;

إزدواجية العمل الطبي .. والفشل القائـم ..الحلقة الأولى 1075

2008-10-20 22:20:13

شكري عبدالغني الزعيتري

كثير من الأطباء اليوم أصبح يطوقهم الطوق المادي الذي يغلفون به مهنتهم الطبية الإنسانية فأصبحوا يسعون لمحاربة الفقر الشخصي بالغنى المترف وأصبحت المهنة الطبية لديهم تجارة بحته (بيع وشراء ) وبعدت عن الإنسانية والرحمة ومعانيهما آلاف الأميال و مسافات. . ولتجارتهم هذه فنها وحرافتها في جلب الأموال. . إذ ترى طبيبا في الجامعة يعمل مدرس أكاديمي. . وتراه يعمل في عيادة في المستشفي الحكومي العام. . وتراه فاتحا عيادته الخاصة في احد الشوارع الرئيسية بأمانة العاصمة. . وتراه يتواجد ليعمل في العديد من المستشفيات الخاصة (التجارية) وخصوصا الجراحين منهم. . . (سبحان الله قوة من الطاقة والإنتاج اليومي) إذ يعمل أطباء في عدة مواقع عمل طبية والهدف جمع المال وزيادة في تحقيق الشهرة الطبية وجلب الزبائن من عيادته الخاصة ووظيفته العامة إلي مستشفاه الخاص التجاري الذي يتعامل معه. . متناسيا بان الشهرة تأتي من مهارة مهنة وجودة أداء خدمات طبية من الطبيب. . فمتى ستتزايد هذه المهارة والكفاءة الطبية عند هذا النوع من الأطباء. . ؟ ومتى سيتم متابعته للتطورات والتقدم العلمي في مجاله الطبي من خلال متابعة الأبحاث الطبية والمشاركة في أبحاث أخري. . ؟ ومتى سيشارك في مؤتمرات وندوات طبية داخلية أو خارجية لتبادل العلم والاستفادة من غيرة هم أكثر كفاءة منه. . ؟ ومتى سيتطلع ويتابع آخر ابتكارات العلوم الصيدلانية إذ أن الإنتاج والأبحاث الصيدلانية هي أيضا أصل في عمله الطبي وزيادة كفاءته من خلال معرفته بأكثر العقاقير والأدوية الطبية النافعة حيث أن هذا المجال وشركاته الإنتاجية في تسابق شديد مع بعضها البعض. . ؟ ومتى سيواكب التطورات والتقدم العلمي في مجال عمله الطبي ويسعي إلى التزود بالتجديد لعلمه الطبي وبالتأهيل الاعلي والأكثر والرقي والتمكن أكثر فأكثر في مجال عملة. . وهو لا يجد الوقت والفراغ لذلك وكل وقته اليومي مزحوم بازدواجية وتعدد مواقع العمل التي يعمل بها طبيا. . وتراه قد اكتفي بما درسه في الجامعة أيام كان طالبا وبما تخصص به أيام مطالبته بالدكتوراه (علما سابق ) وفي أحسن الأحوال شيء من جديد عند اللزوم والحاجة القصوى التي يضطر إليها. . وهنا يكمن الفشل والتراجع في جودة تقديم الأطباء لخدماتهم الطبية للمرضى وللاستطباب لديهم. . إذن ازدواجية العمل الطبي في أكثر من موقع أو موقعين عمل هي احد أهم أسباب تراجع المهنة الطبية وعدم تطورها لدى أصحابها ممن يمارسون هذه الازدواجية وانشغالهم الكبير في جمع المال والشهرة. . والأمر أننا تجد هذا عند الأخصائيون في بلادنا. . فان الحالات الكثيرة التي نراها ونسمع عنها من انعدام التشخيص الدقيق وانعدام العلاج المفيد لدي كثير من المرضى. . . وأيضا تجد من المرضي من لحقه الإضرار بأعضاء أخري في أجسامهم و معانات بعضهم من أعراض أخري نتيجة علاج المرض الأول من جراء تطبيب غير سليم وأدوية لها أعراض جانيه. . بل فشل بعض الأطباء في معالجة أمراض تظهر وهو لم يتابع التطورات العلمية لعلاجها. . ويترتب علي ذلك بان يلجا كثيرين من المرضي للسفر إلى خارج الوطن للعلاج بعد أن يفقدوا الثقة في الاستطباب في الداخل اليمني. . . وهنا نتسأل : أين وزارة الصحة ومعالي وزيرها من هذا كله ومن الازدواجية القائمة بتعدد مواقع العمل الطبي للطبيب الواحد وما يترتب علي ذلك من أخطاء في المهنة الطبية وتقصير في واجبات العمل في الموقع الواحد وتراجع في جودة وتقدم ورقي الخدمة الطبية من قبل أطباء و(أخصائيون). . وأيضا من جراء فضول بعض أطباء عموم لممارسة عمل ليس باختصاصهم. . ؟ فالبلد لديها كوادر طبية إلا أن اغلبها في حالة قصور مهني وسوء تقديم خدماتها بسبب تزايد عدد الأطباء العموم وفضول بعضهم في غير اختصاصه الطبي. . وقلة عدد الأطباء الأخصائيون وعدم مواكبتهم لتطورات علوم تخصصاتهم. . ولهذه القلة في الأخصائيون فأننا نجدهم يعملون في مواقع عمل طبية معددة. . إذ توضح الإحصائيات لعام 2006م الصادرة عن وزارة الصحة (الإدارة العامة لشئون الموظفين ) الآتي : (1) إجمالي عدد الأطباء الأخصائيين (1889) طبيبا أخصائي (2) إجمالي عدد الأطباء العموم (4091) طبيب عام (3) إجمالي عدد أطباء الأسنان (352) طبيب (4) إجمالي عدد أطباء الصحة النفسية (44 ) طبيب (5) إجمالي عدد أطباء صحة عامة (42 ) طبيب (6) إجمالي عدد أطباء تغذية ( 7 ) طبيب (7) إجمالي عدد أطباء أطراف صناعية ( 5 ) طبيب (8) إجمالي عدد أطباء علاج طبيعي ( 8 ) طبيب (9) إجمالي عدد أطباء مجتمع ( 20 ) طبيب (10) إجمالي عدد أطباء طب فيزيائي ( 2 ) طبيب (11) إجمالي عدد الصيادلة ( 848 ) صيدلي (12) إجمالي عدد المخبريون ( 848 ) مخبري. فرغم وجود هذا العدد للكادر الطبي في الجمهورية اليمنية إلا أننا نجد تدني في أداء الخدمة الطبية الاستطباب وقصور في كفاءتها فشكاوى الكثير من المرضي وتذمرهم. . وعجز الكثير من الأطباء في التعاطي والتشخيص الطبي السليم (100%) مع حالات مرضية كثيرة واضحة لدينا كل اليمنيين لأننا نصاب بالمرض وكثيرا ما نتردد على الأطباء ونري ونسمع من الكثير من المرضي ولمزيد من التأكد لهذا فعليك عزيزي القاري الرجوع إلى احد مكاتب الخطوط الجوية اليمنية لاكتشاف حالات السفر إلى الخارج للعلاج والمسجلة لدي خطوط طيران اليمنية و بالطبع لجأ أولئك المرضي للسفر إلى الخارج للعلاج بعد فقدانهم الثقة من فائدة علاجهم في الداخل اليمني ووصولهم إلى مراحل اليأس من الاستطباب في الداخل اليمني. . وأخيرا نسأل بسؤال موجهه إلى معالي وزير الصحة الدكتور / عبدالكريم راصع : ماذا عملتم للصحة اليمنية. . ؟ وما هي انجازاتكم في صالح تحسين الاستطباب في الداخل اليمني وتفادي استمرار تخسير الاقتصاد الوطني من جراء العلاج في الخارج. . ؟ وما هو الجديد الذي أظفتموه لوزارة الصحة. . ؟ وما هي ابتكاراتكم لتحسين أداء الخدمات الطبية المقدمة للمواطن اليمني. . ؟ منذ تبوء كرسي وزارة الصحة وقبلها وكيلا لوزارة الصحة. . . ولماذا لم تقدم مشاريع إصلاحية لحقول طبية وكادرها (ونري مباني من مستشفيات ومراكز طبية منتشرة في ربوع اليمن وهي خالية من مهارات طبية عالية وكفاءات علمية كبيرة ). . . وأين طموحاتكم وخططكم إن وجدت والتي تسهم في تأهيل اعلي للكادر الطبي اليمني أو الإسهام في تحسين الخدمة الطبية المقدمة. . فالمجال واسع للعطاء إن رغب أحدكم من قادة وزارة الصحة تقديم العطاء للطب و الاستطباب في اليمن. . فمثلا علي سبيل المثال وليس الحصر كأن يقضي علي ازدواجية العمل الطبي في المواقع. . . أو أن يسهم في تنمية القدرات والإمكانيات العلمية لدي الكادر المتوافر وتطويرها بعدة وسائل متاحة (كإعطاء ومنح حوافز مالية لكل مبدع. . عقد دورات تدريب وتأهيل متطورة خارجية وداخلية لمواكبة التقدم العلمي في مجال الطب وغيرها. . ) أو كأن يحاسب ويعاقب الأطباء المهملون في واجبهم ويتسببون بأضرار صحية ونفسية ومادية لمرضي. . . أو كأن. . . . أو كأن. . . . فالمهنة الطبية (مقدسة ) ولربما أنت يا معالي الوزير اعلم بهذا مني واعلم بان القداسة :تعني الطهارة والتنزه عن النجاسة والقاذورات. فلماذا يا معالي وزير الصحة وكادرك في الهرم الأعلى (العاجي ) لا تعملون على تقديس هذه المهنة وتطهيرها من النجاسة والقاذورات. . . فان هذه المشاكل من النجاسة والقاذورات الملحقة بالمهنة الطبية لها الكثير من المعالجات الممكنة مثلا : (1) منع الازدواجية بين العمل الأكاديمي والعمل الطبي. (2) منع الازدواجية بين العمل الإداري والعمل الطبي (3) منع مزاولة الطبيب العمل في أكثر من موقعين عمل خلال اليوم وفي مهنته الطبية وبان يفرض العمل بوظيفة طبية حكومية وبجانبها في الفترة المسائية إما عيادة خاصة أو مستشفي خاص واحد فقط ولا أكثر. (4) تحسين الأداء والتأهيل الطبي بان تعتمد وزارة الصحة حوافز لكل طبيب يرفع من تأهيل نفسه سواء بتقديم أبحاث أو مشاركات في دورات تدريبية طبية أو مؤتمرات وندوات طبية خارجية أو داخلية يتم فيها تبادل المهارات والخبرات والعلوم الطبية أو أن يدخل إلي الطب الاستطباب اليمني ابتكارا جديد وتقدم ما أو غيرها. . . . وبحيث تكون الحوافز مالية تعتمد له شهريا بجانب مستحقاته ومغرية للتحفيز وليترك اللهث وراء المال بالاكتفاء وليجد وقتا للتأهيل الأعلى وراحة من إجهاد يجعله يخطئ في حق المرضي (5) أن تعمل وزارة صحتكم علي رفع عدد الأخصائيون في البلد والذين وضحت الإحصائية أعلاه قلة عددهم بإعطائهم منح دراسية تخصصية وتكون متاحة لمن يرغب من خلال إيجاد وابتكار مصدر جديد للتمويل المالي بان تمنح قروض (تسمي قروض تأهيليه ) وتكون ميسرة بفوائد قليلة ومستحقة السداد بإقساط شهرية ولفترة طويلة لعشر سنوات مثلا وتسدد من المستحقات الشهرية للطبيب الذي يأخذ القرض ألتأهيلي مع استمرار هذه المستحقات الشهرية الرواتب للأطباء الدارسين أثناء دراستهم التخصصية في الخارج ويكون هذا متاح أمام كل للأطباء الذين يريدون مواصلة تخصصهم العلمي بإكمال الدراسة في الخارج علي أن يتضمن القرض (قيمة المقعد الدراسي + مصاريف المعيشة خلال فترة الدارسة + قيمة وتكاليف المراجع والبحوث التي يحتاج إلى شراءها أثناء الدارسة ) وبالتنسيق مع احد (البنوك التجارية) وما أكثرها في الساحة اليمنية على أن تتحمل وزارة الصحة فوائد القرض المالي لكل طبيب يقترض ويتحمل الطبيب سداد صافي القرض التعليمي والتأهيلي أو إنشاء وتأسيس صندوق مالي خاص لهذا الهدف. . وبحيث تضمن وزارة الصحة استخدام القرض من قبل الطبيب المقترض في التخصص والتأهيل العالي وليس لأعمال أخرى شخصية من خلال قيام الوزارة بالتعاقد وتحويل مبلغ قيمة المقعد الدراسي للجامعة التي يختارها الطبيب للدراسة فيها مباشرة من وزارة الصحة إلى الجامعة بالخارج وغير هذا. . <

نستقبل آراء القراء للكاتب على البريد الإلكتروني:

Shukri - alzoatree @ yahoo. com 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد