مؤازرة دعوة المقاطعة، فلما انكشفت الرابطة على حقيقتها زميلة للجمعية العدنية مرحبة بالدستور الاستعماري، وأصبح لا نصير لها بين أبناء الشمال الذين كانت تستثير عواطفهم نحوها بدعوى العروبة وأنها المحاربة الوحيدة لمشاريع الاستعمار ضاعف ذلك من حقدها على الاتحاد اليمني وقادته وحملها على إثارة البلابل والشكوك في صفوف الاتحاد اليمني، ثم في صفحة أخرى يقول النعمان: "وإلى جانب الرابطة في جنوب اليمن قام حزب الجبهة الوطنية المتحدة الذي رفع شعار تقرير المصير لليمن المحتلة وهو الاسم الذي رفضت الرابطة أن تطلقه على الإمارات وأصرت على تسميتها التي تلغي أية علاقة يمنية بين المنطقتين وهي "الجنوب العربي" نفس التسمية التي تطلقها إذاعة عدن على هذه المنطقة.
طبعاً النعمان في كتابه آنف الذكر أورد حقائق ربما لم يسمع عنها البعض حتى الآن، لكن تظل حقائق نستشهد بها نحن والأجيال القادمة وهدفنا من إيراد مثل هذا ليس محاولة لاجترار الماسي والجراح واستدعاء الخلافات، لكن لاستلهام العبر والاتعاض بالماضي فكما كانت محاولات البعض قديماً قبل التحرير من الاستعمار وقبل قيام الثورة اليمنية الأم 26 سبتمبر أحداث قلاقل ودعاوى فئوية وقروية ومناطقية كلما كانت مواجهة مثل تلك الدعاوى المظللة بذات السلاح بالكلمة بالحقيقة بالوضوح بتكريس قيم الانتماء والمواطنة الحقة العدل في كل الأحوال لم ترتفع حدة الغضب عند قيادات الأحرار من أبناء اليمن في عدن من أبناء الشمال وأبناء الجنوب، بل كان هناك إهمال متعمد من قبل الأحرار لكل حديث أو مقولات مسفة تحاول تشويه النضال الوطني فيأتي النعمان في إحدى صفحات الكتاب ليقول مهما يقل القائلون أن حركة حزب الأحرار اليمني كانت منحصرة في معالجة الأوضاع في شمال قطرنا، إلا أنه من غير الممكن إنكار أثر هذه الحركة في تحريك الوعي السياسي عند مفكرينا في جنوب اليمن وحملهم على مقاومة أوضاعهم السياسية بما يشكوه أحرار الشمال، ومن جهة أخرى فقد كان الإجماع منعقداً عند كل المستنيرين يومها بأن خلاص الشمال من محنته هو سبيل خلاص الجنوب، يستوي في هذا تفكير أبناء مدينة عدن كآل لقمان وخليفة أو أبناء الإمارات كالسيد محمد علي الجفري والسيد سالم الصافي والسيد شيخان الحبشي حيث كان هؤلاء يساندون حركة حزب الأحرار اليمنيين ويشتركون مع القادة الشماليين في شن الحملات على الأوضاع في الشمال.
وإذا كان قد برز دور أبناء عدن في تلك الفترة بوضوح فقد كانت هناك عوائق عن أن يعلن يومها عن نشاط الأخوة الجفري وشيخان والصافي ولهم جهود كبيرة يشكرون عليها ولا يصح إغفالها أو غمطها هما طرأ على الموقف من تدبلات مؤسفة.
ومن هذا المنطلق لا نعتقد أن هناك خطورة من بروز مثل تلك الأصوات النشاز التي تظهر هنا وهناك حالياً لكن تكمن خطورتها حسب اعتقادنا في التعاطي معها كون الوضع مختلف الآن إعلامياً وإقليمياً أو دولياً، فبمجرد أن يخرج علينا أحد المرضى النفسيين فيقول: أن الظلم قد بلغ مبلغه في هذا المكان ويتغافل عن بقية المشهد فالوطن واحد ولا فرق بين هذا الجزء وذاك لكن الفكر المريض الذي ألف التكسب والارتزاق واللهث وراء المال مهما كان هذا المال مدنساً أو ملوثاً المهم مصالحه أين تكمن؟ والحقيقة أن كتابات كثيرة وردت وكشفت لنا حقائق كنا نجهلها وحتى وقت قريب لها نقول أننا في معترك البناء لا ينبغي أن نلتفت كثيراً لمثل تلك الأصوات الإنكارية التي اعتادت على الارتزاق والكذب وجمع المال، فالوطن أسمى وأغلى وتاريخ الثورة اليمني سيكتب وسوف تقرؤه الأجيال لكن لماذا لا نرى كتابات بعض من عاصروا الثورة وحركة الأحرار؟ لماذا لا تبرز الكتابات التي سنحتاج لها إن عاجلاً أو أجلاً.
هذا هو السؤال الأهم حسب اعتقادي والله الموفق!