;

وانقشعت تقية التقريب .. فهل سيقتنع الإخوان بهذا؟ 762

2008-10-25 03:42:06

أبو الفضل الجوفي

وأخيراً شنت وكالة مهر الرسمية الإيرانية هجوماً شرساً على فضيلة الدكتور/ يوسف القرضاوي، تحت عنوان "القرضاوي وخطاب الطائفي "كتب السيد حسن زاد، خبير الشؤون الدولية في الوكالة المذكورة تحليلاً تهكم فيه على شخصية الدكتور القرضاوي بلغة سفيهة ومنحطة إذ وصف خطاب الدكتور القرضاوي بخطاب الدجل والنفاق وبأنه "أي الدكتور القرضاوي" وقد أصبح متحدثاً من المأسونية وحاخامات اليهود، وكاشفاً في الوقت نفسه عن حقيقة أطماع إيران التوسعية في الأوطان العربية والإسلامية عبر تصدير المذهب الجعفري والتي تحاول إيران إخفاءه تحت مبدأ التقية طيلة العقود الماضية قائلاً: فإذا بات المذهب الجعفري الشيعي يلقى تجاوباً لدى الشعوب المسلمة الواقعة تحت الظلم والاضطهاد فهذا مدعاة للفخر والسرور ويعتبر معجزة من معجزات آل البيت لأن الشعوب المسلمة وجدت ضالتها في هذا المذهب الإسلامي الإنساني، حيث أن الشيعة قدمت نموذجاً رائعاً في الحكم الإسلامي لم يكن متوفراً بعد حكم النبي صلى الله عليه وسلم وحكم أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في انتقاص غير مباشر للصحابة رضوان الله عليهم والحط من الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم واصفاً ظاهرة تنامي المبدأ الشيعي بأنها صحوة حقيقية باتت تجتاح الشعوب المسلمة التي سئمت من سماع التصريحات المنافقة من علماء السوء، داعياً الدكتور القرضاوي إلى أن يدرك بأن استبصار الشباب العربي وتوعيتهم ومن ثم توجههم نحو المذهب الجعفري قد أصبح شيئاً من الواقع لا يحتاج إلى مال ولا إلى دعايات ولا قنوات فضائية بل هذه التوجه يأتي ضمن معجزات آل البيت عليه السلام، وعلى القرضاوي أن يتقبل الأمر الواقع ويترك معاداة اتباع أهل البيت عليهم السلام ويستغفر ربه، وقد جاء الهجوم الإيراني رداً على مقابلة للقرضاوي مع صحيفة "المصري اليوم" حذر فيها من التبشير الشيعي في البلدان السنية، داعياً علماء السنة للتكاتف ومواجهة هذا الغزو الشيعي، قائلاً للمصري اليوم الشيعة يعملون بمبدأ التقية وإظهار غير ما بطن وهو ما يجب أن نحذر منه، وما يجب أن نقف ضده في هذه الفترة وأن نحمي المجتمعات السنية من الغزو الشيعي، منوهاً إلى أن لدى الإيرانيين ثروة ضخمة يرصدون منها الملايين وكوادر مدربة على نشر المذهب الشيعي، وقد رد الدكتور القرضاوي على آيات الشيعة ووكالة مهر الإيرانية الرسمية، مبدياً اندهاشه واستغرابه من الهجوم الإيراني خصوصاً موقف كل من آية الله محمد حسين فضل الله وآية الله محمد علي تسخيري نائب القرضاوي في رئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لا سيما وهم من الآيات المعتدلة ومن أنصار ما يسمى بالتقريب في نظر الكثيرين، وقد أكد الدكتور القرضاوي أن ما قاله من محاولات الغزو الشيعي للمجتمعات السنية بقوله: "فأنا مصر عليه، ولا بد من التصدي له".

وإلا خنا الأمانة وفرطنا في حق الأمة علينا، وأضاف: ليس لدى السنة أي حصانة ثقافية ضد هذا الغزو، فنحن علماء السنة لم نسلحهم بأي ثقافة واقية؛ لأننا نهرب عادة من الكلام في هذه القضايا مع وعينا بها خوفاً من إثارة الفتنة وسعياً إلى وحدة الأمة، منوهاً بأن تحذيره من هذا الغزو هو تبصير للأمة بالمخاطر التي تهددها نتيجة لهذا التهور وهو حماية لها من الفتنة التي يخشى أن يتطاير شررها فتأكل الأخضر واليابس، والعاقل من يتفادى الشر قبل وقوعه، ومما سبق أود طرح ما يلي:

أولاً: الأصل من معدنه لا يستغرب، فإن قوماً يتقربون إلى الله ببغض أصحاب رسول الله وتكفيرهم وتفسيقهم ويرمون زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفاحشة ويعتقدون بتحريف القرآن ولا يعترفون بالحضارة الإسلامية منذ تولية أبي بكر الصديق إلى اليوم باستثناء فترة خلافة الإمام علي رضي الله عنه ويتعقدون عصمة الأئمة ويستحلون المتعة، والتقية لديهم أصل من أصول الدين، فإن قوماً هذه بعض صفاتهم وجزء من معتقداتهم لا يستغرب أن تصدر عنهم مثل هذه الموقف سواء ضد الدكتور القرضاوي أو غيره من علماء السنة وما تخفي صدورهم أكبر.

ثانياً: ما حدث دعوة للمراجعة خاصة لدى جماعة الإخوان المسلمين لإعادة النظر في مواقفها وعلاقاتها مع الشيعة الإمامية، فقد ساهمت مواقف حركة الإخوان المسلمين في الترويج وفرض المذهب الشيعي على المجتمعات السنية تحت اسم التقريب ووحدة الأمة وأدى تساهلها وتمييعها للخلافات العقدية مع الشيعة إلى انتشار بؤر هذا المذهب إلى كل بلد عربي تقريباً خصوصاً وأن حركة الإخوان المسلمين تكاد تكون المحتكرة للساحة الدعوية في أكثر الأقطار الإسلامية مما يضاعف مسؤوليتها ويجعلها مدعوة قبل غيرها لتصحيح مواقفها وأخطاءها، وما أظن مواقف الدكتور القرضاوي الأخيرة إلا تصب في هذا الاتجاه الذي نتمنى أن يستمر.

ثالثاً: إذا كانت نظرة الشيعة الإثنى عشرية إلى الدكتور القرضاوي رأس الوسطية والاعتدال كما يصفه الإخوان والمتساهل في أمور العقيدة كما عند غيرهم فماذا ستكون نظرتهم لمن لا يرى رأي القرضاوي فيهم من علماء السنة الآخرين كعلماء السلفية مثلاً؟ وهذا يعني أن الشيعة قد حسموا أمرهم مسبقاً من أهل السنة سواء كان متساهلاً أو متشدداً سلفياً كان أم إخوانياً من دعاة التقريب أم من محاربيه فالجميع سواء فهم يتحركون من عقيدة متأصلة بتكفير وتبديع أهل السنة وتفسيقهم وتضليلهم، وما سوى هذه من مواقف فإنما هي عبارة عن تقية يمررون بها أهدافهم العدوانية في التبشير لمذهبهم والتصدير لثورتهم، ولن تكون قوتهم وسلاحهم النووي موجهاً لإسرائيل والغرب كما يزعمون وإنما ستكون ضد المجتمعات السنية كما وقف آباؤهم وأجدادهم مع التتار والمغول ضد المسلمين، وكما وقفوا أخيراً مع العرب ضد أفغانستان والعراق وأما مواقفهم من فلسطين ودعمهم لبعض الفصائل وتحديهم الإعلامي للغرب وإسرائيل فإنما يأتي في سياق كسب التعاطف العربي وشراء ولاء بعض المخدوعين بوسائل تسمح لهم بالتمدد، وإضافة إلى أنه تسابق محموم بينهم والغرب للهيمنة على الشعوب العربية واستعمارها واستئثار كل منهم على الجزء الأكبر من خيراتها ومواردها وما حصل في العراق خير دليل على هذا فالجميع لهم أهدافهم الإستراتيجية التوسعية.

رابعاً: من الدروس المستفادة من الهجمة الإيرانية على د/ القرضاوي أنه تبين زيف وكذب دعاة التقريب، فقد أثبت هؤلاء بأنه ليس لديهم أي احترام لأهل السنة أو حتى حرمة وعلى الأصوات النشاز من أهل السنة من دعاة التقريب أن يتقوا الله تعالى في هذه الأمة فإنما أوتيت الأمة من قبلهم وحصل التمدد الشيعي الفارسي بسببهم وإلا فإنهم خونة ومفرطون في حق الأمة كما قال الدكتور القرضاوي.

خامساً: تبقى أن يقوم د/القرضاوي بدعوة علماء السنة لعقد مؤتمر إسلامي عالمي كبير يحضره جميع ممثلي أهل السنة لوضع خطة مناسبة لمواجهة التبشير الشيعي يشترك فيها الحكام والجماعات الصحفيون والكتاب لتدارك الأمر وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وعلى الحكام القيام بواجبهم في دعم العلماء ومساندتهم.

سادساً: الاعتراف لأهل الفضل بالفضل فما من شك بأن الجهود التي تبذلها المراكز والجمعيات السلفية سواء في اليمن أو على امتداد العالم الإسلامي وهي جهود مشكورة قد أعملت ثمارها الطيبة واستطاعت تحصين عدد كبير ممن استطاعت الوصول إليه بدعمه وتوجيه رموز وعلماء الدعوة السلفية في المملكة العربية السعودية وغيرها من البلدان الإسلامية، فما يحذر منه الدكتور القرضاوي اليوم قد قرآنا وسمعنا أضعافه من قبل علماء السلفية فقد كتبوا وأسهبوا وطبعوا ونشروا وبحثوا ووزعوا وحذروا وأنذروا من التمدد الشيعي منذ ما قبل ثورة الخميني وإلى اليوم، وأخيراً على المنتقدين والمعاتبين من مفكري السنة الذين اتحفوا د/القرضاوي بعتابهم ونقدهم طالبين منه إغلاق هذا الملف كالمفكر المعروف الدكتور/ أحمد كمال أبو المجد وبعض علماء الأزهر - على هؤلاء أن ينظروا ماذا حققوا من مصالح للإسلام من التقريب مع الشيعة؟ فإن المعطيات والمؤشرات والقرائن والبراهين تفيد جميعها بأن أهل السنة لم يجنوا أي فائدة تذكر من هذا التقارب في حين حصل ممثلو الشيعة بفضل استخدامهم للتقية أهم قرار وفتوى صدرت عن مجلس التقريب وهي جواز التعبد بالمذهب الجعفري مما سمح له بالتمدد أكثر في البلاد السنية، ثم إن سياستهم ضد الدول العربية تتسم بالعدوانية وتأريخهم جملة من المآسي والآلام خصوصاً أنه بعد قيام ثورتهم بدأت هذه المآسي بحرب العراق تحت مبدأ تصدير الثورة هذه الحرب التي أدت إلى استنزاف أهم دولة عربية وأقوى نظام عربي أجبر الخميني على التراجع بقوة السلاح فعبر عن هزيمته بسحب جيشه قائلاً: "كأني اتجرع كأساً من السم" وبفشلهم في تصدير الثورة بالقوة ذهبوا إلى تصديرها بالتبشير بالمذهب من خلال صنع بؤر في كل دولة عربية تقريباً، من أهم هذه البؤر ما حدث في بلادنا من حرب مدمرة بعد أن نبتت نبتة السوء وترعرعت في صعدة فكان الحصاد المر دماء وأشلاء وأحوالاً مرعبة ومحاولات لتجزئة المجزأ وتفرقة المفرق، وبعض إخواننا من أهل السنة من كبار مفكريها يستكثر على مثل د/ القرضاوي قيامه بتحذير الأمة وقيامه بواجبه المناط به شرعاً بحجة أن ذلك يشكل حاجزاً من حواجز التقريب بين الطرفين:

- أليس حري بهؤلاء الناقدين قبل أن يتحدثوا عن التقريب أن ينظروا ماذا أصاب الأمة جراء السياسة والأفعال الخرقاء لدولة إيران والأطماع التوسعية لها؟

- أليس الأولى أن يعتذروا للأمة عما أحدثته فتاواهم وما جر إليه تفكيرهم.

