محمد أمين الداهية
لا زالت المشكلة قائمة، ولا زال الحال كما هو، حاولوا أن يصرخوا إلا أن صرختهم باءت بالفشل، حاولوا أن يبثوا شكواهم إلى المعنيين إلا أن المعنيين وكأنهم لا وجود لهم، حياتهم اليومية أصبحت شبه منهارة، حالتهم النفسية تكاد أن تقضي على نشاطهم وصبرهم اللامحدود، سنين كثيرة تجاوزت العقد وما زال عندهم أمل بأن تستيقظ الخدمة المدنية من سباتها العميق لتنظر إلى معانتهم وهم ينتظرون الفرج الذي أصبح ميؤوساً منه، وما زادهم يأساً وإحباطاً نزول درجات وظيفية لأوجه جديدة بعيدة كل البعد عن الاستحقاق لتلك الدرجة الوظيفية، هؤلاء هم المتعاقدون الذي أضنتهم سنين العمل والجهد والعطاء رغم ما يتقاضونه من راتب زهيد قد لا يغطي ما يحتاجون إليه من نفقة مواصلات، المتعاقدون يشكون ولكن من يسمع شكواهم، المتعاقدون بدأ اليأس والإحباط يستملكهم كما استملك من قبلهم من المتعاقدين المناضلين، فيا ترى ما هي الأسباب التي تقف حائلاً أمام هؤلاء المناضلين من المتعاقدين ودرجاتهم الوظيفية التي لا يعلمون مصيرها؟ هل من الإنسانية أن يتفاجأ أولئك المرابطون في مواقع العمل بقدوم أشخاص حديثي التخرج لشغل وظائف معتمدة، والمساكين من المتعاقدين ممن لا يجدون وساطة تقف إلى جانبهم وتعطيهم حقهم ينظرون إلى مثل هذه التصرفات اللانسانية والألم يكاد أن يعتصر قلوبهم، وما هو الذنب الذي ارتكبوه حتى يستحقوا هذا التجاهل من قبل المعنيين سواءً مسؤوليهم المباشرين الذين لا يعيرون موظفيهم أدنى اهتمام أو الخدمة المدنية التي لا نعرف آلية عملها في إنزال الدرجات الوظيفية حسب الاستحقاق، وخلال زيارتي لبعض المرافق في مختلف القطاعات والتي وجدنا الكثيرين يشكون مرارة التعاقد ويحلمون باليوم الذي تتحقق فيه أمنيتهم وينالون حقهم من الدرجات الوظيفية، وسأكتفي بشكوى الأستاذة/ "س. ي" والتي تعمل متعاقدة في إحدى الجهات الحكومية رغم أنها شكرت مسؤولها المباشر في العمل واهتمامه بقضية تثبيت المتعاقدين حسب الاستحقاق إلا أنها صرخت متألمة ومتعجبة من سير عملية توزيع الدرجات الوظيفية من قبل الخدمة المدنية، وذكرت في حديثها الوساطة التي أصبحت حتى الحقوق لا تنال إلا بها، وأنا أشكر الأخت على هذه الشكوى التي حاولت أن تنقل ولو جزءً بسيطاً من معاناة المتعاقدين رغم تحذير إحدى زميلاتها في العمل ونصحها بعدم الإدلاء بمثل هذه التصريحات للصحافة، قد ربما أن الأخت الفاضلة تجهل معاناة الآخرين وصبرهم الطويل، وتجهل أيضاً ما يزيد الطين بله هو ذلك الصمت أو الخوف من نقل الواقع كما هو، وأنا أعتقد أن مسؤولينا لا يمكن أن تسمح لهم أخلاقهم محاربة من يطالبون بحقوقهم بطريقة راقية بعيدة عن التهكم والتجريح، ونتمنى أيضاً من أصحاب الشكاوى تقدير دور الخدمة المدنية والتأني في توجيه انتقاداتهم.