محمد أمين الداهية
إن للجمال سر لو أدركه الناس لتغير كل شيء في حياتهم، تصرفاتهم ومعاملاتهم، رضاهم بما قسم الله لهم في هذه الحياة، الجمال يبعث النشوة والطمأنينة في النفس، الجمال يضفي على القلوب المحبة والسرور، الجمال شيء عظيم.
أي الشاكي وما بك داء.. كن جميلاًُ ترى الوجود جميلاً.
لقد اختتم شاعر الطبيعة والجمال إيليا أبو ماضي هذه القصيدة بهذا البيت الغاية في الروعة والجمال، فأي نعمة أكبر وأفضل من أن يكون الإنسان في صحة وعافية ويبعد عن نفسه ما يعكر صفو الحياة وجمال طبيعتها، ويدعوا نفسه إلى رؤية الحياة بشكلها الطبيعي بعيداً عن الخيال المتعمد الذي يصور كل ما هو جميل قبيحاً، وقد تطرق شاعر الجمال إيليا أبو ماضي في نفس القصيدة ووصف الإنسان الذي يرى كل شيء في هذا الوجود حسب نفسيته التي تعودت على النظر في القبيح والمزعج فقال:
والذي نفسه بغير جمال
لا يرى في الوجود شيئاً جميلاً
فإذا انتزع الجمال من النفس فمن غير المعقول أن ينظر الإنسان صاحب النفس التي تفتقر إلى الجمال إلى الأشياء الجميلة والطبيعة الخلابة مستشعراً ذلك الجمال وتلك الصورة الإلهية الجميلة فيما خلقه الله وأوجده، فتجده دائماً كثير التذمر بعيداً عن التأمل حتى وإن وجد الفقر حتى وإن وجدت بعض المشاكل والهموم، فمن يدرك قيمة الجمال وما يفعله بالنفس، لا يمكن أن يجعل من هموم الدنيا ومشاكلها حاجزاً تقف أمام عينه وتحجب عنه ما أوجده الله من جمال في هذا الكون، والجمال يكون في الطبيعة، في الخضرة، في الماء والهواء، في الأرض والسماء، الجمال يكون في كل شيء وأجمل الجمال هو جمال الروح الذي يجعلك تشعر بكل شيء حولك، إننا بحاجة ماسة إلى معرفة الجمال بمعناه الحقيقي، جمال الروح الذي ينبعث من العادات الطيبة والقيم العظيمة، جمال القلب الذي يجعلنا نرى كل شيء صالح يخدم المجتمع وأفراده جميلاً ولا بد أن يستمر مهما كانت الظروف، جمال الطبيعة التي لا بد أن نراها من أروع ما يكون والطبيعة لا تكمن في مناطق الخضرة والأرياف، الطبيعة وجمالها موجودة في كل مكان .. في الريف، في الحضر، الطبيعة هي السماء والهواء، هي الأرض وما تحوي من مظاهر جمال وتطور، فهل يمكن أن نتحمل رؤية بلادنا وأرضنا تدمر وتحطم وتحرق، وأبناء وطننا يقتلون وتتطاير أجسادهم أشلاءً جراء أعمال إجرامية إرهابية تحارب الإنسان وتقضي على كل ما هو جميل؟ فهل لنا أن نستشعر معنى الجمال، وندرك أن كل شيء وجد لخدمة الإنسان رائع وجميل، ولا يجب أن يحطم أو يشوه ذلك الجمال، أليس من حقنا أن ننعم برؤية وطننا وهو في غاية الروعة والجمال، نتمنى أن يعقل أعداء الجمال