- فمنذ متى كانت إيران مع العرب تناصر قضاياهم وتقف بجانبهم كما يروج بعض المفتونين؟؟ وما يجب أن يفهم هنا هو بأن إيران لها حساباتها الخاصة التي تخضع لنزعتها التوسعية وأطماعها الذاتية فهي تقف ضد إسرائيل اليوم ولكنها كانت بالأمس غير ذلك فمن الذي قام بتموين إيران بالعتاد والأسلحة في حربها ضد العراق والعرب قاطبة سوى إسرائيل؟ ويمكن الرجوع إلى قصة الطائرة الأرجنتينية والتي كانت تنقل العتاد الإسرائيلي إلى إيران وكذلك قصة صادق طباطباني نائب رئيس الوزراء السابق وصهر الخميني والمقرب منه والذي كان يتردد على إسرائيل لذات الغرض قبل أن تقوم بفضحه المخابرات الألمانية بعرض جواز سفره على الشاشات التلفزة وكان خاتم الدخول إلى إسرائيل مؤرخاً في 6/كانون الأول ديسمبر 1980م ويمكن الرجوع في كل ذلك إلى كتاب "الحرب المشتركة إيران وإسرائيل حقائق ووثائق" للأستاذ/ حسين علي هاشمي، أما تحالفها مع أميركا والغرب عموماً ضد العرب والمسلمين فهو أشهر من أن يذكر فمواقفها من حرب الخليج الثانية ومساندتها للولايات المتحدة في اجتياح العراق وتحطيمه، وكان من نتائج هذا التحالف أن تقوم أميركا بتسليم السلطة في العراق لطلاب الخميني كعبدالعزيز الحكيم، وبحر العلوم وإبراهيم الجعفري وغيرهم كثير وأكثرهم يحمل الجنسية الإيرانية كما هو معروف، وهاهم في العراق يقومون بهوايتهم المفضلة بذبح أهل السنة ذبح النعاج دون أن يعتبروا، كل ذلك وغيره من أفعالهم وإجرامهم حاجزاً من حواجز التقريب بين الطرفين، إن هؤلاء النقادين والمعاتبين لا يمتلكون القدرة على المواجهة فقد استمروا المهادنة والفرار من الزحف تحت حجج ومبررات أوهى من بيت العنكبوت، وهذا ما جعل الدكتور القرضاوي يوجه إليهم نقداً لاذعاً حيث قال: "إن الرائد لا يكذب أهله والآمين لا يخون قومه ولا يسع امرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يغمظ العين على ما يجري من حوله من تشيع المجتمع السني وهو ساكت، وأضاف موجهاً خطابه إلى الدكتور/ أبو المجد: كأنك تريدني يا دكتور أن أخون ديني ورسالتي وأن أضلل قومي وأمتي، وأن أنقض الميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم ليبينوا للناس الحق، وأن أكون شيطاناً أخرس حيث أرى بلاد السنة تنتقص من أطرافها أمام الغزو الشيعي واقف ساكتاً، وأضاف: أنا النذير لقومي يا دكتور والنذير لا يجلس في غرفة مغلقة ويصيح.

"يضرب المثل على خطر التبشير الشيعي بما يجري في اليمن من صراعات دموية بين الدولة والحوثيين الذين كانوا زيدية مسالمين، فلما تحولوا إلى اثنى عشرية انقلبوا على أعقابهم وهذا مثل بارز يشكل الخطر الذي نخافه ونحذر من وقوعه" وللحديث بقية إن شاء الله، والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد